الكونفدرالية الديمقراطية سبيل الشعوب للتخلص من الأزمات والصراعات

الكونفدرالية الديمقراطية مفهوم مجتمعي نقيض للحضارة الطبقية والدولتية فكيف يمكن أن تنهي أزمات الأمم وصراعاتها؟

بيريفان شاهو

السليمانية ـ الكونفدرالية ليست مصطلحاً جديداً وتستخدم في الثقافة السياسية عندما يفكر الناس في الكونفدرالية، فإنهم يفكرون في كونفدرالية القبائل والجماعات في الماضي، لأنه من الشائع في الثقافة السياسية الكلاسيكية أن تعني النظام السياسي بين الدول.

لذلك عندما وضع القائد عبد الله أوجلان مفهوم الكونفدرالية الديمقراطية على جدول الأعمال وأعلنه في نوروز 2005، أثار نقاشاً واسعاً وأصبح على جدول أعمال كردستان ودول المنطقة والقوى الدولية.

الكونفدرالية الديمقراطية لها جذور تاريخية في قيم مجتمع الطبيعة الأم، وهو النظام الذي يصبح حقيقة ويعود إلى قيم المجتمع الطبيعي والأمومي التي دمرت اليوم بتدخل القوى والنظام الرأسمالي، وإذا قمنا بتحليل النظام الكونفدرالي الديمقراطي بشكل أعمق؛ فهو نظام مجتمع يعتمد على إرادته في تحديد احتياجاته ومشكلاته وطرق حلها، أي أنها حكم ذاتي للمجتمع وتنظيم ذاتي خارج نظام الدولة، وبعبارة أخرى، فهو يلغي ذراع الدولة لاتخاذ القرار من الأعلى إلى الأسفل ويخلق نظاماً أفقياً لصنع القرار يجد المجتمع نفسه فيه.

ولذلك يمكن القول إن الكونفدرالية الديمقراطية هو تنظيم مجتمع وليس نظام حضاري طبقي ودولي، ففي الكونفدرالية الديمقراطية، يكون الاقتصاد في خدمة المجتمع، استناداً إلى نظرية قيم معاناة الأم ويستخدم من أجل الشعب، هذا الاقتصاد تستغله الدولة من أجل السلطة ويتعرض المجتمع للاضطهاد، في الدولة، تهدف الثقافة والفن إلى تسليم إرادة المجتمع إلى النظام، في الكونفدرالية الديمقراطية تعتبر الثقافة والفن هوية المجتمع وهما من أجل تحويل الحياة الاجتماعية وتقدمها.

تقوم الكونفدرالية الديمقراطية على ثلاثة مبادئ رئيسية وهي أولاً، على النقيض من الشكل المركزي للدولة، وهي ذات استقلال ديمقراطي، ثانياً، مقابل رأس المال الاقتصادي، الاقتصاد الصناعي البيئي، ثالثاً ضد سياسة التدمير السياسة الديمقراطية من أجل مجتمع أخلاقي وسياسي.

أصبح إقليم شمال وشرق سوريا هي الساحة الأكثر تأثراً بفكر القائد عبد الله أوجلان، ولذلك تم تطبيق تنظيم الكونفدرالية الديمقراطية هناك إلى حد كبير، علاوة على ذلك، كانت الثورة هناك في هذه المرحلة من التقدم عندما كانت الإنسانية تواجه أزمة تعايش الأمم، وعملت على جمع كافة الطوائف العربية والكردية والتركمانية والشركسية والأرمنية والآشورية وشكل التعايش الديمقراطي الحر بين الشعوب الذي أصبح نموذجاً جديداً في العالم.

وفي نظام الإدارة الذاتية لا يوجد تفوق للكرد على العرب، أو التفوق العربي على الشراكسة أو غير ذلك فعلى أساس الجماعات والمجالس، تأخذ جميع المجتمعات والأمم مكانها بطريقة الحكم الذاتي، ومن ناحية أخرى، فإنها تعرف أن الخلاص لا يمكن تحقيقه بها وحدها؛ إنهم يعلمون أنهم بحاجة لبعضهم البعض ضد عدوهم المشترك، وسوف يوحدون قواتهم، فكلاهما مكتفيان ذاتياً ومتعايشان، إنهم يتجهون نحو نظام تنتظم فيه جميع شرائح المجتمع.

خلال هذه السنوات وبعد الثورة، هجم مناهضو الشعب الكردي باسم واحد واستخدمت كافة التكتيكات والأسلحة المتطورة لإحباط هذه الثورة وإنجازاتها، ولكن لأن ثورة روج آفا مبنية على الكونفدرالية الديمقراطية، فإنه لا يمكن إحباط الإنجاز، على الرغم من استمرار الهجمات، خاصة في الهجمات الأخيرة التي نفذها الاحتلال التركي ومرتزقته رأينا أن المناطق التي نظم فيها الناس أنفسهم واعتمدوا على إرادتهم فقط هي التي كانت محمية من الهجمات، لذلك تمكنوا من حماية أنفسهم من مجزرة أخرى.

الثورة في روج آفا وإقليم شمال وشرق سوريا وسقوط النظام السابق في سوريا في 8 كانون الأول/ديسمبر والتغيرات التي شهدتها المنطقة تخبرنا أن النظام الوحيد الذي يمكن أن ينقذ الشرق الأوسط من الأزمة والاضطرابات التي سببتها الحرب العالمية الثالثة هو تطبيق الكونفدرالية الديمقراطية.