العديد من القيود تفرض على حياتهن.... العقلية الأبوية متجذرة بعمق في مجتمع جوانرو

أكدت (شايسته. ق) أن العقلية الأبوية متجذرة بعمق في المجتمع، والتي تؤثر على علاقات المرأة الأسرية والاجتماعية وحتى الاقتصادية وتحرمها من حقوقها.

سوما كريمي 

جوانرو ـ ترسخ النظام الأبوي باعتباره بنية اجتماعية حيث تكون السلطة والسيطرة في المقام الأول بأيدي الرجال في العديد من المجتمعات وترك تأثيرات عميقة، أثرت على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة وفرض العديد من القيود على حياتها.

في جميع أنحاء العالم خاصة في المجتمعات التقليدية مثل جوانرو، يؤثر النظام الأبوي بقوة على علاقات المرأة الأسرية والاجتماعية وحتى الاقتصادية، وتواجه النساء في هذه المناطق تحديات خاصة في مواجهة وجهات النظر التقليدية والأبوية التي تحرمهن من حقوقهن، وفي هذه البيئة تضطر المرأة إلى النضال من أجل تحقيق استقلالها وحريتها وحقوقها الإنسانية، وعلى الرغم من أن المرأة تلعب دوراً هاماً في بناء أسرتها ومجتمعها، إلا أن احتياجاتها النفسية والعاطفية والجسدية والاقتصادية وغيرها لا تؤخذ بعين الاعتبار.

وتواجه النساء في جوانرو العديد من القيود في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية مع الرجال، (شایسته. ق) أسم مستعار وهي إحدى النساء اللواتي تحدثن عن التحديات الاجتماعية والثقافية التي تواجهها المرأة في هذه المنطقة قائلة "شهدت جميع النساء في مجتمعنا نظاماً أبوياً وهيمنة ذكورية بطريقة أو بأخرى، إذا نظرنا إلى حياة جميع النساء، ندرك أن الرجال هم الذين اتخذوا القرارات نيابة عن النساء وحددوا مصيرهن دائماً".

وأكدت أنها واجهت العديد من المشاكل في الحياة بسبب العقلية الأبوية والتفكير التقليدي "لقد ولدت في عائلة كبيرة وتقليدية، كان والدي ضد تعليم الفتيات، ومثل أخواتي الأخريات درست حتى نهاية المرحلة الثانوية، وعلى الرغم من أنني كنت من أذكى الطلاب في المدرسة، إلا أن عائلتي لم تسمح لي بإجراء امتحان القبول والذهاب إلى الجامعة، اعتقدت عائلتي أنه ما فائدة الدراسة لابنتهم الصغرى التي عليها أن تتزوج وتربي أطفالاً، منذ 10 سنوات تزوجت من أحد معارفي المقربين، وبعد عامين من ولادة ابنتي سارة أدركت أن زوجي مدمن لذا عدت إلى بيت والديّ رغم معارضتهم". 

وعن المشاكل التي واجهتها بعد طلاقها من زوجها أوضحت أنه "مقابل مهري حصلت على حضانة ابنتي سارا، كنت أعتقد أنني سأجد السلام بالطلاق من زوجي المدمن، ولكن بعد الطلاق زادت صرامة عائلتي، وبما أنني لم أعد أستطيع التحمل أكثر من ذلك، استأجرت منزلاً واشتريت أثاثاً بعد بيع مدخراتي، وانتقلت أنا وابنتي إلى هناك وبدأت العمل لدعم نفسي وتحقيق استقلال اقتصادي من خلال تزيين ملابس النساء الكرديات وصنع الأحزمة والقرنفل".

وأضافت "في ذلك الوقت شعرت بالسعادة لأنني تمكنت من أن أكون مستقلة ولا أكون عبئاً على عائلتي، على الرغم من الكلام الذي كان يقال، ورغم أن والدتي وأفراداً آخرين من العائلة ضغطوا علي مراراً وتكراراً للعودة إلى بيت والدي، إلا أنني لم أستسلم لكلماتهم، وبعد مرور عامين تقدم لي رجل، كما أنني وضعت شرطاً لزواجي هو أن تعيش ابنتي معنا فقبل شرطي وبعد مرور عام على زواجنا عندما أصبحت حاملاً قال زوجي إن ابنتك يجب أن تعود إلى والدها وأنني لم أعد أستطيع تحمل مسؤوليتها، ورغم أنني أحببت ابنتي أكثر من حياتي، إلا أنه بسبب ظروفي وعدم قدرتي على تحمل وصمة الطلاق في المجتمع للمرة الثانية وافقت على ترك ابنتي، وعادت إلى والدها، بعد ولادة ابنتي الناز، تغير سلوك زوجي وبدأ يقيدني، لم أرَ أياً من أصدقائي تقريباً، وفقدت الاتصال تماماً بأقاربي المقربين، ولم يُسمح لي حتى بالذهاب إلى منزل أشقائي، ولم يُسمح لي إلا بالذهاب إلى منزل والدة زوجي ومنزل والدتي، لمرات محدودة".

وتشتكي (شایسته. ق) من القيود التي يفرضها زوجها عليها "يجب أن أطلب الإذن قبل أن أفعل أبسط الأشياء، مثل صبغ شعري، ولا يُسمح لي بالخروج من المنزل ولا حتى مقابلة ابنتي سارة أو الذهاب إلى الحديقة أو السوق مع ابنتي الصغيرة الناز، لأن زوجي يعتقد أنه من غير اللائق أن تذهب المرأة إلى الحديقة بمفردها، أنا في المنزل معظم الوقت والتلفاز هو وسيلة الترفيه الوحيدة المتاحة لي، أريد أن أعمل مرة أخرى لكن زوجي يعارض ويقول ما الفائدة من عمل المرأة؟ أليس في هذا البيت رجل؟".

وأشارت إلى أنها حاولت كثيراً إقناع زوجها للسماح لها بالعمل في المنزل حتى لا تشعر بالملل، ولكنه يعتقد أنه إذا تقدمت مالياً فلن يتمكن من السيطرة عليها "أحيانًا أفكر في الطلاق، ولكن لأن لدي طفل فمن الصعب أن أتخذ مثل هذا القرار، لا أريد أن يكون مصير الناز مثل مصير سارة بلا أم، عندما أناقش هذه المشاكل مع عائلتي، يكون ردهم الوحيد هو أنك تريد التضحية بطفل آخر من أجل رغباتك الخاصة، ينبغي للمرأة أن تقوم بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال المرأة ليست كالرجل، إذا ذهبت إلى السوق كثيراً سيبدأ الناس بالحديث عنك وغيره الكثير من الكلام الذي يتم توجيه لي".

وأكدت أن العقلية الأبوية متجذرة بعمق في المجتمع "لدى العديد من الرجال في منطقة جوانرو نفس الأفكار التقليدية والأبوية، وحتى النساء المسنات لديهن نفس الآراء الأبوية ويتم نقلنها إلى الأجيال، في المجتمع الذي أعيش فيه الرجل هو رب الأسرة ويقرر كل الأمور، حتى الأمور الشخصية لزوجته مثل الملابس ولون الشعر والمكياج وما إلى ذلك".

وتمنت (شایسته. ق) في ختام حديثها "أتمنى أن تتضاءل هذه الأفكار عندما تكبر بناتي يوماً ما، وتصبحن قادرات على السيطرة على حياتهن، ومتابعة دراستهن والذهاب إلى الجامعة والحصول على وظيفة حتى تتمكن من الاستقلال، لا ينبغي أن تنتقل العقلية الأبوية في المجتمع من جيلنا إلى أخر، ويجب أن تحل عقلية المساواة بين الرجل والمرأة محل هذه العقلية التي تقع العديد من النساء ضحايا لها".