"الحرية تحت الحصار" تونس تواجه أزمة حرية التعبير
اعتبرت الجمعيات التونسية أن الوضع الحالي في بالغ الخطورة، حيث وصلت الأوضاع إلى مستوى غير مسبوق من التهديدات والتنكيل الذي يمس العمل المدني وحرية التنظيم.
تونس ـ تعرضت 600جمعية في تونس إما لتعليق نشاط أو تجميد حسابات بنكية أو إيقاف مباشرة للناشطين والناشطات داخلها أو فتح ملفات مالية وعدلية في حقها، فضلاً عن العنف اليومي والتخويف للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيين والصحفيات.
نظمت اليوم الثلاثاء 11 تشرين الثاني/نوفمبر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بتونس، ندوة صحفية حول القرارات الأخيرة القاضية بتعليق أنشطة عدد من الجمعيات التونسية بصفة تعسفية، وما تمثّله من تصعيد خطير في سياسات التضييق على العمل المدني وضربٍ لحرية التنظيم.
وعرضت الندوة موقف المنظمات المدنية من هذه الإجراءات، وتقديم مضامين الملفات ذات الصلة، إضافة إلى الإعلان عن جملة التحركات القادمة دفاعاً عن الحق في التنظيم وحرية الجمعيات على غرار يومي غضب وطني المصادف يومي 22و29 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
"تنظيم الندوة جاء تضامناً مع كافة الجمعيات التي تعرضت للتعليق"
وعلى هامش الندوة قالت الناشطة النسوية نايلة الزغلامي إن "تم تنظيم الندوة في إطار التضامن مع كافة الجمعيات من ضمنها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وأصوات نساء والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بعد القرارات الفجائية المستمرة بتعليق انشطتها مدة شهر، معتبرةً أنها قرارات تعسفية خاصة وأن تغلب الجمعيات حين وصلت برقية رئاسة الحكومة والتي مفادها تقديم وثائق معينة تخص التمويل وإجراءات أخرى قدمتها وفق المدة التي حددتها.
وأفادت بوجود هجمة شرسة وغير مسبوقة تستهدف المجتمع المدني ما يتطلب مضاعفة التضامن مع هذه الأجسام التي تعمل من أجل واقع أفضل للإنسان لكن تواجهها السلطة بالقمع، مشيرة إلى أنه "برغم للتنكيل لازال النضال متواصل ولن تخمد أصوات الجمعيات منها النساء الديمقراطيات التي اغلقت مراكزها أمام النساء اللواتي تتعرضن للعنف، ولن تجف أقلام صحيفة نواة".
وتابعت "أبوابنا اليوم مغلقة أمام المعنفات وهذا يؤلمنا، فهذه ليست المرة الأولى التي تلاحقنا فيها السلطات، فمنذ التسعينات نجابه هذه الممارسات ودائماً ننتصر".
وعبرت عن التضامن مع ضحايا العنف اللواتي لا ملجأ لهن في ظل توقف الجمعيات عن العمل بسبب مواقف سياسية مزعجة للسلطة "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تستقبل مالا يقل عن ألف امرأة ضحية سنوياً في مراكزها بالعاصمة والجهات، وهذا القرار من شأنه أن يمس هذه الفئة التي اغلقت وزارة الأسرة والمرأة الأبواب في وجهها ووجدت في الجمعيات الاذن والملجأ".
"حملات التشويه والتحريض جزء من سياسة الدولة"
فيما بينت الناشطة النسوية والممثلة عن جمعية العفو الدولية لبنى السعيدي أن "الندوة جاءت في إطار صرخة الفزع ازاء القمع المستمر والمتصاعد للعمل المدني وتجريمه وتشويه إعلامياً، متطرقة إلى استمرار تعليق أنشطة الجمعيات واستمرار اعتقال الناشطين والناشطات بسبب عملهم الحقوقي"، مؤكدة أن "العمل المدني يُخنق كما يخنق العمل السياسي وحرية التعبير في تونس".
وأشارت إلى أن 600جمعية تعرضت إما لتعليق نشاط أو تجميد حسابات بنكية أو إيقاف مباشرة للناشطين والناشطات داخلها أو فتح ملفات مالية وعدلية في حقها، علاوة على العنف اليومي والتخويف للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيين والصحفيات.
كما تطرقت إلى حملات التشويه والتخوين والتحريض ضد هؤلاء سواءً على المنصات الرقمية أو عبر الخطابات، مضيفةً أن "وفق محامين بلا حدود لدينا 31جمعية وطنية و17منظمة دولية و18 جمعية ناشطة في الجهات الداخلية تعرضت للهرسلة والتهديدات بالمنع من العمل"، معتبرة أن النظام الحالي لا يفرق بين نوعية النشاط، ويستهدف الكل وآخرها جمعية نخلة التي تنشط في الجنوب التونسي وتقاوم التصحر عبر غرس النخيل، إضافة إلى الجمعيات القانونية التي تعمل على ارساء الديمقراطية.
وتضامنت مع 7جمعيات نسائية علق نشاطها، وجمعيتين تصدران مواقع رقمية نواة وانكيفادة، وحتى جمعيات تعمل على دعم ذوات وذوي الإعاقة دولية ومحلية ووطنية، و8جمعيات بيئية تقاوم من أجل الحق في بيئة سليمة وغيرها من الجمعيات "نحن كمجتمع مدني مهددون في عملنا ووجودنا".
"ضرب هذه الحريات سياسة جديدة من السلطة الراهنة لترسيخ الديكتاتورية"
فيما بينت الصحفية أميرة محمد أن "الممارسات التي بدأت منذ 25تموز/ يوليو2021 التي تنسف كل أسس الديمقراطية الناشئة التي كانت تتكون في تونس برغم المساوئ، حيث كانت تجربة الديمقراطية في اول نواة تكونها وحققت حرية عمل المجتمع المدني وتأسس منها العمل الجمعياتي وكان صوتاً بديلاً للتونسيين والتونسيات، وقد تم نسفه بهجمة من السلطة الحالية التي منعت حرية التنظيم ومست حرية التعبير وحرية العمل السياسي، لافتةً إلى أن ضرب هذه الحريات سياسة جديدة من السلطة الراهنة لترسيخ الديكتاتورية".
وأشارت إلى أن "الكثير من الجمعيات علقت نشاطها دون أسباب وضرب منظمات تاريخية كالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ووصل الخطر الإعلام الجمعياتي، هنا ندق ناقوس الخطر على الوضع الذي وصلناه في بلادنا، وهذا يدل على أن السلطة الحالية ضاق صدرها على حرية التعبير والتنظم وهي التي لا تريد رؤية إعلام حر بديل يغطي فشل الإعلام العمومي الذي تم إسكات صوته ولا نجد فيه الا الرأي الواحد".
ولفتت إلى وجود استهداف مباشر لحرية التعبير والعمل الصحفي الحر وضرب لما تبقى من وسائل الإعلام الحرة على غرار نواة وانكيفادة، معتبرةً أن من دور الصحافة اليوم في هذا المشهد القاتم الدفاع عن حرية التعبير لإظهار المواقف بكل اختلافاتها للابتعاد عن الصوت الواحد والدعاية الواحدة الداعمة للحاكم، والدفاع عن حق الزملاء والزميلات في العمل الحر ونقل الحقيقة، ومن دور الصحافة الدفاع عن الديمقراطية.