المرحلة الثانية من دعوة السلام خطوة رمزية نحو مصالحة شاملة
أكدت شادي صمد أستاذة وناشطة سياسية، أن المرحلة الثانية من دعوة "السلام والمجتمع الديمقراطي" بقيادة القائد أوجلان شهدت خطوات رمزية لتعزيز مسار السلام، بمشاركة فاعلة من النساء ومقاتلي حركة الحرية.
					هيلين أحمد وديفان سيهاد
رانية ـ في 27 شباط/فبراير الماضي، وبعد انعقاد المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني وإعلان القائد عبد الله أوجلان عن انطلاق مسار السلام، جاءت خطوة جديدة في 26 تشرين الأول/أكتوبر الماضي لتؤكد المضي قدماً في هذا المسار، وتفنّد محاولات التشويش عليه، ففي هذا اليوم، أطلقت حركة الحرية المرحلة الثانية من دعوة "السلام والمجتمع الديمقراطي"، بمشاركة فاعلة وريادية من النساء.
في إطار المرحلة الثانية من دعوة "السلام والمجتمع الديمقراطي"، انسحبت حرية الحرية من شمال كردستان وتركيا باتجاه مناطق الدفاع المشروع، في خطوة رمزية تعبّر عن الالتزام بمسار السلام، هذه الخطوة جاءت امتداداً لنشاطات متواصلة منذ انطلاق المرحلة الأولى.
من جبال كردستان إلى ساحات العالم نداء السلام يتجدد
شادي صمد، أستاذة وناشطة سياسية، تناولت في حديثها مسار السلام وخطوات المرحلة الثانية التي أطلقها مقاتلو حركة الحرية، مشيرةً إلى أن العملية التي يقودها القائد عبد الله أوجلان في شمال كردستان باتت نموذجاً يُحتذى به في الشرق الأوسط والعالم.
وأوضحت أن القائد أوجلان، منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، بذل جهوداً متواصلة لإرساء السلام في المنطقة، إلا أن الدولة التركية، التي سعت باستمرار إلى طمس الوجود الكردي، رفضت الاعتراف بهذه المبادرات.
وقالت إن تفاقم الأزمة السياسية في تركيا دفعت السلطات إلى اللجوء إلى القائد أوجلان، على أمل أن تسهم عملية السلام في تخفيف حدة التوتر الداخلي، وبعد أربعة عقود من الصراع وسفك الدماء دون نتائج ملموسة، بدأت الدولة التركية ترى فيه مخرجاً من أزمتها، ما أعاد قضية السلام إلى الواجهة، وفتح الباب أمام تجاوز الخسائر التي لحقت بالبلاد.
وأشارت شادي صمد إلى أن عملية السلام سرعان ما لاقت صدى عالمياً، خاصة مع انخراط نواب حزب المساواة وديمقراطية الشعوب في نقل رسائل القائد أوجلان إلى الشعبين الكردي والتركي، في ظل أجواء من التفاؤل والتطلع إلى مستقبل مشترك.
وذكرت أنه في خطوة رمزية، قام مقاتلو حرية الحرية بإتلاف أسلحتهم في كهف جاسنه بمدينة السليمانية، بحضور ناشطي السلام وممثلي الإعلام المحلي والدولي، في رسالة واضحة على التزامهم بالسلام، رغم محاولات التشويش والتشكيك في جدية العملية، ولاحقاً، تحركت مجموعة أخرى من المقاتلين من جبال الحدود التركية نحو جبال قنديل، لتجديد التزامهم بالمرحلة الثانية من العملية، حيث عُقد مؤتمر صحفي بمشاركة المقاتلين، وبحضور صحفيين من داخل وخارج البلاد، جددوا فيه دعمهم للمسار السلمي من قلب جبال قنديل.
"تركيا لم تتخذ خطوات جدية وحرية القائد شرط نجاح العملية"
وأوضحت شادي صمد أن الدولة التركية رغم حديثها المتكرر عن السلام، لم تتخذ حتى الآن خطوات جدية نحو تحقيق مصالحة حقيقية بين الشعوب "تركيا تروّج لمسار السلام، لكنها لم تُقدم على أي إجراءات عملية ضمن هذا الإطار، ولهذا يواصل مقاتلو حرية الحرية أداء دور ريادي في الحفاظ على القضية، في وقت بات فيه العالم يترقب موقف تركيا من هذه العملية".
وبيّنت أن نجاح عملية السلام يتطلب جملة من الخطوات الأساسية، تبدأ بإطلاق سراح القائد عبد الله أوجلان، ثم الإفراج عن المعتقلين السياسيين في شمال كردستان، الذين ناضلوا لسنوات من أجل الحقوق الكردي، مشددةً على ضرورة الاعتراف باللغة الكردية في التعليم والحوار، وإنهاء سياسات القمع التي يتعرض لها الشعب الكردي في تركيا، خاصة النساء اللواتي يواجهن تحديات كبيرة في المجتمع.
وأشارت إلى أن "الدولة التركية، رغم المبادرات المهمة التي أطلقها القائد أوجلان وحركة الحرية، لا تزال ترفض الانخراط الجاد في مسار السلام، وغالباً ما تربط الحديث عنه بإنهاء ما تسميه الإرهاب، لتعود لاحقاً وتصف الكرد بالإرهابيين، مما يقوّض مصداقية العملية ويعرقل تقدمها".
وشددت شادي صمد على أن الدولة التركية ما تزال تسعى بشكل ممنهج إلى طمس الهوية الكردية، إذ تمنع سكان المناطق المهجّرين من العودة إلى ديارهم، وتواصل قصف المناطق الحدودية، بل وتتوغل في عمق الأراضي، مما يفاقم معاناة المدنيين، مشيرةً إلى أن هذه السياسات، التي تدّعي أنها جزء من عملية السلام، أدت إلى تصاعد العنف ضد النساء وتقييد حرياتهن.
ورغم هذه الانتهاكات، أكدت شادي صمد أن الشعب الكردي لم ينجرّ إلى حرب خاصة، بل ظل متمسكاً بالأمل في حل سلمي حقيقي، مضيفةً أن قضية السلام لا تخص جهة واحدة، بل هي مسؤولية جماعية تشمل النساء والمجتمع بأسره، داعياً إلى مواصلة دعم هذا المسار.