الضحية المجهولة... مسرحية تجسد قصص قتيلات في تونس

سلطت مسرحية "الضحية المجهولة" الضوء على التعامل السلبي مع ضحايا العنف، واللواتي تتقدمن لمراكز الأمن للإبلاغ عن العنف الذي تتعرضن له لتواجهن باللامبالاة.

زهور المشرقي

تونس ـ يعتبر الفن إحدى وسائل إيصال قضايا النساء بشكل أسرع وأوسع إلى المجتمع، لأنه يساهم في فضح الجرائم والعنف المخفي وإظهاره للعلن، كما وأنه يساهم في توعية المجتمع للحد من تلك الجرائم.

عرضت مجموعة من الفنانات الشابات مسرحية تتحدث عن التعامل السلبي مع جرائم العنف ضد النساء وما يترتب عنه من مآسي إنسانية تنتهي بقتلهن والتنكيل بهن بأبشع أساليب القتل، محملة السلطات المسؤولية التامة تجاه ما يحل بالنساء في السنوات الأخيرة بسبب العنف، فتلك تدفن بجوار شجرة زيتون وأخرى يقوم زوجها باقتلاع عينيها وأخرى يقص لسانها، جرائم تكشف عن حقد وعدم الخوف من القانون الذي بات جزءً من تلك الجرائم بسبب ألا مبالاة بتطبيقه.

ترجمت مسرحية "الضحية المجهولة"، ما عاشته بعض القتيلات خلال السنوات الأخيرة من عنف مزدوج يشارك فيه الزوج أو الخطيب أو الرفيق أو الأب وحتى الدولة التي تغاضت عن القيام بدورها الوقائي في حماية النساء والفتيات من آفة تفتك بهن.

وجاء عرض المسرحية تزامناً مع الحملة الدولية "16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة "حاكت بألم ما تخلفه جريمة قتل امرأة من آلام لأهلها وحتى لسان دفاعها في المحكمة، وعرت التعامل الأمني السلبي الذي يبدأ من مركز الأمن  بعبارة "هني على روحك"، "إلي صبرت دارها عمرت" ، "طلاقك عار على بوك" وتنتهي بهن قتيلات".

وقالت الكاتبة إيناس صبيحة إن "المسرحية وسيلة قوية للتوعية وفضح التجاوزات والانتهاكات بحق النساء والفتيات والتي عادة ما تؤدي إلى القتل"، لافتةً إلى أن الخطاب المعتمد في المسرحية حقيقي قالته كل ضحية توجهت بلوعي إلى الأمن للاحتماء به، وتوفير الدعم لها فكان جوابه "دارك تستر عارك".

وأوضحت أن جرائم قتل النساء ليست ظاهرة حديثة لكن وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ساهما في فضح المخفي، معتبرةً أن الفن وسيلة لمجابهة العنف فله وقع مهم وتأثير خاصةً على الشباب فضلاً عن المعالجة التي وجب أن تكتسب مقاربة حقوقية نسوية مدافعة عن النساء أي كان مكانهن.

وعن الضحية فاطمة أو عروسة قرقنة بمحافظة صفاقس قالت "هي قصة حقيقية تعود لسنوات حيث قتلت فاطمة الشابة ليلة زواجها على يد ابن عمها الذي رفضت الزواج منه".

وأشارت إلى أن العرض الأول من المسرحية كان في الشارع ولاقى نجاحات غير متوقعة، وتركت أثر في كل من حضرها "أردنا أن يكون الشارع مكاننا الأول حتى يرى الجميع مشاهد الموت والدم وتحدث الصدمة لفظاعة مصيبة الموت بطريقة إجراميّة، قصصنا من الواقع، قضية رفقة الشارني التي قتلها زوجها، وفاطمة التي قتلت على يد ابن عمها ليلة زفافها، وضحايا شاحنات الموت، كلها قصص مؤلمة لتونسيات قتلن وبقيت آلام فقداهن مغروسة في قلب كل امرأة منا".

وأضافت "نحن بحاجة للمسرح الذي يعتبر لغة نضال حديثة ومؤثرة، لقدرته على إيصال قضايا النساء بشكل أسرع وأوسع للتضامن معنا، نحن قتيلات تونس المقبلات أن لم يتم تطبيق القانون وتجاوز ثقافة الإفلات من العقاب".

 

 

ومن جانبها أكدت ملاك سوسي، وهي ممثلة في المسرحية، بأن الفن قادر على مشاركة الدولة في مضاعفة جهودها لمحاربة آفة تقتيل النساء خاصةً في تونس الذي لم يعد الحديث عن حالات العنف بل أصبح الحديث الآن عن جرائم القتل التي تتعرض لها النساء والفتيات بأبشع الطرق، موجهة رسالة مفادها ضرورة التركيز على الفنون للدفاع عن قضايا النساء، "أوقفوا قتل النساء وطبقوا القوانين، لم نعد نحتمل رائحة الدم التي باتت تخنقنا".