المغرب... ناشطات تدعين لمراجعة شاملة وجذرية لمدونة الأسرة
في إطار الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد المرأة، نظمت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بجامعة "القاضي عياض" بمراكش ندوة حول ضرورة الإصلاح الشامل والعميق لمدونة الأسرة.
رجاء خيرات
المغرب ـ طالبت ناشطات مغربيات بإصلاح جذري وشامل لمدونة الأسرة، خلال ندوة نظمت، أمس السبت 9 كانون الأول/ديسمبر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، تحت عنوان "إعادة النظر في مدونة الأسرة: هل الإصلاح الشامل والعميق ممكن وضروري؟".
قالت عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب نزهة بلقشلة، إن هذه الندوة تندرج في إطار العمل الترافعي الذي تقوم به الجمعية والذي انخرطت فيه قبل صدور مدونة الأسرة عام 2004 وحتى بعد دخولها حيز التطبيق.
وأشارت إلى أن الهدف من تنظيم الندوة يروم المساهمة في النقاش العمومي الذي تعد الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب شريكة فيه، حيث دعت مجموعة من الناشطين/ات والخبراء والمتدخلين لتناول موضوع مراجعة مدونة الأسرة في أبعادها المختلفة، سواء تعلق الأمر بالجانب الفقهي أو الاتفاقيات الدولية أو ملاءمة القوانين لهذه الاتفاقيات ودستور المغرب لعام 2011.
وأكدت على ضرورة أن ينصب النقاش حول ضرورة الاجتهاد الذي لا يتناقض إطلاقاً مع الاتفاقيات الدولية، لافتةً إلى أن المقاصد الفقهية بدورها تدعو للعدل والعدالة الاجتماعية والمساواة مما لا يتعارض مع ما تطرحه الاتفاقيات الدولية.
وطالبت بأن تراعي المدونة الجديدة التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها المغرب، وكذلك وضعية الأسر، بما فيها المكانة التي أصبح يحتلها الطفل داخل أسرته، حيث لم يعد هناك فرق بين "الولد والبنت" على جميع المستويات.
لتحقيق هذه الغاية، أكدت أن ذلك لن يتم إلا باللجوء إلى الخبرة الجينية في تحديد النسب عند طلب الإقرار به من قبل الوالدين أو أحدهما، وفي حال تعذر دفع نفقات الخبرة الجينية تتحمل الحكومة هذه النفقات.
وشددت على ملاءمة المصطلحات التشريعية الواردة بمدونة الأسرة مع المقاربة الحقوقية للطفل بحذف العبارات التمييزية من نصوص المدونة من قبيل "ابن غير شرعي"، "ولد مجهول النسب" وعبارة "الفراش" بدل الزواج، حيث كانت هذه المصطلحات ملائمة لمجتمع في وقت سابق نظراً للوضعية الاجتماعية ولبنية الأسرة القبلية، الشيء الذي لم يعد موجوداً في عصرنا الحالي، ولم يعد من اللائق استعمال مثل تلك العبارات.
وعن بعض البنود المتعلقة بقانون الإرث والتي اعتبرتها متجاوزة، دعت إلى إلغاء التعصيب في الإرث في حالة وجود بنت أو زوجة دون فروع، كما طالبت بإقرار المساواة في الأنصبة بين الورثة من الجنسين، بالنسبة لمن هم في نفس درجة القرابة.
من جهتها، أكدت الناشطة وداد البواب أن الندوة تأتي على إثر النقاش العمومي المطروح حالياً حول المراجعة الشاملة والضرورية لمدونة الأسرة، إثر الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس لرئيس الحكومة في أيلول/سبتمبر الماضي، من أجل تشكيل هيئة تضم مؤسسات دستورية وحقوقية لمراجعة مدونة الأسرة.
وفي إطار التنسيق بين كافة مكونات الحركة النسائية بالمغرب، وبالرجوع إلى الدور الترافعي والتتبعي للجمعية لما يحصل داخل المجتمع من تحولات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، شددت على ضرورة ملاءمة القوانين والتشريعات التي يعتمدها المغرب مع الاتفاقيات الدولية خاصة تلك المتعلقة بحقوق النساء والطفل.
ودعت إلى تشريع أسري يضمن المساواة بين الجنسين، ويضمن تحقيق العدل كذلك في جميع الوضعيات والحالات، فضلاً عن مصلحة جميع مكونات الأسرة بما فيها المصلحة الفضلة للطفل، محذرة من مراجعة بعض مقتضيات المدونة دون غيرها.
ولفتت إلى ضرورة المراجعة الشاملة للمدونة بجميع مقتضياتها بما فيها فلسفتها ومضمونها وكذلك اللغة المعتمدة في بعض فصولها، والتي رأت أنها أصبحت متجاوزة ولم تعد تستجيب للتحولات العميقة التي يعرفها المجتمع.
ودعت المشاركات خلال الندوة إلى أن المراجعة الشاملة والجذرية لمدونة الأسرة أصبحت ضرورة أملاها الواقع الذي أبان عن وجود اختلالات كبيرة في تطبيق المدونة، وأن مرور 20 عاماً اليوم من تطبيقها أصبح كافياً لكي يعاد النظر فيها.