المهرجان الدولي لفيلم المرأة يحتفي بالناشطة الحقوقية عائشة بلعربي

في اليوم الثاني من فعاليات المهرجان الدولي لفيلم المرأة بمدينة سلا، شددت الكاتبة عائشة بلعربي على ضرورة إقرار قانون أسرة مبني على المساواة بين الجنسين في المغرب، وليس قانون يكتفي ببعض التلفيقات التقنية.

رجاء خيرات

المغرب ـ احتفى المهرجان الدولي لفيلم المرأة، بالناشطة في مجال حقوق المرأة والسياسية والدبلوماسية عائشة بلعربي من خلال تقديم كتابها "التاريخ الاجتماعي لتكوين وتعليم الفتيات في المغرب".

دأب المهرجان الدولي لفيلم المرأة في دورات سابقة على تقديم مؤلفات نسائية ضمن أنشطته المتنوعة، وقد كان لجمهور المهرجان لقاء أمس الثلاثاء 14 تشرين الثاني/نوفمبر، مع الكاتبة والخبيرة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة عائشة بلعربي التي تحدثت عن أسباب استبعاد الفتيات من التعليم والتدريب في مرحلة من تاريخ المغرب.

وحول مؤلفها، قالت الكاتبة عائشة بلعربي لوكالتنا، إنه كان لزاماً أن تعود للتاريخ لفهم استبعاد الفتيات من التعليم والتدريب، كما أن عملها لسنوات داخل كلية علوم التربية جعلها منشغلة وقريبة من هذه القضية.  

وذكرت أن الكتاب الذي استغرق منها عشر سنوات من البحث في الأرشيف المتعلق بتدريب الفتيات في المغرب، جاء ليجيب عن مجموعة من الأسئلة التي تخص حرمان الفتيات من التعليم والتدريب خلال مرحلة ما قبل الاستعمار، لافتة إلى أن هذه الفترة من تاريخ البلاد اتسمت بكون الفتيات استبعدن كلياً عن التعليم والتدريب باستثناء أقلية من نساء العلماء والفقهاء.

كما بينت أنه في حدود منتصف التسعينيات من القرن الماضي، ومن خلال عملها مع وزارة التربية ومنظمات غير حكومية تبين لها أنه في العديد من الأقاليم المغربية لم تكن نسبة تعليم الفتيات تتجاوز 45 و50%، خاصةً في مدن مثل مدينة ورزازات، الرشيدية، سيدي قاسم، الحسيمة والصويرة، وهو ما دفعها لطرح السؤال "لماذا تم تهميش الفتيات وحرمانهن من التعليم؟"، لتصيغ بعد ذلك الإجابات من خلال الغوص والبحث في التاريخ الاجتماعي، حيث لم تكن هناك حاجة لتعليم الفتاة، بما أنها ستمكث في المنزل وتؤدي الأدوار التقليدية، كما أن تدريبها سيجلب الكثير من المتاعب أقلها خلق فوضى داخل النسيج الاجتماعي.

وأضافت عائشة بلعربي أن محو الأمية لدى النساء لم يكن في قائمة الأولويات على الرغم من دور المرأة باعتبارها فاعلة في سيرورة المجتمع وتطوره، متسائلة عن أسباب حرمان الفتيات من التعليم؟.

وعن أهمية تعليم الفتيات، لفتت إلى أن كل الدراسات تؤكد أن تعليم الفتيات هو أداة أساسية لتحقيق التنمية، ويعد كذلك حق من الحقوق الأساسية التي ينبغي للحكومة أن تضمنه لكل فتاة، فضلاً عن أنه وسيلة لتحقيق الاستقلالية والاعتماد على الذات وكذلك المساهمة في تنمية البلاد، وهو ما يحتاج لدليل لتوضيح أهميته.

وأوضحت أن المغرب انخرط بشكل فعال في تعليم الفتيات وبرامج محو الأمية في أوساط النساء خلال السنوات الأخيرة، حيث تتساوى نسبة تعليم الفتيات مع نسبة تعليم الفتيان حتى في العالم القروي، كما أن هناك جهود مهمة بذلت في مجال محو الأمية في صفوف النساء، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن ما يقارب ثلاثة ملايين امرأة تم تعليمهن.

وعن تعليم الفتيات في القرى، أكدت أن الأخير حظي باهتمام كبير من الحكومة والجمعيات التنموية والنسوية، لافتة إلى أن المجال القروي في حاجة إلى تعليم مهيكل للفتاة، لأنه خلال سنوات الثمانينات من القرن الماضي شهد المغرب ما يسمى ببرنامج التقويم الهيكلي الذي حد من نسبة تعليم الفتيات، حيث تقلصت فرص العمل، مما دفع الآباء إلى تشغيل بناتهم سواء داخل القرى أو عبر إرسالهن إلى المدن.

وبينت عائشة بلعربي أن هناك جهود بذلت في هذا الإطار من خلال إنشاء دور للطالبات سواء في العالم القروي أو داخل المدن لإيواء الفتيات القرويات لاستكمال تعليمهن، وهو ما لا يمكن إنكاره.

وحول الورش المفتوح المتعلقة بمراجعة مدونة الأسرة، لفتت إلى أن هناك جهود كبيرة على مستوى الحكومة أو الجمعيات النسوية والجمعيات التي تعنى بحقوق الإنسان.

وشددت عائشة بلعربي على ضرورة إقرار قانون أسرة مبني على المساواة بين الجنسين، وليس قانون يكتفي ببعض التلفيقات التقنية، معتبرةً أنه "بدون مساواة لن نكون إلا أمام تعديلات طفيفة ليست في مصلحة تقدم المغرب ولا دمقرطة المؤسسات".