"الحرب ليس لها وجه امرأة" مسرحية تكشف معاناة النساء خلال الحروب
في قالب شعري لا يخلو من مناجاة تراجيدية سلطت مسرحية "الحرب ليس لها وجه امرأة" الضوء على المحنة التي تعيشها النساء أثناء الحروب، اللواتي تتجرعن الألم بعد فقدانهن أبنائهن وأزواجهن.
رجاء خيرات
المغرب ـ يلعب المسرح دوراً بارزاً في النهوض بأوضاع النساء، وما تعشنه وتتعرضن له أثناء الحروب، كما يمكنه الحد من الحروب السائدة في العالم لأنه من خلاله يمكن إيصال رسائل للجميع.
قدمت فرقة مسرح "ألاس" اليونانية خلال الدورة الثانية لمهرجان "جسد" الدولي للنساء المخرجات الذي اختتمت فعالياته في 29 كانون الثاني/يناير، مسرحية "الحرب ليس لها وجه امرأة" وهو العرض الذي كشف عن الثمن الباهظ الذي تدفعه النساء في الحروب.
المسرحية مقتبسة من كتاب "الحرب ليس لها وجه امرأة" للصحفية والكاتبة الاستقصائية الأوكرانية سفيتلانا ألكسيفيتش، التي حصلت على جائزة نوبل للآداب عام 2015، ومن إخراج كاتيا جيرو وناتاليا جورجوسوبولو.
وتدور أحداث مسرحية "الحرب ليس لها وجه امرأة" حول امرأتان تنتحبان وتستعرضان الخسارات التي لحقت بهما أثناء الحرب العالمية الثانية، من خلال سرد أهم الأحداث المأساوية التي لحقت بهما جراء الحرب، وتقرران البوح بالمعاناة والخسارات التي لحقت بهما، في قالب شعري لا يخلو من مناجاة تراجيدية تحاولان عبرها البحث عن فردوسهما المفقود جراء الحرب.
بصوت مخنوق تناجي امرأة حبيبها الذي انتظرته طويلاً ليتزوجا ثم ذهبت لتتسلمه في صندوق بعد أن مات في الحرب، وبصور لا تخلو من القسوة، تخيط فستان زفاف من الضمادات، كأنما يحول فستان العرس إلى ضمادة للجراح، وأم فقدت ابنها ولم يعد لها أي دافع حقيقي للحياة، وأخرى فقدت ساقيها وأصبحت حياتها لا تشبه تلك التي عاشتها قبل الحرب، حيث كانت قادرة على القفز والمشي، ولم يعد لها دافع لكي تستمر في هذه الحياة.
في كل مرة تبوح امرأة من الشخصيتين الرئيسيتين في العمل بما يجول في داخلها، حيث لم يتبق لها إلا الندم و الحسرة والدموع، تحاول من خلالها أن تعيد ترتيب الأشياء المبعثرة، وتكشف عن الوجه القبيح للحرب، التي تدوس في طريقها على كل التفاصيل الجميلة، إنها الحرب البشعة التي لا تفرق بين مدني وعسكري، ولا طفل و امرأة، فقط القصف في كل الاتجاهات وقد يخطأ الوجهة في أحيان كثيرة ويحصد في طريقه من لا يعرفون سبباً لاندلاعها.
هن نساء دفعن ثمناً غالياً في الحرب، بعضهن تعرضن للاغتصاب على يد جنود العدو، ومع ذلك فهن مرابطات في الأوطان لا تبرحن مكانهن، تحكين التاريخ وتشحذن الذاكرة للأجيال اللاحقة التي لم تعش أوزار الحرب ولم تسمع طبولها، تنشدن الأغاني وتحفظن الأشعار، في انتظار أن يعود الأزواج والآباء والأبناء من ساحة المعركة.
لا أحد يعترف لهن بما يقدمنه من ثمن، وعندما يتحقق النصر ويعود الجنود، لا أحد يلتفت لهن أو يقول إنهن كن هنا تعانين وتنتظرننا حتى نعود، أو إنهن عانين كثيراً وتعرضن لأبشع أنواع العذاب، رغم أنهن لم يطأن ساحة المعركة، لكن النساء تخضن معارك من نوع آخر في الحروب، هي من دون شك معارك شرسة وبتكلفة ثقيلة جداً، لأنهن مطالبات بتدبير العيش الذي لم يعد ممكناً ومواصلة الحياة رغم أن الموت يتربص بهن من كل حدب وصوب.
وقالت المخرجة اليونانية كاتيا جيرو إن المسرح يمكن أن يلعب دوراً هاماً في النهوض بأوضاع النساء، لأنه قادر على تغيير العقليات والمعتقدات السائدة، كما أنه يمكن أن يحد من الحروب السائدة في العالم وهذه هي رسالة الفن عموماً.
وأوضحت أن العرض المسرحي الذي قدمته يمكن أن يلهم الكثيرين عبر العالم، لأنه يصور المحنة التي تعيشها النساء أثناء الحروب، حيث تدفعن ثمناً باهظاً، وتتجرعن الألم بعد أن تنتهي.
وبدورها أكدت الممثلة اليونانية ناتاليا جورجوسوبولو أن مهرجان "جسد" يجسد واقع النساء "قدمت مع المخرجة كاتيا جيرو مسرحية "الحرب ليس لها وجه امرأة" التي كشفت عن جوانب كثيرة من المعاناة التي تعيشها النساء أثناء الحرب بسبب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل"، لافتةً إلى أن نساء غزة تعانين وتجدن صعوبة في توفير الطعام لصغارهن.
وأوضحت أن ما تعيشه النساء هناك هو كارثة إنسانية بكل المقاييس ويجب أن تنتهي سريعاً، داعيةً النساء إلى الصمود والمقاومة في ظل ما تتعرضن له من أجل الاستمرار في الحياة.