المجتمع المدني ينتقد المسار الانتخابي في تونس
عقدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ندوة صحفية انتقدت فيها المسار الانتخابي المفضي للانتخابات الرئاسية القادمة.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ تم تخصيص ندوة صحفية لتقديم قراءة للمسار الانتخابي التونسي تحت عنوان "أية انتخابات رئاسية في ظل أزمة شاملة وغياب الضمانات الديمقراطية" وجاء ذلك في ظل ما تعيشه البلاد على وقع المسار الانتخابي المفضي للانتخابات الرئاسية القادمة.
جاء في الندوة الصحفية أن السلطة القائمة تواصل تنفيذ مسار انتخابي على قياسها دون أي اعتبار لمواقف أغلب المتابعين والمعنيين بالعملية الانتخابية من أحزاب ومؤسسات سياسية ومنظمات المجتمع المدني وخبراء وحتى دون احترام المعايير الدولية للانتخابات.
ولطالما نبهت مختلف تلك القوى، ومن بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى أن هذه الانتخابات تأتي في ظل أزمة شاملة تعيشها البلاد وفي وضع تفاقم فيه فقدان المواطنين للثقة في المستقبل والأمل في حياة كريمة وظروف عيش أفضل بما يحد بشكل صارخ من ممارستهم لحقهم في المشاركة السياسية وإدارة الشأن العام وحرية الاختيار، ويضع نزاهة الانتخابات وديمقراطيتها ومدى تعبيرها عن الإرادة الشعبية محل التساؤل.
ويتسم هذا الوضع خاصة بمناخ سياسي لا يسمح بانتخابات ديمقراطية وتعددية مع إرساء حكم فردي تتغول فيه رئاسة الدولة على بقية المؤسسات، وتُخضع فيه السلطة التنفيذية بقية السلطات والمؤسسات المستقلة والتعديلية، وتهمش دور الهياكل التمثيلية والأجسام الوسيطة، ويتم تصحير الحياة السياسية عبر شيطنة الأحزاب والعمل السياسي واخضاع القضاء وتحويله إلى عصا بيد السلطة القائمة لضرب معارضيها وخصومها باستخدام ترسانة من القوانين والمراسيم القمعية وعلى رأسها المرسوم 54 لسنة 2022.
وتصاعدت أشكال التضييق على الحريات وانتهاك حقوق الانسان، حيث تكثفت شتى الملاحقات ضد النشطاء السياسيين والمدنيين المعارضين والصحفيين المستقلين في قضايا غابت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة وتم خلالها الدوس على حقوقهم الأساسية ورافقتها في أغلب الأحيان حملات التخوين والتحريض ضد كل معارض أو ناقد.
كما تصاعد التضييق على حرية التعبير والصحافة والإعلام، وتواصل السلطة وضع يدها على المؤسسات الإعلامية العمومية والسعي إلى اخضاع بقية المؤسسات والمنابر الإعلامية من أجل طمس التنوع في المشهد الإعلامي وتحويلها إلى بوق دعاية.
وأكدت الرابطة التونسية في بيانها على أن الوضع اتسم بمناخ اقتصادي واجتماعي أدى إلى فقدان المواطنين الثقة في المستقبل وعزوفهم عن الحياة السياسية والمشاركة في الشأن العام، حيث تتسم بتفاقم معاناة المواطنين من الأزمة الاقتصادية الحادة ووصولها إلى مراحل غير مسبوقة من ارتفاع جنوني في الأسعار وفقدان المواد وتدهور الخدمات العمومية الأساسية من ماء وكهرباء وصحة ونقل، وسط غياب لأي سياسة واضحة وعقلانية لمعالجة هذه الأوضاع وإصرار السلطة على تعليقها على شماعة مؤامرات وهمية يحيكها مناوئون وهميون وذلك للتملص من المسؤولية في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب من جهة واستعمال الأزمة للتحريض على المعارضين على سياستها من جهة أخرى.
واعتبرت في بيانها أن المسار الانتخابي لا يؤسس، قانوناً وممارسة، لانتخابات نزيهة وشفافة، إلى جانب إضعاف المؤسسات الرقابية الضامنة لنزاهة الانتخابات وشفافيتها، حيث تمثل إجراءات الإخضاع شبه التام للهيئة العليا المستقلة للانتخابات أبرز دليل على ذلك من خلال تعيين رئيس الجمهورية نفسه لرئاستها وبعض أعضائها.
كما تتأكد نية السلطة التنفيذية على تحجيم دور المؤسسات الرقابية من خلال التجميد الفعلي لدور "الهايكا" ودورها في مراقبة وسائل الإعلام والحملات الانتخابية رغم عدم وجود قرار رسمي في الغرض.
وكذلك إخضاع ممنهج للسلطة القضائية وتحويلها من سلطة رقابية مستقلة على العملية الانتخابية وضامنة للحقوق والحريات إلى وظيفة لتصفية الخصوم السياسيين وأغلب المترشحين لحرمانهم من حق المشاركة فيها، هذا فضلاً عن عدم تركيز المحكمة الدستورية في عملها.
كما لفتت الرابطة إلى انتشار خطاب الكراهية والتشويه والتخوين والدعوة للعنف والانتقام من كل من يخالف أو يعارض الرئيس في بعض مواقع التواصل الاجتماعي وحتى داخل مؤسسة تشريعية، وذلك في ظل تجاهل وصمت مريب في أغلب الحالات من قبل النيابة العمومية.
الرابطة التونسية للدفاع
أوضحت الرابطة أن كل المؤشرات تؤكد أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لا يمكن أن تكون نزيهة وشفافة، ولا تضمن تعددية حقيقية، ولا مساواة حقيقية للمترشحين، وهي بالتالي لن تعبر عن حقيقة الإرادة الشعبية.
وبناء عليه تدعو كافة مكونات المجتمع المدني والقوى الحية الديمقراطية التقدمية إلى رفع وتيرة النضال وتوحيد الصفوف والجهود من أجل التصدي للانحراف الذي تتصف به السلطات والدفاع عن الحقوق والحريات العامة والفردية وإلى العمل المشترك من أجل المحافظة على مكتسبات الثورة التي حققها الشعب التونسي.
المجتمع المدني يواجه الصعوبات
حول دور المجتمع المدني في المسار الانتخابي قالت فاطمة الأندلسي عضوة سابقة بمنظمة عتيد أن "المجتمع المدني يواجه العديد من الصعوبات، ومنذ عام 2011 تم تأسيس منظمات عريقة على غرار عتيد ومراقبون والشاهد وأنا يقظ وشباب بلا حدود، جمعيها شاركت بمراقبة المسارات الانتخابية السابقة إلا إنه في ظل هيئة الانتخابات الحالية نتساءل هل ستحصل على الاعتماد للمراقبة أم لا".
وأضافت أن المجتمع المدني يعاني من شح الإمكانيات والتمويل الذي يحول دونه أن تكن متواجدات في جميع المراكز والقاعات، مشيرةً إلى أن "منظمة عتيد شاركت في انتخابات 2014 بأكثر من أربعة آلاف ملاحظ بينما حالياً العدد سوف يتراجع كثيراً"
وبخصوص حضور المرأة في هذا المسار قالت إن "الشعب التونسي عموماً بما فيه المرأة غير مهتم بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها".