المغرب... حكم قضائي يحرم المرأة من حق حضانة طفلها

رغم أن القانون المغربي ينص على منح حضانة الطفل لوالدته حتى يبلغ الخامسة عشرة من عمره، صدرت محكمة الأسرة بمراكش حكماً يحرم طفلاً لم يبلغ الخامسة من عمره بعد، من والدته.

رجاء خيرات

المغرب ـ طالبت هيئات نسوية بفتح تحقيق بشأن حكم قضائي صدر عن محكمة الأسرة بمراكش، يحرم أم مغربية من حضانة طفلها، في الوقت الذي تسعى فيه تلك الهيئات على تعديل قانون الأسرة بما يراعي التطورات الحاصلة في البلاد ويمنح النساء والأطفال حقوقهم.

نظمت كل من فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة الرابطة إنجاد وشبكة نساء متضامنات بجهة مراكش ـ أسفي وجمعية النخيل، أمس الأربعاء ٩ تشرين الأول/أكتوبر، ندوة صحفية حول "إرجاع الطفل المغربي إلى بلد أجنبي ومسألة السيادة التشريعية والقضائية"، لتسليط الضوء على قضية حرمان النساء من حق حضانة أطفالهن.

وقالت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش ـ أسفي، سناء زعيمي أن قضية الأم لمياء باتت قضية رأي عام، تهم كل الأمهات المغربيات اللواتي يعشن نفس الوضع، وأصبح من الضروري تسليط الضوء على هذه القضايا التي تحرم تلك الأمهات من حقهن في حضانة أطفالهن، والتي تطرح سؤالاً عريضا يتعلق باحترام ومراعاة "المصلحة الفضلى للطفل".

ولفتت إلى أن الموضوع يلامس في جوهره مسألة ملاءمة التشريع الوطني المغربي مع التشريعات والمواثيق الدولية، والتي لاتزال مطلباً من مطالب الحركة النسائية المغربية، وموضوعاً لترافعها، ومن ضمنها فدرالية رابطة حقوق النساء.

وأوضحت أنه على المغرب أن تلتزم بالاتفاقيات الدولية بشأن حقوق الطفل، وأن تراعي مبدأ "المصلحة الفضلى للطفل"، وهو مطلب الذي يرتكز الموضوع عليه في هذه الندوة، مشيرةً إلى أن شبكة رابطة "إنجاد" وشبكة نساء متضامنات استقبلت حالة الأم في مسار طويل، والذي يطرح مجموعة من الإشكالات القانونية وعلى رأسها قضية إرجاع الطفل المغربي الذي يبلغ من العمر أربع سنوات ونصف، وأنه عاش ببلده الأم المغرب، قبل أن يصدر حكم يقضي بـ "إرجاعه إلى بلده الاعتيادي"، وهنا تطرح مسألة "كيف يمكن الحفاظ على المصلحة الفضلى للطفل؟"، كما أن مكان إقامة الطفل الاعتيادي هو بلده المغرب حيث عاش مع أمه.

واعتبرت أن حكم القاضي الذي ينص على إرجاع الطفل المغربي إلى بلد أجنبي "سويسرا"، لم يحترم روح الاتفاقيات الدولية ولا الدستور المغربي، وبالتالي فقد جانب ما تدعو إليه الحركة النسائية من المساواة بين الجنسين، كما استغل اتفاقية "لاهاي" بشكل يتنافى مصلحة هذا الطفل، مضيفةً "هذا الطفل يعيش في كنف أمه الحاضنة له قانونا في ظروف جيدة والأم تعمل أستاذة في الجامعة توفر له الاستقرار والأمان، كما أنه يتلقى تعليماً جيداً".

 

 

وقدمت الأستاذة بالجامعة لمياء مجاهد التي خسرت حضانة طفلها، شهادة مؤثرة وهي تسرد وقائع القضية، التي اعتبرتها معركة كل أم مغربية تعيش وعاشت نفس وضعها وكل من يؤمن بحقوق الطفل ومصلحته التي ينبغي أن تكون فوق كل الخلافات الزوجية.

وقالت بإنها عادت برفقة زوجها وابنها في شباط/فبراير عام 2022 إلى المغرب، بسبب تداعيات جائحة كوفيد ـ19 وما خلفته من أزمة اقتصادية عالمية، وكان ذلك باقتراح من زوجها نفسه، وأنهم استقلوا نفس الطائرة كأسرة قررت العودة إلى الوطن الأم "في البداية أقمنا في الدار البيضاء لمدة أسبوعين ثم انتقلنا للعيش في مراكش ببيت عائلتي، ولم يمض إلا يوم واحد حتى غادر زوجي عائداً إلى الدار البيضاء مجدداً، بحجة تسوية بعض الأمور، وبعد ذلك بأيام تفاجأت بأنه قد سافر مجدداً إلى سويسرا (بلد الإقامة)، حاملاً معه كل الأوراق والوثائق التي تخص طفلنا "جواز السفر وشهادة الميلاد".

وأشارت إلى أنها خاضت معركة طويلة في ردهات المحاكم حتى حصلت على حكم استئنافي نهائي يقضي بحقها في حضانة طفلها حيث يعيش اليوم في كنفها ويتابع دراسته في التعليم الأولي بشكل طبيعي، لافتةً إلى أن ابنها لم يرى أو يتحدث مع أباه طيلة الفترة التي غاب فيها عنه والتي بلغت ثلاث سنوات تقريباً.

وبعد الطلاق حكمت المحكمة ابتدائياً واستئنافياً لصالح الأم بحضانة طفلها، قبل أن تتفاجأ مجدداً بحكم قضائي صادر عن محكمة الأسرة بمراكش، يقضي بإرجاع الطفل إلى بلده الاعتيادي "سويسرا"، علماً أن بلده الاعتيادي هو المغرب الذي عاش فيه مع أمه عندما كان عمره لا يتجاوز عام ونصف.

ويجدر بالذكر أنها المرة الأولى التي تستأنف فيها النيابة العامة حكماً نهائياً يقضي بمنح أم حضانة طفلها بغية إرجاعه لبلد أجنبي، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة التي تستوجب اليوم الإجابة عنها من قبل القضاء المغربية، حول ما مدى مراعاة حقوق النساء والأطفال.