"الاغتيال السياسي للنساء في العراق"... مؤتمر الحرية والتغيير في بغداد
رحيل الدكتورة بان زياد طارق لم يمر بصمت، بل تحول إلى قضية رأي عام حيث أثار حادث وفاتها أسئلة كثيرة ومشاعر حزن عميقة، وجمع حولها قلوباً تطالب بالحقيقة.

رجاء حميد رشيد
العراق ـ أكدت المشاركات في مؤتمر الحرية والتغيير الذي عقد في العاصمة العراقية بغداد، على أن قضية الدكتورة بان طارق قضية رأي عام تمسّ المجتمع العراقي بأكمله، وهي سياسية بامتياز، فقد أصبحت جرائم الاغتيال السياسي للنساء ظاهرة مقلقة، لا سيما في مدينة البصرة.
تضامناً مع حادثة مقتل الدكتورة بان زياد طارق، ورفضاً للتقرير المُعلن من قبل اللجنة التحقيقية، عُقد أمس الجمعة 22 آب/أغسطس، مؤتمر الحرية والتغيير تحت عنوان "الاغتيال السياسي للنساء في العراق" في العاصمة بغداد.
وأوضح المؤتمر أن العراق تشهد العديد من جرائم قتل النساء والتي أصبحت ظاهرة مقلقة، مشيراً إلى أن الدكتورة بان زياد طارق لم تكن الضحية الأولى، إذ سبقها عدد من النساء اللواتي تم اغتيالهن بدمٍ بارد، مثل سارة طالب، ريهام يعقوب، وسارة العبودي، وإن محاولة تصوير جريمة قتل الدكتورة بان على أنها "انتحار"، ما هي إلا رواية متهالكة، فاشلة، فالهدف من هذه الجرائم هو تحييد النساء وإسكاتهن، في سياق فرض سلطة استبدادية تسعى لتكريس الفساد، ونهب المال العام، ويستهدف إقصاء النساء من المشاركة في مسيرة التغيير والتحول السياسي في العراق، وحرمانهن من حقهن في النضال من أجل الحرية والعدالة.
وفي كلمة لها، استنكرت ليلى الشطري عضوة الهيئة التنفيذية لمؤتمر الحرية والتغيير، جريمة مقتل الدكتورة بان زياد طارق، التي تعد انتهاكاً صارخاً للحق في الحياة، وللمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والقانون الوطني والدولي.
وطالبت ليلى الشطري السلطات المختصة بفتح تحقيق عاجل وشفاف، وضمان محاسبة الجناة وعدم إفلاتهم من العقاب، كما حملت المسؤولية القانونية والأخلاقية لكل من حرّض أو سهّل ارتكاب هذه الجريمة، مؤكدة أن حماية الكوادر المدنية والطبية مسؤولية الحكومة والمجتمع، ولن يتحقق السلام إلا بسيادة القانون ووقف دوامة العنف.
مطالب قانونية وإنسانية لتعزيز مكانة المرأة
من جانبها قالت المحامية فوزية رشيد حميد "فقداننا للدكتورة بان تمثل خسارة كبيرة على المستويين المهني والإنساني، وبصفتي امرأة وأماً، أشعر بمسؤولية تمثيل المرأة العراقية والدفاع عن حقوقها".
وطالبت بأن يُفسح المجال أمام المرأة لتأخذ دورها الحقيقي في المجتمع، فهي الأم، والعاملة، ومع ذلك، لا تزال تعاني من قوانين مجحفة، خصوصاً فيما يتعلق بالحضانة وبعض التشريعات الأخرى، التي تُساهم في زيادة العنف ضد المرأة والطفل والأسرة العراقية عموماً.
وأكدت على ضرورة سن قوانين جديدة أو تعديل القوانين القائمة، بما يضمن دعم المرأة والحد من الأذى الواقع عليها، لأن دعم المرأة هو دعم للمجتمع بأسره، فهي عنصر فعّال وأساس المجتمع.
وأضافت "بحكم عملي في المحاكم، مثّلتُ مختلف شرائح المجتمع، أتمنى أن أكون صوت كل امرأة عراقية، وأن أنقل معاناتها بصدق. صوت المرأة في مجتمعنا لا يزال غير مسموع كما يجب، ولا يجوز الاستمرار في تهميش كيانها أو تجاهل دورها الأساسي في بناء الوطن".
بدورها أكدت الإعلامية شهد ثامر على أهمية انعقاد مثل هذه المؤتمرات من الناحية الإنسانية، موضحة أن المؤتمر ندد بالاغتيالات السياسية وكذلك بالاغتيالات الاعتيادية التي تتعرض لها المرأة العراقية التي تعاني منذ سنوات طويلة من الظلم والاضطهاد.
وأضافت "نؤكد على مطلبنا في إنصاف المرأة ودعمها في جميع مجالات الحياة، بإقرار قوانين عادلة تُدرج ضمن الدستور العراقي لضمان حقوقها، التي عانت طويلاً من قرارات وتشريعات مجحفة بحقها".
مخرجات المؤتمر
وقد اختُتم المؤتمر بجملة من المطالب، أبرزها تشكيل لجنة تحقيق جديدة تضم ممثلين عن نقابة المحامين باعتبارهم ممثلي الحق العام، إشراك منظمات حقوق الإنسان في الإشراف على التحقيق، إعلان نتائج التحقيق بشكل علني أمام الرأي العام، ضمان حرية عمل وسائل الإعلام دون ضغوط، توفير الحماية القانونية والإعلامية لضمان كشف ملابسات وفاة الدكتورة بان طارق، تعديل القوانين التي تتيح التنازل عن الحق الشخصي في قضايا الاغتيال، وجرائم "غسل العار"، والقتل العمد، بحيث يكون الحق العام هو الفيصل.