المرأة الفلسطينية... نضال لا يتوقف في وجه الحرب
تطالب الصحفيات الفلسطينيات اللواتي تسعين لنقل الحقيقة في ظل تصاعد العنف في قطاع غزة واشتداد الأحداث في الضفة الغربية، بضرورة تنفيذ المواثيق الدولية لضمان سلامتهن خلال النزاعات المسلحة، وتوفير الحماية من الاعتداءات والاعتقال التعسفي.
نغم كراجة
غزة ـ ترتفع الأصوات لتذكير البشرية بمعاناة المرأة الفلسطينية، تلك التي تواصل صمودها، خاصة هؤلاء العاملات في الصحافة اللواتي تؤكدن على أن نضالهن سيستمر ضد الانتهاكات الصارخة التي يتعرضن لها، وتسعين لإبراز شجاعة أقلامهن التي أبت الانحناء تحت وطأة العنف المتواصل.
تقول الصحفية مادلين شقليه أن التركيز على قضايا المرأة الفلسطينية، ولاسيما الصحفية، أصبح ضرورة قصوى في هذه الفترة "الفلسطينيات يحفرن نضالهن في ذاكرة التاريخ، ومع تصاعد الانتهاكات بحقهن وبحق وطنهن، بات من الملحّ أن ينظر العالم بعين الاعتبار لتضحياتهن".
وأضافت "رغم الألم والخطر، أصرّت الصحفيات الفلسطينيات على البقاء في ميادين العمل حيث واجهن الاستهداف المباشر ومخاطر الموت المحدق، كما حدث معي حين فقدت شقيقتي وابنتها في غارة إسرائيلية العام الماضي، وشعرت بحرقة الفقدان إلا أنني تمسكت بعملي، واستمريت في نقل صوت شعبنا".
وتطالب مادلين شقليه بضرورة تنفيذ المواثيق الدولية التي تكفل الحماية للصحفيات، وضمان سلامتهن، ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 68/163 الصادر عام 2013، والذي يدين العنف ضد الصحفيين في النزاعات المسلحة ويدعو إلى تأمين سلامتهم، وتؤكد على أهمية التزام الأطراف بميثاق الحقوق المدنية والسياسية الذي يحمي حق الصحفيين في التعبير وتبادل المعلومات بحرية، ويطالب بتوفير الحماية من الاعتداءات والاعتقال التعسفي.
وقد أصدرت لجنة المرأة في نقابة الصحفيين الفلسطينيين بمناسبة اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية الذي يصادف السادس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام؛ ورقة موقف تسلط الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجه الصحفيات الفلسطينيات في ظل الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وفي ظل هذا الواقع العنيف أحيا هذا اليوم ذكرى الصحفيات اللواتي قدّمن أرواحهن في سبيل الحقيقة، وشكل فرصة للتأكيد على مبادئ حرية الصحافة ولفت الأنظار إلى الظروف الصعبة التي تكابدها الإعلاميات والصحفيات، والضغوطات التي يواجهنها، فهن تعشن أوضاع استثنائية فاقمت من الأعباء التي تقع على عاتقهن، مع التصعيد اليومي الذي يشهده قطاع غزة، مما فرض تحديات غير مسبوقة على العاملين في الحقل الإعلامي. هذه التحديات تتطلب منهن نقل الجرائم المتواصلة، وإبراز المآسي التي يعاني منها شعبهن، وذلك في ظروف تتسم بالخطر الداهم.
ورغم ذلك، استطاعت الصحافة الفلسطينية أن تبرز قدرتها على التكيف مع الأزمة، مشكّلة بذلك تجربة ملهمة في مواجهة العنف المتزايد الذي أوجدته الظروف، فقد واصلت الصحفيات عملهن بصلابة حتى مع تدمير المقار الإعلامية واستهداف الصحفيين بشكل مباشر، هذا الصمود يعكس تراكم التجارب الفلسطينية في مواجهة اجتياحات المدن، واستهداف الإعلاميين في الضفة الغربية، وجرائم القتل والاستهداف العلني.
خلال عام واحد فقط من حرب الإبادة الجماعية في غزة، فقدت الصحافة الفلسطينية 22 صحفية، وأصيبت مثلهن فأكثر، فيما تجاوز عدد النازحات 90% من الصحفيات اللواتي هُدمت بيوتهن بشكل كلي أو جزئي، هذه الخسائر البشرية الفادحة لم تشمل فقط تدمير منازلهن، بل أيضاً فقدانهن لأقارب وأحباء تحت وقع العنف المستمر.
وفي ظل هذا المشهد المظلم، تتعاظم أهمية توفير الحماية للصحفيات، لا سيما مع تصاعد العنف في غزة واشتداد الأحداث في الضفة الغربية حيث يعكس هذا الصراع العنيف واقعاً قاسياً يؤثر سلباً على حياة الصحفيات الفلسطينيات، ويفرض عليهن مخاطر لا يمكن التغاضي عنها.
ودعت لجنة المرأة لضرورة تأمين حماية الصحفيات الفلسطينيات أثناء أداء مهامهن، بما يشمل ضمان عدم تعرّضهن للاعتداءات أو القتل، وتقديم برامج تدريبية تهدف إلى تعزيز معارفهن في مجال السلامة المهنية وحقوق الإنسان، وذلك ليتمكن من التعامل بفعالية مع الظروف القاسية التي تفرضها هذه الحرب.
وطالبت بفتح تحقيقات نزيهة في كافة الانتهاكات التي تتعرض لها الصحفيات من قِبل القوات الإسرائيلية، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، ودعم المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية يعد مطلباً أساسياً لتعزيز سلامة الصحفيات، وتوفير بيئات عمل آمنة، تمكنهن من تأدية أدوارهن دون تهديد لحياتهن.
وفي سياق تصاعد المخاطر، تتطلع الصحفيات الفلسطينيات إلى أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، وأن يعزز الوعي بالمخاطر التي يواجهنها، فالإعلام ليس مجرد مهنة، بل إحدى أدوات المقاومة السلمية، ورمز لحرية التعبير.