المغرب… مطالب بحماية النساء وتمكينهن اقتصادياً أثناء الأزمات الإنسانية
طالب المشاركون/ات في اختتام اللقاء الذي نظم خلال يومين بمراكش حول "رعاية الناجيات من العنف في إطار الأزمات الإنسانية" بتوفير الآليات الضرورية لحماية القرويات وتمكينهن اقتصادياً وقانونياً وسياسياً.
رجاء خيرات
المغرب ـ اختتمت أعمال اليومين الدراسيين التي نظمتها منظمة "أكسيون إيد" ومنظمة "التحالف من أجل التضامن" بشراكة مع جمعية النخيل للمرأة والطفل وجمعية "تاماغارت نوردرار" (أي المرأة الجبلية)، أمس الأربعاء 29 أيار/مايو، بإصدار مجموعة من التوصيات أهمها توفير آليات الحماية القانونية والاجتماعية والسياسية للنساء والفتيات وتوفير التمكين الاقتصادي للنساء القرويات.
أشارت المشاركات إلى أن دور المجتمع المدني والجمعيات النسائية هو الترافع من أجل الحقوق الإنسانية للنساء والمساواة بين الجنسين وإقرار المناصفة وليس فقط التدخل في المناطق المتضررة من الأزمات الإنسانية (زلزال الحوز) وتقديم المساعدات العينية والغذائية، حيث سجلت هذه الجمعيات تراجعاً ملحوظاً للأدوار التي يمكن أن تلعبها كمجتمع مدني في هذا الشأن.
ولفتت بعض المشاركات إلى غياب مراكز للاستماع والتوجيه لفائدة الناجيات من العنف بإقليم الحوز، إلا بعض الاستثناءات القليلة في بعض الجماعات القروية، إذ رغم الأدوار التي تلعبها النساء إلا أنهن لازلن تفتقرن للتمكين الاقتصادي الذي بدونه لا يمكنهن الانخراط بشكل فعال في التنمية المحلية.
كما دعين إلى وضع سياسات عمومية تستجيب لاحتياجات النساء بالعالم القروي وإلى تحمل الجماعات الترابية بهذه المناطق لمسؤوليتها في خلق مشاريع مدرة للدخل لفائدة النساء وتوفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وعمل وتقريبها وتسهيل الولوج لها، إذ لا يقتصر دور الجماعات القروية على إنشاء الطرق وتدبير النفايات، بل إن الأدوار التي يمكن أن تلعبها هذه الجماعات الترابية أوسع وأشمل، ويجب أن تشمل توفير الفرص للنساء.
وتميزت الجلسة الختامية ضمن سلسلة من الجلسات التي تناولت التدابير الإجرائية التي اعتمدتها بعض الجمعيات النسائية لفائدة النساء والفتيات بإقليم الحوز، على إثر وقوع الزلزال الذي ضرب الإقليم في الثامن من سبتمبر/أيلول الماضي، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المكاسب والإنجازات التي تحققت للحركة النسائية طيلة العشرين سنة الماضية.
وقالت عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب نزهة بلقشلة إن تاريخ الحركة النسائية في المغرب يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي حيث كان جزءاً من الحركة الوطنية والخيرية، ثم تلته أول جمعية منظمة تحمل اسم "أخوات الصفا" (1947) حيث اقتصر عملها على التعليم وإعطاء دروس محو الأمية وكذلك المطالبة بمنع تعدد الزوجات وتعديل قوانين الطلاق وحق التواجد في الفضاء العام، بعد ذلك ستصبح الحركة النسائية جزءاً من بعض الأحزاب السياسية حيث تميزت بشد الحبل وتهميش قضية المرأة (بين 1960 ـ 1970)، لتظهر منظمات مستقلة اجتماعية وسياسية بعد أن أحدثت قطيعة مع الأحزاب السياسية تنظيمياً وأصبحت أكثر جرأة في مطالبها في منتصف الثمانينات، وهي فترة اتسمت بالتعبئة والانخراط والترافع.
وأضافت أنه خلال العشرين سنة الماضية تحققت الكثير من المكاسب بفضل الحركة النسائية بالمغرب، أهمها مدونة الأسرة لعام 2004، والتي جاءت بمجموعة من الإجراءات المهمة، حتى أن البعض اعتبرها ثورة هادئة في وقتها، حيث تغيرت بعض الأمور لصالح النساء ثم قانون الجنسية عام 2007 الذي أعطى الحق للنساء بمنح الجنسية المغربية لأبنائهن من زوج أجنبي، ثم دستور 2011 الذي ينص الفصل 19 منه على المساواة المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية بين الجنسين، فضلاً عن الكوتا النسائية التي ساهمت برفع التمثيلية السياسية للنساء داخل المجالس المنتخبة.
وأوضحت أنه من خلال هذه الحركة النسائية كانت مطالبها تتبلور وتتطور بحسب السياق المجتمعي والمناخ السياسي الذي لا يسمح في وقت ما بطرح بعض المطالب بجرأة، مثل تغيير نظام الإرث الذي لم تكن الحركة النسائية عام 2004 قادرة على طرحه بالشكل الذي تطرحه اليوم، حيث أثبتت الدراسات الحديثة والتقارير أنه حان الوقت لطرح هذا الملف بشكل واضح وجريء، وذلك من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية.
وعن تطور أوضاع النساء المغربيات، أكدت نزهة بلقشلة أن النساء أصبحن تتقلدن مسؤوليات في مؤسسات متعددة وفي جميع مجالات الحياة، وإن كانت أدوارهن ما تزال محكومة بالذهنية الذكورية المهيمنة على السلطة، مطالبة بتغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة بما يتماشى مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المجتمع المغربي والتي أصبحت معها بعض القوانين الأسرية متجاوزة لا تستجيب لمطالب الحركة النسائية.
وبشأن مراكز الاستماع وأهمية قوافل التوعية في صياغة استراتيجيات المرافعة، ذكرت المساعدة الاجتماعية بفدرالية رابطة حقوق النساء بشرى المصريوي أن الجمعية كانت لها تدخلات كثيرة لفائدة نساء المناطق المتضررة من الزلزال، حيث استفادت عشرة قرى بجماعات إغيل، ويركان، إجوكاك وثلاث نيعقوب.
وأشارت إلى أن القوافل التوعوية استهدفت النساء بشكل خاص حول قضايا حقوق النساء والعنف ضدهن بالإضافة إلى الدعم النفسي بشكل فرداني للنساء اللواتي كن بحاجة له، مضيفةً أن الأطفال بدورهم استفادوا من الدعم النفسي من خلال ورشات للرسم والتدوير والتوعية بالبيئة والبستنة والفنون اليدوية وغيرها.
وأكدت أن الجمعية دأبت على تنظيم قوافل توعوية في مجموعة من القضايا التي تخص النساء قبل وقوع الزلزال، لافتة إلى أن هذه التدخلات بعد الزلزال من شأنها أن تحدد الاحتياجات الأساسية للقرويات من أجل الترافع وتحديد المطالب الأساسية التي تضمن لهن عيشاً كريماً.
وبينت بشرى المصريوي أن التدخلات لا تزال مستمرة، حيث ستنظم الجمعية قوافل توعوية بقرى أخرى من أجل الوقوف على الظروف التي تعيشها النساء بالمناطق المتضررة.