الاعتداء على فتاة مغربية في الشارع يثير استياء الجمعيات النسائية

على الرغم من وجود قانون 13ـ 103المتعلق بحماية النساء من العنف في المغرب، إلا أن جرائم الاعتداء على فتيات في الشارع تتكرر.

حنان حارت

المغرب ـ آثار نشر مقطع فيديو يظهر الاعتداء على فتاة في مدينة طنجة شمال المغرب استياء واسعاَ وردود فعل غاضبة، وسط دعوات لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المعتدين.

أظهر الفيديو المتداول، إقدام مجموعة من القاصرين على التحرش بفتاة ومحاولة تعريتها في الشارع وتعنيفها، بدعوى ارتدائها ملابس غير محتشمة.

وتفاعلت السلطات الأمنية المغربية بشكل سريع مع جريمة الاعتداء، وألقي القبض على أربعة قاصرين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً، وقد تم إخضاع الموقوفين الذين ظهروا في شريط الفيديو، للبحث من قبل فرقة الأحداث المكلفة بالأطفال القاصرين.

وأعاد مقطع الفيديو النقاش حول أية حماية للنساء والفتيات في الفضاء العام، ومسألة الحريات الفردية، فيما أصدرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بياناً أمس الثلاثاء 24 أيلول/سبتمبر، حول واقعة التعنيف والتحرش ومحاولة هتك عرض الشابة المغربية بطنجة، من قبل قاصرين وبالغين، وأرجع هذا السلوك لغياب سياسات عمومية فعلية تحمي النساء والفتيات.

وقالت الجمعية في بيانها إنها تتابع بامتعاض وأسف واقعة التعنيف والتحرش ومحاولة هتك عرض الشابة من قبل عدد من القاصرين والبالغين، الذين استغلوا عبور الضحية من ممر عمومي مكتظ باليافعين، لممارسة أفعال مخزية ومشينة، مجرمة بالقانون13 ـ 103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ومجموعة القانون الجنائي. 

وعبرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة وهي تطلع على شريط الفيديو موضوع الواقعة، عن أسفها لتدني قيم عدد من الشباب اليافعين الذين تبنوا منطق العنف والكراهية ضد النساء والفتيات، واستغلوا سلطة جماعية تملكوها للحظات، واعتبروا الشابة المارة من أمامهم "حلقة ضعيفة" يجوز التعدي عليها، وعلى حرمة جسدها، وبالتالي انتهاك كرامتها الإنسانية.

وأوضحت الجمعية أن "الاعتداءات التي تتعرض لها النساء والفتيات من مختلف مناطق المغرب، تؤكد أن العنف ضد النساء المغربيات بمختلف أشكاله وتجلياته، مستمر رغم السياسات العمومية المحدثة"، مبينة أن ممارسة هذه الأفعال من قبل قاصرين هي مسؤولة الأسرة من جهة، ودور مؤسسات التنشئة الاجتماعية من جهة ثانية، فتعنيف القاصرين للنساء والفتيات، أصبح أمراً متكرراً إلى درجة الاعتياد، مع أهمية تشديد المقاربة العقابية في حق ممارسي هذه الأفعال، نظراً لخطورتها وأضرارها الجسدية والنفسية المستمرة في الزمن بالنسبة للضحايا.

ونددت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة والناشطة الحقوقية بشرى عبدو بواقعة التحرش "هذا السلوك بات مألوفاً، فلم نعد نتحدث عن استثناءات لأنه في كل عام أصبحنا نشاهد هذه الجرائم التي تتكرر في الشارع العام، إذ يتم الاعتداء على فتاة ليس لشيء سوى أنها تريد التجوال بالفضاء العام بكل حرية"، مشيرةً إلى أن "بعض الاشخاص والقاصرين يعتبرون الفضاء العام ملك لهم، وليس من حق أي امرأة أو فتاة التجول فيه".

ودقت الناشطة الحقوقية ناقوس الخطر بشأن تكرار مثل هذه السلوكيات تجاه النساء والفتيات في الفضاء العام "التجوال في الفضاء العام هو حق للكل للمرأة والرجل وللفتاة والفتى".

وقالت إنه "على الجهات المعنية التحرك لضمان حقوق النساء في الولوج إلى المجال العام بكل حرية"، مطالبة بإجراءات فورية لوضع حد للمعتدين بسن عقوبات زجرية قاسية على القاصرين والبالغين الذين قاموا بهذا الفعل الشنيع.

وشددت على دور التربية من أجل ترسيخ الثقافة في وجدان الشباب الذين هم رجال المستقبل، مؤكدةً على ضرورة تبني مناهج تعليمية تتضمن المهارات والمعارف المرتبطة بحقوق النساء، منوهةً إلى أهمية دور الأسرة أيضاً في تلقين أبنائهم ثقافة احترام الآخر كيفما كان جنسه، داعية الإعلام المغربي إلى لعب دوره توعوي، لأنه يدخل لكل البيوت.

من جانبها استنكرت عضو جمعية التحدي للمساواة والمواطنة أمينة بجاجا ما حدث للشابة في الشارع العام من قبل مجموعة من القاصرين، واصفة السلوك "بالمشين".

وأعربت عن تضامنها مع الفتاة، لافتة إلى أن مثل هذه الظواهر السلبية تنخر المجتمع وتضرب عرض حائط كل القيم والمبادئ والأخلاق "التحرش والعنف المبني على النوع سلوك جد مرفوض".

ودعت إلى التعامل مع مثل هذه الوقائع بحسم "يجب على السلطات تشديد العقوبات لتفادي تكرار هذه المآسي التي تحد من حرية النساء والفتيات في الفضاء العام".

وأشارت إلى أن التوعية المجتمعية ضرورية لتربية الناشئين على اللاعنف تجاه النساء، مؤكدةً على ضرورة انخراط المؤسسات التعليمية في ترسيخ ثقافة احترام الآخر وفهم خطورة العنف ضد النساء.

وطالبت الجمعية بسن تشريعات جنائية كفيلة بزجر الجناة في جرائم العنف والعنف الرقمي ضد المرأة؛ لمحدودية تطبيق مقتضيات القانون 13ـ 103المتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات، واتخاذ تدابير تنظيمية عملية تكفل إمكانية التقاط وتسجيل ما يحدث بالشارع العام من سلوكيات مشينة ومجرمة، بما ييسر سبل الإثبات على النساء ضحايا جرائم العنف.

ودعت الجهات القضائية المعنية وفي مقدمتها رئاسة النيابة العامة، إلى العمل وفق صلاحياتها القانونية في متابعة المشتبهين بهم في ارتكاب جرائم تتعلق بالمس بالمرأة بسبب جنسها، وكذلك التسريع بمعالجة الشكوات الموضوعة من قبل النساء والفتيات في جرائم العنف الممارس ضدهن.

وتجدر الإشارة إلى أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها فتاة مغربية لمحاولات اعتداء علنية في الشارع أو المرافق العام، ففي عام 2015 أثارت قضية "تنورة فتاتي إنزكان" جدل واسع، فبعد ولوجهما لسوق شعبي تعرضتا لعدة مضايقات وتحرشات بدعوى ارتدائهما لملابس مخلة بالحياء. 

وفي عام 2021، أقدم شاب على رفع ملابس فتاة كانت تمر في الشارع وضربها على منطقة حساسة من جسدها، وهو ما وثقه فيديو انتشر على مواقع التواصل.

وفي عام 2017، كان قد نشر على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر جريمة اعتداء جنسي قام بها ستة شبان على فتاة في حافلة ركاب عمومية، مما أثار صدمة لدى الرأي العام المغربي، خاصةً وأن الحافلة أكملت طريقها دون تدخل من أحد الركاب لوقف المعتدين والدفاع عنها.

وتفيد الأرقام الرسمية أن نحو مغربيتين من أصل ثلاث تتعرضن للعنف، وتعتبر الأماكن العامة هي أحد الأماكن التي تتعرضن فيها لاعتداءات ذات طابع جنسي.

ويتوفر المغرب على ترسانة قانونية تحمي النساء من العنف، لكن بالرغم من ذلك لا زالت حوادث الاعتداءات على النساء تتكرر ولم تفلح القوانين في كبح الظاهرة.

فقانون حماية النساء من العنف الذي دخل حيز التنفيذ في المغرب عام 2018، يعاقب على كل أشكال التحرش أو الاعتداء أو الاستغلال الجنسي أو سوء المعاملة، كما يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة مالية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، فيما تتضاعف العقوبة في عدد من الحالات، حيث ينال المتحرش الجنسي من 3 إلى 5 أعوام سجناً وغرامة مالية، إذا ارتكب التحرش الجنسي من طرف أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية، أو مكلفاً برعايتها أو كافلاً لها، أو إذا كانت الضحية قاصراً.