المرأة بين الماضي والحاضر

أملنا أن ننشر الوعي لكي نربي أطفالنا تربية لا تقوم على التمييز بين الذكر والأنثى، فحينما يعتاد الطفل على احترام أخته ورغباتها وحريتها وكيانها، ويشعر أنه لا يتفوق عليها بشيء إلا بعمله واجتهاده، سيحترم زوجته وابنة الجيران والسيدة المارة في الشارع...

مقال بقلم الكاتبة نيكول صخر

اعتاد الرجال التغزلَ بالمرأة حتى لو كانت قصيدتهم ليست في الغزل.. وكأنهم يريدون أن تبدأ كل مآثرهم بلمسة رقيقة..

بينما كانوا في وقت آخر يؤدونها تحت التراب حية وهي لاتزال رضيعة، خوفاً من العار الملاصق لها دون ذنب منها، وإن حالفها الحظ ولم توأد، تبدأ رحلة معاناتها وموتها البطيء، فتقضي عمرها في الخدمة وتكون ككيس الرمل يفرغ عليها الرجال غضبهم وذكوريتهم في الصباح، ووعاء يفرغون فيه شهواتهم في الليل.

والأنكى من ذلك هي فرض الرجال ذوي السلطة على النساء أن تكن جواري، حيث تكون المرأة كالدمية الجنسية انما بروح وشعور مكسورين!!

ومضى الزمان وتطورت المجتمعات وتطورت معها النظرة للنساء، وأصبحت المرأة عورة، وفي رواية أخرى جوهرة ثمينة وجب تغطيتها بالأسود كاملة وطمس هويتها ووجودها... إنها جوهرة لكن من الطبيعي ضربها عند النشوز!

ومن الطبيعي تلبية رغبات زوجها مهما كان وضعها وإلا ستلعنها الملائكة حتى الصباح!

ومن الطبيعي أن تغسل الأخت جوارب أخيها، وألا تخرج إلا بإذنٍ وترجّي، وأن تلبس وتأكل وتنام وتقوم وفق ما يمليه عليها رجل البيت!

وأقل من الطبيعي قتلها!!! إذا شكّ رجل العائلة إن كان أباً أو أخاً أو زوجاً إذا شكّ لمجرد الشكّ أنها قامت بعلاقة جنسية ما!

بينما يسرح الرجال ويمرحون كيفما شاءوا، ويمارسون ما يرغبون به فالرجل لا يعيبه شيء!

جاءت المنظمات وتطورت ظاهرياً النظرة للنساء، وتطورت معها القيود لتصبح حضارية ومزركشة أكثر...

فبات يسمح لهن العمل خارج المنزل جنباً إلى جنب مع الرجال، وتطور دورهن من مجرد خادمات ومربيات لعاملات ينتجن نقوداً، وضماناً اجتماعياً للرجل، فراح يبحث عن العاملة للزواج فأعباء الحياة أكبر من أن يتحملها وحده..

وفي ميدان العمل كان هناك تحديات أكبر، حتى أن بعض النساء تضطررن لتقديم تنازلات جسدية، واستخدام مفاتنهن ليحصلن على عملٍ أو ترقية!

لترزح المرأة تحت كم هائل من المسؤوليات دون أن يساندها الزوج في معظم الأحيان، وليكون عليها كل أعباء المنزل والأطفال إضافة لعملها!

فالرجل عيب عليه وعار أن ينظف الأطباق، أو يكنس الغبار، أو ينشر الغسيل، وليس عليه أن يستيقظ في الليل مع ابن او ابنة ويسهر معه، أو حتى في معظم الأحيان يتحمل حتى بكاءه!

وكل هذا ليس له قيمة مقارنةً مع الاغتصاب الزوجي الذي مهما حاولت المنظمات الإنسانية نشر الوعي للتخفيف منه فلا نتيجة!

وكأن الجنس حق للرجل وواجب على المرأة، دون أدنى اعتبار لشعورها أو حاجتها، بل وتقع الطامة الكبرى إن أعربت أو صرّحت عما يرضيها في العلاقة الزوجية! عندها ستكون بلا حياء وقد يصل بالزوج أن يشك بها أنها قد تكون على علاقة مع أحد آخر غيره!

والرجال الذكوريون في كفة والنساء الذكوريات في كفة أخرى لابل قد ترجح كفتهن حنقاً وبأساً! فيشتمن ويتكلمن ويفضحن ويعنفن نساء أخريات، ليثبتن أنهن "الأشرف" وكأنهن في ميدان سباق!

كل ذلك لينلن استحسان الرجال وثناءهم على أخلاقهن المذهبة فهن أصلح للزواج من غيرهن!!

حتى أنهن قد يزدرين النساء اللواتي تطالبن بحقوقهن وكأنهن فرحن بنير العبودية وتآلفن معه بل وربما أحببنه!

فتطال ألسنتهن المطلقات ويعيرونهن أكثر من الرجال!

ويوصمن الإناث اللواتي تأخرن بالزواج ويصررن على تسميتهن "بالعوانس" أكثر من الرجال!

فحقاً لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها

أملنا أن ننشر الوعي لكي نربي أطفالنا تربية لا تقوم على التمييز بين الذكر والأنثى، فحينما يعتاد الطفل على احترام أخته ورغباتها وحريتها وكيانها، ويشعر أنه لا يتفوق عليها بشيء إلا بعمله واجتهاده، سيحترم زوجته وابنة الجيران والسيدة المارة في الشارع...

ربوا ابناءكم جيداً فلربما ينهض مجتمعنا من تخلفه ورجعيته على أيديكم.