المغرب... تصاعد وتيرة العنف ضد النساء ودعوات لتعديل القانون
أكدت ناشطات حقوقيات مغربيات، على ضرورة تعديل قانون محاربة العنف، لأنه بعد خمس سنوات من التطبيق، تبين أنه يحتوي عدد من الثغرات والإشكاليات التي لا توفر الحماية الكافية لضحايا العنف.
حنان حارت
المغرب ـ في إطار تخليد الأيام الأممية الـ 16 لمناهضة العنف ضد النساء، نظمت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة ندوة صحفية، قدمت خلالها دراسة إحصائية تحليلية تم رصدها من العمل الميداني للجمعية طيلة فترة خمس سنوات التي مرت على تطبيق قانون محاربة العنف ضد النساء، وتغطي الفترة الممتدة من نوفمبر 2018 إلى غاية نوفمبر 2023.
كشفت الدراسة التي نشرت أمس الثلاثاء 28 تشرين الثاني/نوفمبر، أن 74% من المعنفات هن ضحايا الاغتصاب الزوجي، فيما رصدت أرقاماً متنوعة لضحايا العنف الجنسي بمختلف أشكاله، إذا بلغ عدد المتحرش بهن 117 حالة، و202 حالة ضحية للاستغلال الجنسي و18 ضحية التحريض على الفساد، و212 ضحية للاغتصاب الزوجي، و247 زوجة ضحية الاغتصاب الزوجي أجبرن على أفعال جنسية مرفوضة.
وأبرزت الدراسة أن 79% من الضحايا يخترن عدم التبليغ وعدم إتباع الإجراءات القانونية أمام المحاكم، وذلك بسبب العراقيل القانونية والاجتماعية والثقافية التي تحول بينهم، خاصة ما يتعلق بإمكانية تجريمهن أو تعرضهن للانتقام أو للتشهير.
ويشكل العنف الجسدي نسبة 52%، ويتصدر الضرب والجرح أفعال العنف الجسدي الذي تتعرض له الناجيات من العنف الوافدات على الجمعية بنسبة 51%.
ووفق الدراسة ذاتها فإن آثار العنف على الصحة الجسدية شكلت 48%، بما في ذلك الإصابات والألم المزمن والمشكلات الصحية المزمنة، و45% نسبة تأثير العنف على صحة الأبناء.
وتأتي أثار العنف السوسيو اقتصادي في المرحلة الثانية بنسبة 78%، ما يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك الفقر والبطالة وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية والتعليم.
أما فيما يتعلق بالعنف الرقمي، فقد أوضحت الدراسة أن قانون محاربة العنف ضد النساء 103.13 يغفل العنف الرقمي، الذي يعرف ارتفاعاً كبيراً، حيث تتراوح أعمار الضحايا ما بين 18 إلى 28 سنة جلهن عازبات، وذلك لأن هذه الفئة هي الأكثر استعمالاً لمنصات التواصل الاجتماعي.
وأوردت الدراسة أن ضحايا العنف الرقمي تعانين من مجموعة من الاضطرابات النفسية، مثل الإحساس بالذنب والانهيار العصبي والخوف والأرق والاكتئاب والتفكير في الانتحار والشعور بالذنب وفقدان الثقة والقلق، كما يمكن أن يؤدي إلى آثار اقتصادية مثل تغيير السكن أو فقدانه أو تغيير مكان العمل أو الطرد من العمل أو تركه أو تغيير المؤسسة التعليمية.
ولفتت الدراسة إلى أن القانون 103.13 لمحاربة العنف ضد النساء تطرق للعنف بمختلف صوره الجسدي والاقتصادي والنفسي والجنسي، لكنه أغفل تعريف العنف الرقمي، ورغم تزايد حالات تعرض النساء والفتيات للعنف الرقمي، إلا أنهن قد يحجمن في العديد من الأحيان عن التبليغ خوفاً من إمكانية تجريمهن.
وأفادت الدراسة أن معاناة النساء والفتيات من العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي لا تتوقف وإنما تواجهن أيضاً عنفاً قانونياً، حيث تعتبر مدونة الأسرة مجالاً خصباً لممارسته، نتيجة مظاهر التمييز بين الجنسين، خاصةً في قضايا النيابة القانونية، بالإضافة إلى الثغرات الواردة في القانون 103.13 التي تسهم في تأزيم المركز القانوني للمرأة والفتاة، وهو ما يبدو في قضايا النسب وتزويج القاصرات والنفقة والطلاق والتطليق.
وأكدت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في دراستها على تجميع النصوص المتفرقة المتعلقة بالعنف الرقمي ضد النساء والفتيات في قانون خاص، وهو قانون العنف الرقمي، والتنصيص على آجال طويلة لتقادم جرائم العنف الرقمي، استحضاراً للعوامل التي تجعل بعض الضحايا تتأخرن في التبليغ عنه.
كما شددت على تجريم سرقة الحسابات الشخصية، واعتبار وجود علاقة زوجية أو صداقة أو خطبة أو سلطة أو تبعية بين الطرفين ظرفاً مشدداً في ارتكابها، مع التنصيص على مقتضيات تتعلق بالوقاية من العنف الرقمي وخاصة التزام المتدخلين في المجال الرقمي باتخاذ كافة التدابير الفعالة لحماية النساء من العنف الرقمي، واعتماد برامج للذكاء الاصطناعي تكافح التنمر الرقمي ضد النساء ونشر الصور النمطية للتمييز أو التحريض على ذلك.
ودقت بشرى عبدو رئيسة التحدي للمساواة والمواطنة، ناقوس الخطر نتيجة تصاعد وتيرة العنف الممارس على النساء في المجتمع المغربي، وقالت إنه خلال الخمس سنوات الأخيرة، التي تلت صدور القانون رقم 103.13 عرف العنف ضد النساء ارتفاعاً مهولاً، حيث توافدت على الجمعية 3829 امرأة معنفة، أكثر من 97 من النساء مورس عليهن العنف النفسي.
وكشفت بشرى عبدو أن مراكز الاستماع لجمعيتها وصلتها شكاوى من 535 امرأة ضحية عنف رقمي طيلة الخمس سنوات الماضية، هن في مقتبل العمر ومتعلمات، ويمارس عليهن هذا الشكل من العنف في منصات التواصل الاجتماعي، عن طريق التشهير بهن ونشر صورهن وإرسال إيحاءات جنسية، مما يدمر نفسية الضحية ويجعلها تتخلى عن حقها في الولوج للفضاء الرقمي.
وتطرقت إلى أثار العنف على الناجيات من العنف بمختلف أشكاله، واللواتي تعرضن للعنف الاقتصادي والنفسي والجسدي والجنسي والرقمي "اليوم لم نعد نتحدث فقط عن الاعتداءات الجسدية البسيطة، وإنما هناك حالات زهق للروح، ومحاولات قتلهن، أو خنقهن، أو تعريضهن لإيذاء خطير إلى جانب حالات الاعتقال".
ومن جانبها قالت زاهية عمومو محامية وناشطة حقوقية إنه عند صدور قانون محاربة العنف ضد النساء في 2018 اعتبرته الناشطات ثورة، بحيث أن المجتمع المدني لسنوات يناضل من أجل سنه، ولكن مع مرور السنوات، لم يستطع هذا القانون الحد من ظاهرة تعنيف النساء في المجتمع المغربي.
وأوضحت أن منحى العنف تصاعد بشكل لافت بعد صدور قانون محاربة العنف "هذا راجع ربما لوجود خلل في النص القانوني لأنه مستمد من القانون الجنائي، أو وجود خلل في القائمين على تطبيقه برغم وجود شرطة متخصصة، والنيابة العامة وخلايا الاستماع ومراكز استقبال النساء سواء على مستوى المحكمة أو الشرطة القضائية.
وتطرقت إلى إشكالية تقديم وسائل الإثبات وأكدت أنها ساهمت في ارتفاع العنف "الناجيات من العنف تواجهن تحديات إجرائية في الوصول إلى المحاكم، مثل عدم وضوح النصوص القانونية، وصعوبة الحصول على المساعدة القضائية وبالأخص الحق في الدفاع، وإشكالية عبء الإثبات، فضلاً عن زمن وكلفة التقاضي، وهو ما يجعل عدداً منهن تحجمن عن تتبع قضاياهن أمام المحاكم، أو ممارسة الطعون بالاستئناف أو بالنقض".