'العنف الرقمي هدفه حرمان النساء من الفضاء العام'

يعد العنف الرقمي من أخطر أشكال العنف التي تواجه المرأة في الوقت الحاضر، هذا ما أكد عليه المشاركون/ات في الندوة العلمية حول آثار الاتصال والتواصل عبر الشبكات الرقمية على النساء

زهور المشرقي

تونس ـ أجمع المشاركون/ات في الندوة العلمية حول "آثار الاتصال والتواصل عبر الشبكات الرقمية على النساء" أن الحريات المتعلقة بالتكنولوجيا هي من الحقوق الأساسية للجميع ومنهم المرأة، مؤكدين على دور الفضاء السيبراني في تحقيق المساواة بين الجنسين.

في قراءات متقاطعة حول العنف السيبراني والحقوق داخل المساحات الإلكترونية في الندوة العلمية حول "آثار الاتصال والتواصل عبر الشبكات الرقمية على النساء" أكد فيها المشاركون/ات على أن الحقوق والحريات المتعلقة بالتكنولوجيا الرقمية تعتبر من حقوق الإنسان الأساسية التي تسمح لجميع الأفراد بالنفاذ إلى المعلومات والتعبير عن آرائهم والتفاعل بحرية مع الجميع والمشاركة في الحياة العامة عبر المنصات الرقمية.

الندوة نظمتها جبهة المساواة وحقوق النساء بالتعاون مع المركز الدنماركي لدراسة القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي والمساواة والتنوع، أمس السبت 9 كانون الأول/ديسمبر، في إطار حملة 16يوم لمناهضة العنف ضد المرأة واحتفالاً بالذكرى 75 لإعلان اليوم العالمي لحقوق الانسان.

وشدد المشاركون/ات على دور الفضاء السيبراني في انتشار فكر وأهداف الحركات الاجتماعية وعلى رأسها الحركات النسوية من حيث تسهيل نشر المعلومات وحشد العامة للنزول للمشاركة في العديد من الفعاليات منها التنديد بالعنف المسلط على النساء.

كما تم التطرق للعديد من القضايا التي باتت مصدر قلق للنساء منها عدم وجود برامج لحماية المعطيات الشخصية والهوية الرقمية وعدم وجود قوانين كافية لردع مستخدمي تقنيات المراقبة والعنف والتحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلى هامش الندوة أكدت استاذة علم الاجتماع فتحية السعيدي أن العنف السيبراني ظاهرة اجتماعية لم تحظى بعد بالدراسات الكافية لتحليلها حتى على المستوى الدولي، كما أنه لم يتم الاعتراف بها كشكل من أشكال العنف ذات التأثير النفسي والاجتماعي على الضحية، بالإضافة إلى أنه لم يُعرف بعد بشكل دقيق حيث توجد العديد من التسميات له كالعنف السيبراني أو الرقمية أو العنف عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها.

 مؤكدة أن العنف السيبراني عنف له أشكال متعددة تتشابه مع أشكال العنف الأخرى "العنف الرقمي يرتكز أساساً على التحقير والتحرش، كونه يرتكز على سرقة الصور من صفحة الفتاة ونشرها بطريقة مسيئة لها أو إنتاج فيديوهات بطريقة فيها ايحاءات بهدف تخويفها أو لتشويه سمعتها، بالإضافة لسرقة بيانات الضحية واستخدامها بشكل مسيء".

وأضافت "من ميزات العنف السيبراني أن آثاره مستمرة حتى بعد نشر صور أو محادثات أو وثائق خاصة بالفتاة فهي لا تتوقف عند الشخص الذي  قام بنشرها، بل من الممكن نسخها وإعادة نشرها لتتسع الدائرة أكثر فأكثر".

وتابعت "أفضل تعريف للعنف السيبراني في نظري هو أن المعنف يشابه الشخص الذي يجلس في مقصورة القيادة في الحروب حيث يقوم بقصف الجميع وهو في مكانه دون أن يأبه لحجم الضرر الذي قد يتسبب به، وهو عنف مبني على النوع الاجتماعي كونه يخضع للهيمنة الذكورية ويركز على تحقير المرأة والمسّ بكرامتها وحرمتها الجسدية والمعنوية، كما أنه يركز على وجه الخصوص في استهداف النسويات لإسكات أصواتهن ومنعهن من أداء أدوارهن، لذلك اعتبره نوع من الاغتيال المعنوي للنساء فهو يهدف إلى تخويفهن وترهيبهن".

كما تطرقت إلى ارتفاع معدلات العنف الرقمي ضد النساء في تونس خاصة مع ارتفاع اللافت للشعبوية التي تحرك الانفعال وتستثمر في الغضب وتحاول  إلغاء الآخر والنخبة.

وعن مكافحة هذا النوع من العنف، أكدت السعيدي أن القانون 58 يفي بالغرض ومن الضروري أن تكسر النساء حاجز الصمت والخوف  وتبلغن عنه.

 

 

 

من جانبها أفادت المختصة في علم النفس سندس قربوج، بأن  العنف السيبراني يضم كافة أشكال العنف التقليدية المتعارف عليها، لافتة الى أن نتائجه مضاعفة حيث أن خطورته تأتي من العلاقة بين المعتدي والضحية ليست علاقة ثنائية نظراً لعدد المتابعين والأشخاص الذين يكونون شهوداً على هذا الشكل من العنف الذين ينقسمون إلى ثلاثة أنواع،  حيث هناك من يسمون شهود العنف السيبراني ينحازون للضحية ويسعون للدفاع عنها وإظهار حقها، لكن دورهم لا يشكلون الأغلبية في القضية فالضحية عادة تلتزم الصمت أو تنخرط في العنف الذي لقيته في دراستها بالسجل الإلكتروني وهو عنف مضاعف مئات المرات على الضحايا  اللواتي يتعرضن للعنف من المعتدي.

وقالت "المشكلة أن هناك إصرار من قبل المعتدي على قلب المسؤوليات، فلطالما رأينا الضحية تتحمل مسؤولية ما وقع لها في العنف غير السيبراني فكيف في هذا النوع من العنف، من وجهة نظر نفسية واجتماعية فإن الفضاء السيبراني هو شكل جديد  من الفضاء العام فالضحية تلام في الفضاء العام وهذا ما يحصل أيضاً بسبب تواجدها في الفضاء الرقمي، وهو الأمر الذي يكشف على الإصرار حول تقييد دور المرأة في الفضاء الخاص وحين تعبر في مواقع التواصل الاجتماعي وتنشر نشاطاتها يتم تحليلها وتتهم بأنها مسؤولة عن ما تتعرض له".

وأكدت سندن قربوج أنه خلال الحديث مع الضحايا تتكرر كثيراً كلمة "فضيحة وعار، تفضحت، نخاف نتفضح"، كل ذلك لأنها تتعرض للتهديد، والمعنفات رقمياً عادة ما يشعرن بالذنب وتأنيب الذات وجلدها  لأن المجتمع يحملهن كامل المسؤولية فيما حدث لهن.

 

 

 

وفي ذات السياق أكدت عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بمحافظة قبلي نعيمة ين منصور أن الرابطة تستقبل في مركز الاستماع لضحايا العنف الخاص بها المعنفات رقمياً، خاصة في ظل غياب تطبيق القانون 58 الذي لم يقدم لهن الحماية الكافية، مشيرة إلى  أن العديد من المعنفات تجهلن الطريقة الصحيحة لإثبات تعنيفهن، لذلك تقوم خلية الرابطة بتوجيههن لتقديم ملفاتهن للعدالة بالشكل الصحيح.

ونوهت أن القانون 58 أشار إلى هذا النوع من العنف بشكل غير واضح "هذا العنف يحرم المرأة من التواجد في الفضاء العام والخاص أيضاً وبالتالي تكون  معرضة للإقصاء وعدم المشاركة عبر الفضاء الافتراضي، هو تهديد للنساء ومس من حقوقها وحرياتها".