'الانتحار أزمة صامتة تتطلب دعماً حقيقاً'

سلّطت الأخصائية النفسية فادية العويد، الضوء على تزايد حالات الانتحار في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، مؤكدة على أن منح الحقوق الأساسية يمكن أن يسهم في الحد من هذه الظاهرة، إلى جانب بناء شبكة دعم اجتماعي فعالة، خاصة داخل الأسرة.

سوركول شيخو

تل تمر ـ في تقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي لمنع الانتحار، كشفت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن أكثر من 720 ألف شخص ينهون حياتهم سنوياً حول العالم، موضحةً أن ما يقارب 73% من حالات الانتحار تحدث في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ما يعكس التفاوت الكبير في الدعم النفسي والاجتماعي بين الدول.

أسباب الانتحار بحسب منظمة الصحة العالمية (WHO) تتداخل فيها عوامل اجتماعية وثقافية وبيولوجية ونفسية، مما يستدعي مقاربات شاملة لمعالجتها، وفي هذا السياق، شاركت الأخصائية النفسية في مركز الشهيدة أمارة، فادية العويد، برؤيتها حول تأثير هذه الظاهرة على المجتمعات، مؤكدةً ضرورة التصدي للمخاطر المرتبطة بها من خلال التوعية والدعم النفسي والاجتماعي.

 

خطر متصاعد بين الشباب وأسبابه متعددة

وأشارت فادية العويد إلى أن "الانتحار بات ينتشر بمعدلات مرتفعة عالمياً، ويُعد السبب الثالث للوفاة بين الفئة العمرية من 15 إلى 29 عاماً في العديد من الدول، والأسباب غالباً ما تكون غير واضحة، مما يستدعي تطوير آليات فعالة للوقاية والتدخل المبكر".

وأوضحت أن "دوافع الانتحار لا تقتصر على الأمراض النفسية، بل تشمل عوامل اجتماعية، ثقافية، بيولوجية، بيئية ونفسية، فبعض الأشخاص يقدمون على الانتحار نتيجة ضغوط أسرية أو مجتمعية، وليس بالضرورة بسبب اضطرابات داخلية".

وفي ردها على سؤال حول الفئات الأكثر عرضة، أشارت إلى أن "من يعانون من العنف الأسري أو اضطرابات نفسية، خصوصاً الاكتئاب، هم الأكثر عرضة لمحاولات الانتحار، فالاكتئاب يُعد من أبرز الأسباب التي يجب التعامل معها بجدية".

 

المؤشرات والمخاطر

تلعب العوامل الاقتصادية وفقدان شخص مقرّب دوراً مهماً في زيادة خطر الانتحار، وفي بعض الحالات، قد يكون لدى الأسرة تاريخ سابق في الانتحار، لكن هذا لا يُعد أمراً وراثياً، بل سلوكاً مكتسباً، كما أن التعرض للعنف المستمر، أو الاعتداء، أو الإدمان، أو الأمراض الجسدية المزمنة، كلها أسباب قد تدفع الشخص لاختيار طريق الانتحار، وفقاً لما أوضحته فادية العويد.

وحول المؤشرات والمخاطر التي تظهر على الشخص قبل الانتحار، قالت فإنه من الضروري الانتباه إلى أي شخص يعبّر عن رغبته في إنهاء حياته أو يقول عبارات مثل "أتمنى لو لم أولد" أو "أريد أن أختفي"، فهذه إشارات لا يجب تجاهلها.

وشدّدت على أهمية التعامل الجاد مع هذه التصريحات وعدم اعتبارها مجرد كلام عابر "التغيرات العاطفية الحادة تؤثر بشكل عميق على الشخص، كما أن العزلة الاجتماعية والمشاعر الحزينة تؤثر على علاقاته الأسرية والمجتمعية، ومن المهم أيضاً مراقبة الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، لأنهم أكثر عرضة للخطر".

 

"العلاج يبدأ بالدعم والمساواة"

بعد استعراض العوامل والمخاطر المرتبطة بالانتحار، أكدت فادية العويد أن معالجة هذه الحالات تتطلب فهماً دقيقاً للمؤشرات النفسية والسلوكية "يجب أن يكون العلاج مبنياً على قراءة واضحة للعوامل والمظاهر التي تظهر لدى الشخص، وإلا فلن نتمكن من إنقاذ من يفكر في إنهاء حياته، وجود شبكة دعم اجتماعي، خاصة دور الأسرة النشط، يُعد من أهم الأسس، ولمنع تكرار السلوك الانتحاري، يجب أن يتلقى الشخص العلاج المناسب ويُغيّر نظرته للحياة".

وأشارت إلى أن "نسبة محاولات الانتحار لدى النساء تفوق تلك لدى الرجال، ويُرجع السبب إلى غياب المساواة بين الجنسين، خاصة في الحقوق الطبيعية المرتبطة بالولادة والكرامة".

وترى أن على الأسر أن تربي أطفالها على أساس المساواة، وألا تُقصي النساء عن حقوقهن، لأن ذلك يسهم في الحد من ارتفاع معدلات الانتحار.

وفي دعوة صريحة للنساء، حثت فادية العويد على التكاتف والدعم المتبادل "يجب على الفتيات، والزوجات، والأمهات، والأخوات أن يتلقين الدعم من أسرهن، وأن يُعاملن على أساس المساواة في الحقوق، نحن نعيش في مجتمع لا يزال يهيمن عليه التفكير الذكوري، لذا علينا نحن النساء أن نمسك بأيدي بعضنا، نحمي بعضنا في المنازل، في الشوارع، وفي أماكن العمل، ونؤمن بنجاحاتنا المشتركة".