المرأة ضحية النظام الأبوي والاحتلال

تحت عنوان "العنف الممارس ضد النساء من قبل الذهنية الأبوية والاحتلال"، نظمت مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام، ندوة رقمية استضافت عدداً من الناشطات من مختلف الدول العربية.

كارولين بزي

بيروت ـ أكدت المشاركات في الندوة الرقمية أن المرأة في العالم تكيل النضال بمكيالين، النضال المجتمعي والنضال ضد الاحتلال.

تعاني النساء في مختلف الدول العربية من العنف الجسدي والجنسي والاضطهاد النفسي بالإضافة إلى الخطف والقتل، والشاهد على هذه الممارسات الإيزيديات في إقليم كردستان، وفق ما ذكرت عضوة منظمة الواحة الخضراء كريمة جاسم "الإيزيديات في إقليم كردستان عانين من الخطف والقتل خلال الفترة المظلمة، وهي فترة وجود داعش. بالإضافة إلى الاحتلال التركي لإقليم كردستان وشمال وشرق سوريا".

ولفتت إلى أنه بسبب الاحتلال التركي لبعض أراضي إقليم كردستان تم تهجير عدد من القرى، مشددةً على ضرورة اتحاد وتكاتف الدول التي تتعرض للاعتداءات التركية.

ولا يعتبر الاحتلال وحده المشكلة في العراق، بل كغيره من الدول العربية والشرق أوسطية، تعاني المرأة فيه من النظام الأبوي، لافتةً إلى غياب المرأة عن المراكز القيادية وإن استطاعت أن تصل إلى مركز قيادي تصبح محط سخرية لدى الرجال وصولاً إلى إجبارها على الرحيل.

وأشارت إلى أن المرأة الريفية في العراق لا ترث أرضاً زراعية خوفاً من مصادرة هذه الأرض لزوجها أو ابنها، فهي تعمل مقابل مأكلها وملبسها فقط، وهذه الظروف هي عنف بحد ذاته. كما تطرقت إلى ظاهرة مهمة وخطيرة وهي قضية الاتجار بالبشر التي تواجهها النساء.

وعن دور الجمعيات والمنظمات النسائية في العراق، أكدت أن هذه المنظمات تنظم دورات توعوية للنساء. لافتةً إلى أن قضية قتل النساء لن تغيب عن واقع المرأة العراقية بذريعة "الشرف"، هذه الجرائم التي لا يحميها القانون والمجتمع الذي يتستر عليها.

 

محاولة استخدام المرأة كوسيلة لتبرير الهجمات في شمال وشرق سوريا

وبدورها تناولت عضوة أكاديمية جنولوجيا نوجين يوسف خلال اللقاء، العنف الذي يُمارس ضد النساء وإنجازات المرأة في شمال وشرق سوريا، معتبرةً أن القرن الواحد والعشرين هو قرن المرأة.

كما تناولت أيضاً التفجير الذي وقع في إسطنبول والذي تم اتهام امرأة به، مروراً بالثورة النسوية في إيران، مشيرةً إلى أن هناك محاولة لاستخدام المرأة كوسيلة لتبرير الهجمات بشكل مباشر أو غير مباشر.

ولفتت نوجين يوسف إلى أن تركيا تخاف من مواجهة المرأة في شمال وشرق سوريا، لأن وحدات حماية المرأة استطاعت أن تدحر مرتزقة داعش وتؤسس قوة عسكرية وسياسية ودبلوماسية للمرأة.

كما تحدثت عن الهجمات التركية الأخيرة التي أدت إلى تدمير المستشفيات، المراكز الاقتصادية، الإدارات الأساسية ورياض الأطفال، وعن الأطماع التركية في شمال وشرق سوريا "تركيا تقول بأنها تحمي حدودها علماً أننا لسنا في حرب مع تركيا حتى تحمي حدودها، لكنها لا تستطيع أن تتقبل المسار الديمقراطي في شمال وشرق سوريا ولا تتقبل إدارة المرأة في الشرق الأوسط". 

 

"سنقاوم حتى آخر نقطة دماء"

وأكدت نوجين يوسف أن النساء من كافة مكونات المنطقة ستتكاتفن وتتوحدن لحماية إنجازات ثورة المرأة في روج آفا، "الاعتداءات التركية هي لضرب إرادة الشعب، وضرب إنجازات المرأة في المنطقة".

وبينت أن العنف الذي تمارسه الدولة التركية من خلال اعتداءاتها لا تُمارسه فقط بحق المرأة في شمال وشرق سوريا، بل أيضاً هي تقوم باعتقال آلاف الناشطات والإعلاميات والمثقفات والبرلمانيات في تركيا.

وأشارت إلى استشهاد عدد من القياديات العسكريات، مؤكدةً على أن تركيا تختار النساء الرائدات اللواتي تستطعن أن تغيرن المجتمعات وتستهدفهن "نحن نعطي عهداً، بأننا بكل قوتنا وجسارتنا سنغير الواقع ونعطي مجالاً أكبر للمرأة لكي تثبت نفسها في مختلف المجالات وسننظم ندوات وورشات توعوية لتدريب النساء كيف تحمين أنفسهن".

ولفتت إلى دور مؤتمر ستار والمنظمات الموجودة في شمال وشرق سوريا التي أعلنت جميعها النفير العام على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والدبلوماسية "نحن مستعدون للقيام بأي شيء لنحمي أرضنا ونحمي النساء ولن نسمح للدولة التركية أن تحقق مآربها، وسنقاوم حتى آخر نقطة دماء".

 

"نصيب المرأة الصحراوية من التنكيل"

من شمال وشرق سوريا إلى الصحراء الغربية، لعبت المرأة دوراً مقاوماً للاحتلال. في مداخلة لها تحدثت الغالية محمد المدافعة عن حقوق الإنسان وعن الحق في تقرير المصير للشعب في الصحراء الغربية، عن مقاومة المرأة الصحراوية في مخيمات اللاجئين.

وقالت "أعتقد أنه نظراً لعدم تواصلنا مع العالم العربي ومع النساء خاصةً فيما مضى تغيب الصورة الحقيقية للمرأة الصحراوية"، مضيفةً "منذ أن تم تقسيم الصحراء الغربية في أواخر 1975، تواجه المرأة في الصحراء الغربية التنكيل، نظراً لمكانتها في المجتمع الصحراوي عموماً وفي الثورة الصحراوية خصوصاً".

ولفتت إلى أن الممارسات ترقى لتكون جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، كالإبادة الجماعية والتهجير القسري والاختفاء القسري الذي كانت الغالية محمد إحدى ضحاياه.

وكشفت بأن المرأة الصحراوية لا تعاني من ممارسات ذكورية لأن وضعها الاجتماعي ضمن الثقافة الصحراوية البدوية يضمن لها مقاماً رفيعاً في المجتمع عموماً، وداخل الأسرة خصوصاً.

ولفتت إلى العنف الذي مورس على النساء الصحراويات متحدثةً عن تجربتها كناجية من الاختفاء القسري بعد حوالي أربع سنوات في أواخر الثمانينات "وجودي بينكم يثبت لكم استمراريتنا وإيماننا بالنصر والحرية والكرامة والريادة للمرأة القوية. العنف الجسدي الذي يعتبر جريمة في القوانين الدولية وكذلك جريمة في أخلاقياتنا أصبح وسيلة من بين وسائل أخرى تُهان بها المرأة".

وأكدت بأن الاختفاء القسري لم يدفعها إلى التراجع بل ولا تفكر بذلك، موضحةً أن الاختفاء القسري كان في سجون بعيدة وغير مرتبطة بالعالم الخارجي "كانت أعيننا معصوبة حتى أربعة أيام قبل خروجنا من الأسر. الإرادة كانت الداعم النفسي لي، بالإضافة إلى إيماني بالقضية التي أدافع عنها".

 

"المرأة الفلسطينية تحارب على كافة الجبهات"

أشادت مسؤولة الشابات في اتحاد لجان المرأة الفلسطينية رندة حرارة بتجارب المشاركات في الندوة الحوارية "بالرغم من كل الألم ولكن ما سمعته من التجارب السابقة يؤكد لي بأن هذا الألم هو الذي يخلق الإبداع لدى المرأة".

وأضافت "المرأة تكيل النضال بمكيالين، النضال المجتمعي والنضال ضد الاحتلال. في فلسطين المرأة تعاني من النظام الأبوي ومن الاحتلال. المرأة الفلسطينية تحارب على كافة الجبهات، بدءاً من الأسيرات الموجودات في سجون الاحتلال، الأمر الذي يثير في نفوسنا حسرة على النساء اللواتي اكتوين بنار الفراق واللوعة على أولادهن لأجل غير مسمى، هن 35 أسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي. هؤلاء الأمهات عانين من كافة أنواع التعذيب الذي انتهجه الاحتلال".

لم تقدم المعاهدات الدولية وعلى رأسها اتفاقية "سيداو" الدعم للمرأة نظراً لعدم إلزاميتها إن كان للاحتلال أو للأنظمة الموقعة عليها.

في ظل نظام أبوي وعدم إلزامية المعاهدات والقوانين وغياب الإرادة السياسية تبقى هذه القوانين حبراً على ورق، وفق ما قالت رندة حرارة.

وعددت أنواع العنف الذي يقع على النساء وتقول "يقع على النساء عنف جسدي، نفسي، جنسي واقتصادي. الأمر يتطلب عملية تثقيف للنساء والرجال على حد سواء من خلال ورشات عمل لرفع مستوى الوعي لدى المجتمع تجاه قضية المرأة لأن قضية المرأة هي قضية المجتمع بكل مكوناته".

وأضافت "نحن نحاول أن نتمرد على هذا الواقع المرير بأنه على المرأة ألا تخضع لهذه القوانين البالية، إذ أن العادات والتقاليد والنظام الأبوي هم من أسوأ ما نعيشه في فلسطين إلى جانب الاحتلال".

 

"قتل النساء وزواج القاصرات في مصر"

شهد المجتمع المصري في الآونة الأخيرة سلسلة جرائم مورست بحق النساء والفتيات في الشارع لأسباب عدة وأبرزها رفض الفتاة الزواج من زميل أو صديق، وكان لبعض هذه الجرائم تبريرات كالعادة وتحميل الضحية مسؤولية مقتلها.

عما تتعرض له المرأة من عنف ولاسيما في الآونة الأخيرة في مصر، اعتبرت الصحفية والباحثة ولاء أبو ستيت أن "المجتمع المصري والمجتمعات العربية على مدار العشر سنوات الأخيرة شهد ردة فعل ثقافية وفكرية واجتماعية رهيبة، ربما تكون أحد ملامحها القتل باسم الحب".

عن الأطراف التي تدعم القاتل، اعتبرت أن هذه الحالة نشاهدها بأشكال مختلفة، وهي في مواجهة المرأة وضدها "عندما توضع المرأة بمواجهة الرجل في أي أزمة من الأزمات، هناك أطراف ومن دون أن تعرف الحقيقة أو تفكر بأن تنحاز إلى الحق تذهب وتساند مباشرةً الرجل باعتباره الطرف الأقوى".

إلى جانب العنف الممارس ضد النساء، ذكرت ولاء أبو ستيت مشهد آخر من العنف وهو زواج القاصرات الذي يمنعه القانون ولكن يتم بالفعل في الأرياف تحت مسمى "الزواج العرفي" حتى تبلغن السن القانونية حيث يتم تزويجهن بشكل رسمي.