"الخوف لن نعرفه كوننا أصحاب الحق"... الذكرى السنوية السابعة لمقاومة عفرين
بالتزامن مع الذكرى السنوية السابعة لشن هجمات الاحتلال التركي على مدينتهن، دعت مهجرات عفرين المجتمع الدولي للتحرك والعمل على تحرير عفرين وإنهاء الاحتلال، مؤكدات على تجديد عهدهن في الاستمرار بالمقاومة ضد سياسات الاحتلال.
روبارين بكر
الحسكة ـ يصادف اليوم الاثنين 20 كانون الثاني/يناير، الذكرى السنوية السابعة لبدء هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته على مدينة عفرين بإقليم شمال وشرق سوريا، حيث أقدم خلال الهجمات على ممارسة جرائم بحق السكان والتي تعد انتهاكاً واضحاً للقوانيين والمواثيق الدولية، عبر استخدامه كافة أدوات القتل والإجرام وارتكاب العديد من المجازر بحق الشعب في مواجهة لمقاومة بطولية من قبل أهالي عفرين والقوات العسكرية.
عاش أهالي عفرين 58 يوماً من الهجمات الضارية التي شنها الاحتلال التركي على عفرين، ولا تزال جذوة مقاومة العصر مشتعلة رافضة نموذج القهر والإبادة الذي يسعى الاحتلال لتكريسه عبر نشر الإرهاب والفلتان الأمني داخل عفرين.
مع بدء هجمات الاحتلال التركي على مدينة عفرين، أبدى الأهالي بجانب المقاتلون والمقاتلات مقاومة تاريخية والتي اعتبرت أساس لحرب الشعب الثورية مما جعل الاحتلال التركي يعتمد على استخدام الأسلحة المحرمة دولياً والمدافع الثقيلة باستهداف المدنيين، وهذا كان دليل على عجز قواته ومرتزقته في الجبهات ويسعى عبر ارتكاب المجازر إلى دفع المدنيين للنزوح.
واحتلت الدولة التركية مدينة عفرين في الثامن عشر من آذار/مارس 2018، وتم تهجير سكانها قسراً إلى مدينة الشهباء وآخرين استقروا في مدينة حلب، وقاوم مهجري عفرين سبعة أعوام في مخيمات النزوح متحدين جميع المعاناة والهجمات المستمرة عليهم والتي أدت إلى ارتكاب العديد من المجازر بحقهم، لكن الاحتلال التركي لم يكتفي بممارسة الانتهاكات والمجازر بحق أهالي عفرين أقدم على تهجيرهم في رحلة قسرية جديدة والتي سميت بالتغريبة العفرينية الثانية إلى مناطق آمنة في إقليم شمال وشرق سوريا.
وبالتزامن مع حلول الذكرى السنوية السابعة لبدء هجمات الاحتلال التركي على مدينة عفرين، قالت هيفين محمد إحدى الشاهدات على مقاومة العصر ووحشية الهجمات "في عام 2018 شن الاحتلال التركي هجوماً وحشياً على مدينتنا عفرين، استخدم كافة الأسلحة الثقيلة والطيران الحربي ضد منطقتنا الصغيرة المعروفة بالسلام والديمقراطية"، مؤكدة أن جميع المكونات المتواجدة في عفرين كانوا يعيشون على مبادئ الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب لذا ضمن مقاومة العصر قاوموا جنباً إلى جنب أمام هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته.
وبينت أن أهالي عفرين ضمن مقاومة العصر وخاصة المرأة وبعد إعلان النفير العام الذي أطلقه الإدارة الذاتية الديمقراطية لانضمام جميع المكونات والفئات إلى المقاومة لصد الهجمات، أبدوا مقاومة عظيمة ضد الهجمات عبر التكاتف والوحدة، موضحة أن "كل فرد اتخذ مكانته ضمن المقاومة خاصة الأمهات اللواتي نشرن القوة بين الشعب عبر صمودهن ومقاومتهن، وكن تزرعن القوة في قلوب أبنائهن وترسلنهم إلى الجبهات، واتخذن مكانتهن في الدفاع عن عفرين عبر إعدادهن للطعام من أجل المقاتلين وخروجهن لدورات حراسة مستمرة في القرى والمناطق، بالإضافة إلى مشاركتهن في الفعاليات التي تتجه إلى مناطق القصف".
وعن مشاركتها في المقاومة، أوضحت هيفين محمد أن ناحيتها (شيه) كانت من أصغر النواحي في عفرين لذا عرفت بمقاومتها وصمودها أمام الهجمات "كانت مهمتي تنظيم الأهالي وإعداد الطعام للقوات العسكرية، وعند زيارتنا للمنازل ومساندة الأهالي وتوعيتهم كنا نستمد القوة من الشعب".
وأكدت أن 58 يوماً لم يكن فقط أرقام، بل كانت أيام سجلت لحظات المقاومة والنضال لشعب قاوم من أجل الدفاع عن أرضه "مقاومتنا في عفرين جعل الهجمات الاحتلال يزداد ضدنا، قواتنا تصدت هجماتهم بكل بسالة، الخوف لن نعرفه كوننا أصحاب الحق، الاحتلال التركي ضاعف من هجماته وأقدم على ارتكاب المجازر بحقنا ليحتل مدينتنا ويهجرنا قسراً منها".
وأَضافت "عمل الاحتلال التركي على تهجيرنا قسراً من مدينتنا بهدف توسيع مشروعه الاحتلالي على أراضي إقليم شمال وشرق سوريا، وضرب مشروع الامة الديمقراطية وبالاضافة لتفكيك النسيج الاجتماعي المترابط بين المكونات في عفرين".
وحول تنظيمهم في مدينة الشهباء، قالت هيفين محمد إن "الاحتلال التركي يسعى إلى كسر إرادتنا وتغير هوية منطقتنا وثقافتها التاريخية، ولكن كون رسالتنا في البداية كانت المقاومة لذا بروح مقاومة العصر بمرحلتها الأولى مقاومتنا استمرت في الشهباء، وأقدمنا على تأسيس المراكز والكومينات"، مشيرةً إلى أن مقاومتهم وصمودهم بالشهباء في ظل الأوضاع الصعبة زرع الحقد والكره داخل الاحتلال ليكون مهجري عفرين وأهالي الشهباء من أولويات أهداف هجماته.
وأكدت "تحدينا في الشهباء جميع الظروف والمعاناة من هجمات الاحتلال على مدار سبعة أعوام وبشكل متواصل والحصار الخانق المفروض على المنطقة، ولكن بإرادتنا القوية أثبتنا صمودنا ونضالنا ضد الظلم وسياسات المحتل في المرحلة الثانية من مقاومة العصر".
ولن يكتفي الاحتلال التركي بتهجير أهالي عفرين من مدينتهم، فأقدم على تهجيرهم من الشهباء أيضاً، تلك المنطقة التي حولوها إلى منطقة صغيرة تشبه مدينتهم "كل معاناة نعيشها تزيد بداخلنا الاصرار بالاستمرار في المقاومة والنضال في سبيل تحرير مدينتنا وخروج الاحتلال التركي من كافة الأراضي السورية وعلى رأسها عفرين".
من جانبها قالت روشان مصطفى إنه "بالرغم من الهجمات القوية والمكثفة، إلا أن نضالنا مستمر ومقاومتنا أثبت لجميع الدول التي التزمت الصمت أمام تعرضنا للابادات والمجازر بأننا أقوياء الإرادة، وسياسات الاحتلال التركي لن تثنينا عن مقاومتنا والدفاع عن كرامتنا".
وحول ارتباطهم بمدينتهم، أوضحت أنه "لدينا ارتباط وثيق بمدينتنا لذا من الصعب علينا أن نعتاد العيش على مكان آخر، فعندما هُجرنا إلى الشهباء حولناها إلى عفرين ثانية، وزرعنا تحت كل خيمة أمل العودة إلى حضن عفرين".
وأكدت روشان مصطفى أنه "منذ سبعة أعوام وأصواتنا تصدح بتحرير مدينتنا، ونناشد الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية بتحقيق عودة آمنة إلى عفرين لكن دون جدوى، صمتهم أمام معاناتنا لن تبعدنا عن مدينتنا".
بدورها أوضحت رنكين محمد أنه "ضمن مقاومة العصر أثبت الأهالي مكانتهم في الانضمام إلى دعوة النفير العام، تكاتفنا يداً بيد وتصدينا الهجمات، وكنا نستمد القوة من الأمهات اللواتي تحملنّ السلاح ويشاركنّ في الدفاع عن عفرين ومن تلك القوات التي لن تترك الجبهات يوماً وأعينهم كانت تحرس الجبهات ليلاً ونهاراً رغم التحليق المكثف للطائرات الحربية والمسيرة".
وأشارت إلى وحشية الدولة التركية بعد احتلالها لعفرين "حول الاحتلال التركي عفرين من مدينة للسلام إلى مدينة لممارسة الجرائم والانتهاكات وبؤرة الارهاب التي أثبت من خلاله وحشيته تجاه أهالي عفرين وخاصة النساء، وأقدم على الخطف والنهب والسلب والقتل والدمار وغيرها من الانتهاكات الساعية لتغيير ديمغرافية المنطقة وصبغها بالهوية التركية العثمانية".
وفي نهاية حديثها ناشدت رنكين محمد جميع المنظمات الحقوقية والانسانية بالخروج عن صمتهم أمام انتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته والعمل على تحرير مدينتهم وضمان العودة الآمنة إليها.
والجدير بالذكر أن الاحتلال التركي ومرتزقته أقدم على شن هجماته على مقاطعة الشهباء بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر من العام المنصرم مما أجبر الأهالي على تهجيرهم للمرة الثانية في رحلة قسرية جديدة إلى مناطق آمنة في إقليم شمال وشرق سوريا، ولتعلن مهجرات عفرين والشهباء عن تنظيمهنّ للاستمرار بمقاومتهنّ ونضالهنّ لمواجهة سياسات الاحتلال التركي من خلال اجتماع عقدنه في 15 كانون الثاني/يناير الجاري بمدينة الحسكة.
وشددت النساء خلال البيان الذي أُصدر في نهاية الاجتماع على ضرورة تعزيز كافة النساء وشعب عفرين والشهباء نضالهم من أجل العودة الكريمة والحرة في هذه العملية المهمة، والاستمرار بالنشاط دون انقطاع.