المغربيات توظفن فن الكاريكاتير في دعم قضايا النساء

تعرف ساحة الفن الكاريكاتيري في المغرب الذي يحتكره الرجال، بضعفها من حيث حضور الرسامات، برغم تشجيع المرأة على ضرورة التمكن منه بتوفير مختلف الظروف لاقتحام هذا الفن.

حنان حارت

المغرب ـ أسدل الستار على النسخة الأولى من معرض أيام الكاريكاتير النسائي 2022، الذي نظمته جمعية "حبر" على مدار شهر، بالشراكة مع مؤسسة هاينريش بول المغرب، ومركز الفنون الأمريكي في الدار البيضاء.

تضمنت فعالية "نوبتك في الشقا" أي دورك في الأعمال المنزلية التي اختتمت أمس الثلاثاء 15 تشرين الثاني/نوفمبر؛ إقامة ورشات لفائدة الطلاب والطالبات من أجل التوعية بقضية المساواة بين الجنسين، وأيضاً تنمية وتطوير مهارات الفتيات في مجال الفن الكاريكاتوري؛ كجيل قادم من رسامات الصحف المغربيات، عبر تزويدهن بالمهارات والآليات اللازمة لتعويض النقص الحاصل من ناحية ولوج النساء لهذا المجال.

وعلى هامش المعرض تحدثت وكالتنا مع رسامة الكاريكاتير عائشة مدهوس، حيث استعرضت بداياتها الأولى "منذ طفولتي كان يستهويني الرسم بشكل عام، وكنت أرغب بصقل موهبتي بالدراسة، لكن الظروف شاءت دون ذلك، ومع السنوات كبر معي هذا الحلم، حتى صادفت إعلاناً يتعلق بالمشاركة في دورة تدريبية في مجال الكاريكاتير النسائي، فتحمست للموضوع واعتبرت الأمر تحدياً وفرصة لدخول مضمار الرسم من باب الفن الكاريكاتيري".

وأضافت "كنت حينها ﻻ أعرف عن الكاريكاتير سوى اسمه، ثم خضعت لمجموعة تدريبات ما مكنني من التعبير بشكل ساخر عن القضايا التي أؤمن بها، ومن بينها تعزيز حضور المرأة وكسر الهيمنة الأبوية على هذا المجال، وهو الهدف الذي انطلق من أجله المعرض. لدي فرصة اليوم لإثبات قدرة المرأة على دخول هذا الفن، خاصةً أن هناك رسامة فقط في المغرب".

وعن السبب الذي جذبها لفن الكاريكاتير تقول "الكاريكاتير هو وسيلة للتعبير عن الرأي عن طريق الرسم في مختلف المواضيع؛ فهو رسالة كونية، يقرأه الكبير والصغير المتعلم وغير المتعلم، وبإمكان الأشخاص بشكل عام والنساء اللواتي تتحدثن بلغات أخرى فهمه، فهناك سرعة وصول الرسالة للمتلقي".

واعتبرت عائشة مدهوس أن سبب هيمنة الرجال على هذا المجال راجع لجرأة التعبير لدى الرجل "بحكم أن المجتمع الأبوي يعطي للرجل مساحة أكبر وغير متناهية للتعبير دون هجوم، بينما المرأة تظل تحت المجهر تهاجم من قبل المجتمع إذا ما عبرت بجرأة، وربما هذا ما جعل النساء بعيدات عن هذا المجال لتفادي الضجة التي قد تحدث بسبب عدم  قراءة رسوماتهن بطريقة مختلفة عما ترغبن في إيصاله".

وأوردت أنها تحرص ألا تكون لرسوماتها قراءات عكس ما ترغبه "أحاول أن أوازن بين الرسالة والرسم، طبعاً الأمر لا يخلو من ردود الفعل، بحيث أن هناك من يرفض أن تعبر المرأة عما يخالجها، وهناك من يقول إن المرأة تضخم إحساسها، ولكن العكس فالمرأة تعبر عما تشعر به".

وعن المشاكل التي تواجهها توضح أنه "في الوقت الذي يتم تناول بعض القضايا التي نراها عادية ويجب مناقشتها وإثارة الانتباه حولها من خلال السخرية، فإن المجتمع يراها من التابوهات ويُفضّل عدم الغوص فيها، مثلاً تناولت مسألة المساواة على مستوى أعمال المنزل بعض الزميلات حين عبرن عن ذلك وجدن معارضة من طرف بعض الرجال، ويربطون المرأة وحدها بأعمال المنزل".

وعن كيفية تجسيد المرأة في رسوماتها تقول إنه "عندما أتناول قضية من قضايا المرأة، أحاول الوقوف معها وقول ما لا تستطيع قوله، خاصةً أنه لا يعلم خفايا المرأة وأسرارها إلا امرأة مثلها، فهي أكثر قدرة وأكثر تعبيراً عن معاناتها بشكل أفضل من الرجل، فعلى النقيض لا يمكن للرجل التعبير عما تعانيه المرأة لأن له رؤيته الخاصة ومنظوره الشخصي، فمثلاً هناك من ينظر لمسألة المساواة بين الجنسين على أنها صراع ومعركة بينهما، مما قد يحول لدى البعض بتجسيد أفكار مميزة يتم نقلها للمتلقي".

ومن بين القضايا النسائية التي تحاول الدفاع عنها من خلال رسوماتها هي تمثيل النساء في مواقع صنع القرار "رغم المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية، لكن تمثيلها على مستوى مراكز القيادة لايزال ضعيفاً، كما أنه على مستوى المجتمع هناك تحيز كبير للرجال على حساب النساء، لايزال هناك تمييز ولامساواة بين الجنسين، أركز على هذه القضايا من أجل توعية المجتمع بها وتغيير النظرة". 

وفي ختام حديثها وجهت عائشة مدهوس بعض النصائح للفتيات اللواتي ترغبن في ولوج هذا المجال قائلةً "يجب على الفتيات أن تعبرن عن القضايا التي تؤمن بها كما تردن ولا تخفن ولا تيأسن، ويجب أن تعملن على تطوير أنفسهن".

ويذكر أن معرض أيام الكاريكاتير النسائي الذي انطلق في مدينة الدار البيضاء بالمغرب ما بين 15 تشرين الأول/أكتوبر، واستمر حتى 15 تشرين الثاني/نوفمبر، جاء في إطار النسخة الثانية من برنامج زمالة الكاريكاتير النسائي 2022، الذي استمر ستة أشهر.