الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني... ملف شائك يحتاج لإجراءات حازمة للحد منه

تعمل العديد من المؤسسات المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة بكافة أشكاله، على ملف الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني الشائك والذي يحتاج إلى تكثيف للجهود للحد منه والنهوض بالمجتمع.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تهدد جرائم الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني حياة الفتيات والنساء وتنال من حريتهن وتنتهك حقوقهن، وتأتي الثقافة المجتمعية السائدة حول أجساد النساء ونمطية تعاملاتهن وعلاقاتهن في مقدمة الأسباب الكامنة في ارتكابه، وهو الأمر الذي يحتاج لتدخلات للحد منه.

بالتزامن مع حملة الـ 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، عقدت مؤسسة تدوين لدراسات النوع الاجتماعي أمس الاثنين 4 كانون الأول/ديسمبر، مؤتمراً لتسليط الضوء على الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني.

واستعرضت المؤسسة خلال المؤتمر الدراسة التي أعدتها حول العنف الجنسي الإلكتروني في مصر ما بين عامي 2019 ـ 2022، مشيرةً إلى أن معدل ارتكاب جريمة العنف الجنسي الإلكتروني ارتفع بنسبة 50%، لافتةً إلى أن محافظة القاهرة تصدرت قمة الهرم باعتبارها الأعلى بنسبة قدرت بنحو 19.5%، وتلتها محافظة الجيزة بنسبة 15.9%.

وعن أساليب الابتزاز المستخدمة بحسب الدراسة فقد تنوعت وجاء في مقدمتها استخدام صور شخصية ذات طابع جنسي بنسبة قدرت بنحو 72.2% من الحوادث التي تم رصدها ويليها الفيديوهات الشخصية ذات الطابع الجنسي بنسبة 34.9%، لافتةً إلى أنه تم رصد وقوع حالات انتحار فعلية لنحو 3%، ومحاولات انتحار لـ 2.4%، وقتل للجاني في 4.1% من الوقائع المترتبة على الابتزاز والإكراه الالكتروني الجنسي.

وبحسب الدراسة فقد كانت النساء الأكثر تعرضاً للجرائم الإلكترونية بنسبة قدرت بنحو 82.9%، فيما تعرض 10.3% للرجال، وتعد الفئة التي تتراوح أعمارهم بين (11 ـ 20) عاماً الأعلى بنسبة قدرت بنحو 14.1%، ويليها الفئة العمرية من 21 حتى30 عام بنسبة 6.4% وهو ما يدل على كون الشباب هم الفئة العمرية الأكثر تعرضاً لتلك الجرائم.

وأوصت الدراسة بضرورة بنشر البيانات الدورية لهذا النوع من الجرائم على نطاق واسع، وعمل بحوث كيفية بجانب الكمي منها، فضلاً عن تدريب الصحفيين/ات على استخدام اللغة الحساسة للنوع الاجتماعي لضمان تقديم أخبار وتقارير صحفية ممثلة ومسؤولة، وكذلك تدريب المسؤولين عن إنفاذ القانون حول طرق إدارة حوادث الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني بشكل يراعي الاختلاف بين الجنسين، وتنفيذ برامج لدعم وتوعية "الضحايا، الناجين/ات" وأسرهم من تلك الحوادث من خلال مبادرات المجتمع المدني، فضلاً عن التوعية بالقانون وطرق الإبلاغ، وتضمين المناهج الدراسية بمفاهيم عن العنف الإلكتروني والآثار المترتبة عليه وكيفية مواجهته.

وأوضحت المديرة التنفيذية لمؤسسة تدوين لدراسات النوع الاجتماعي أمل فهمي أن الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني يعدان من أشكال العنف المنتشر في المجتمع وخاصة بين الفئة الشابة، واعتبرتها إشكالية كبيرة تتمثل في عدم إصدار المعلومات بصفة دورية وهو ما فرض عليهم العمل على رصد وتحليل الأخبار التي تم نشرها حول معدلات ارتكاب تلك الجريمة لكونهم أدركوا من خلال العمل الميداني ارتفاع معدلها وما تمثله من أعباء تثقل كاهل الفتيات والنساء.

وأشارت إلى أن المؤتمر شهد مجموعة من النقاشات والتجارب الهامة خلال الجلسة الأولى التي تضمنت إطلاق الدراسة ونتائجها، فضلاً عن عرض تجارب المجتمع المدني ومنها مؤسسة "قاوم" التي تعتمد في عملها على دعم ومساندة الفتيات والنساء اللواتي تتعرضن لمثل هذا النوع من الجرائم.

وأكدت على أنهم اهتموا باطلاع الحضور على الواقع العالمي وما تعانينه النساء في بلدان مختلفة من خلال ما تم عرضه في الجلسة الثانية والتي تم خلالها عرض واقع الابتزاز في الدنمارك ومعاناة الضحية بداية من معرفتها وأسرتها بالأمر حتى باتت واحدة من النسويات الفاعلات هناك، معتبرةً أن النساء في مختلف أنحاء العالم تتعرضن له بنسب وأدوات مختلفة.

ولفتت إلى أن مؤسسة تدوين بالأساس معنية برصد الأرقام والبيانات لذلك أهم توصياتها تتمثل في ضرورة توفير المعلومات الدورية من خلال إفصاح الجهات المعنية عن حالات الإبلاغ مع الحفاظ على سرية البيانات، فضلاً عن أهمية التوعية خاصة للأصغر سناً، كاشفة أنهم قرروا العمل على الجرائم الإلكترونية كنوع من البرامج التوعوية التي يقدمونها على أرض الواقع كالتوعية بمخاطر الختان وتزويج القاصرات.

 

 

 

الابتزاز والإكراه الجنسي... إهمال زاد من حجم الكارثة

من جانبها أكدت استشارية الصحة الإنجابية والسكانية مواهب المويلحي على أن ملف الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني هام لكونه مؤثر في قرارات ومسيرة الفتيات والنساء، إلا أنه أُهمل لفترة طويلة فترتب على ذلك حدوث العديد من الجرائم.

وأوضحت أن الأزمة تكمن في ثقافة المجتمع الذي يتيح للرجل فعل أي شيء حتى لو كان مؤذي للفتاة أو المرأة دون وصم أو محاسبة حقيقية، معتبرةً أن الأزمة الحقيقية تكمن في المواجهة، لكون الفتاة التي تقرر رفض الابتزاز والصمود في وجهه عليها أيضاً أن تفكر في أسرتها والمجتمع المحيط بها وردة فعلهم حيال ذلك، وهو الأمر الذي يحتاج للعمل بدأب من أجل رفع معدل التوعية به.

وبينت أن للإعلام والدراما دور في رفع الوعي المجتمعي لكونهم مؤثرين فعلياً على أفكار المتلقي خاصة بعد تكرار حوادث القتل والانتحار على خلفية هذا النوع من الجرائم، لافتةً إلى أن المجتمع المدني له دور كبير في التوعية والبرلمان عليه مناقشة تغليظ العقوبات وأيضاً السلطة التنفيذية في حاجة للعمل من أجل إزالة الصعوبات التي تواجه المبلغات من أجل إحراز إنجاز حقيقي وتأثير في حجم تلك الجريمة وتحجيم انتشارها.

 

 

 

إشكالية الإبلاغ وإجراءاته تحتاج لإعادة نظر

وكشفت مديرة فرع المرج للجمعية المصرية للتنمية الشاملة نهاد متا أن المؤتمر والدراسة التي تم طرحها حول الابتزاز والإكراه الجنسي الإلكتروني تعنيهم بدرجة كبيرة لكونهم يعملون في مناطق ومجتمعات مختلفة منها المرج بما تحمله من تكوين عشوائي، وأنهم يلمسون حجم تأثير تلك الجريمة على الفتيات وأسرهن على أرض الواقع.

وأشارت إلى أن لديهم مكتب به جزء خاص بالدعم القانوني والنفسي، وأن أكثر المتعرضات لتلك الجريمة تتراوح أعمارهن ما بين 11 ـ 22 عاماً، وأنهم استقبلوا حالة ابتزاز لفتاة في سن الـ 16 عام حينما توجه إليهم عمها وبالفعل تواصلوا مع لجان الحماية الفرعية بالمرج وتم تحويل الشكوى لقسم المرج وهنا توقف الأمر تماماً لوجود إشكالية تتعلق بالإبلاغ وإجراءاته.

واعتبرت أن المجتمع المدني عليه دور كبير في مشاركة المعلومات والخبرات من أجل بناء وعي مجتمعي بالظاهرة لكونه ذكوري ويقبل مثل هذه الممارسات الإجرامية مما يستوجب التكاتف والعمل الدؤوب لتغييره، مؤكدةً على أهمية وضع قسم خاص باستقبال هذا النوع من الشكاوى بأقسام الشرطة مدرب فعلياً على التعامل مع ضحاياه.