احتجاجاً على موجة الإعدامات... سجناء قزل حصار يواصلون إضرابهم عن الطعام
في تطور لافت يعكس تصاعد التوتر داخل السجون الإيرانية، بدأ نحو 1500 سجين محكوم بالإعدام في سجن قزل حصار بمدينة كرج إضراباً عن الطعام منذ خمسة أيام احتجاجاً على تنفيذ أحكام الإعدام بحق عدد من السجناء.

مركز الأخبار ـ أثارت موجة الإعدامات المتصاعدة التي تشهدها إيران في الآونة الأخيرة، قلقاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والشعبية، وتزامناً مع تنفيذ أحكام جديدة، اندلعت احتجاجات داخل السجون، أبرزها إضراب جماعي في سجن قزل حصار.
مع تصاعد موجة الإعدامات في إيران، بدأ نحو 1500 سجين في عدة وحدات بسجن قزل حصار بمدينة كرج، وخاصة في الوحدة الثانية التي تضم المحكومين بالإعدام، إضراباً عن الطعام واعتصاماً جماعياً ورفضوا استلام وجبات الطعام، مطالبين بوقف فوري لعمليات الإعدام وإلغاء عقوبة الإعدام نهائياً.
وبناءً على المقاطع المصورة التي تم تداولها، شهد سجن قزل حصار حالة من التوتر الشديد، رافقتها إجراءات أمنية مشددة من قبل السلطات، وقد أقدم مسؤولو السجن على تشغيل أجهزة التشويش داخل المنشأة، في محاولة لمنع تسريب المعلومات إلى الخارج، من خلال بث موجات قوية تغطي مختلف الترددات، مما يؤدي إلى إضعاف الإشارات أو قطعها بالكامل.
وتدهورت الحالة الصحية للسجناء المضربين عن الطعام في الوحدة الثانية بسجن قزل حصار بشكل خطير بعد مرور خمسة أيام على بدء الأضراب عن الطعام، وأشارت مقاطع الفيديو المسربة من داخل السجن إلى أن العديد من السجناء يعانون من أعراض جسدية مقلقة، أبرزها الضعف الشديد، الدوار، والخمول، نتيجة الجوع المطول.
ورغم هذه الأوضاع الحرجة، تم حرمان السجناء من أي شكل من أشكال الرعاية الطبية ما يزيد من المخاوف بشأن سلامتهم الجسدية واحتمال وقوع حالات وفاة في حال استمرار الإضراب دون تدخل عاجل.
وبدأ إضراب السجناء عن الطعام في سجن قزل حصار بكرج في الثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، حيث نُقل 16 معتقلاً إلى الحبس الانفرادي لتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقهم، وبعد ساعات تعالت أصوات الاحتجاجات وشعارات "لا للإعدام" من مختلف القاعات، ورفض السجناء تناول الطعام في تحرك منسق.
وفي الأيام الأولى من الإضراب، نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام بحق ما لا يقل عن ثمانية سجناء داخل سجن قزل حصار، ما أشعل موجة من الغضب والقلق بين باقي النزلاء، هذا التصعيد دفع السجناء في العنابر الأخرى للانضمام إلى الاحتجاج معلنين استمرار إضرابهم حتى يتم وقف تنفيذ أحكام الإعدام وتخفيفها.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه الإضراب، لم تكتف إدارة السجن بعدم الاستجابة لمطالب السجناء بل عمدت إلى تشديد القيود عليهم، بما في ذلك تعطيل وسائل الاتصال مع العالم الخارجي في محاولة لعزلهم عن أي دعم أو تضامن خارجي، وزيادة الضغط النفسي عليهم.
نداء عاجل
في مقطع فيديو مؤثر نُشر قبل عدة أيام من داخل سجن قزل حصار، وجّه أحد السجناء المحكومين بالإعدام رسالة إلى الشعب الإيراني، مع دخول اليوم الرابع من الإضراب الجماعي في الوحدة الثانية قال فيها "هنا في قزل حصار، جحيمٌ شرق أوسطيٌّ تفوح منه رائحة الموت، صوت أذان الفجر، وشفاهٌ تبيضّ خوفاً من عمليات الإعدام التي لا تُحصى، وبرد قارس أشعر به والسلاسل على صدري، خوفاً من أن نكون التاليين، يا شعب إيران العزيز، يا وطني، يا الأمم المتحدة، يا نشطاء حقوق الإنسان، يا مسؤولي البلاد، نحن أبناء هذه الأرض، هذه المرة أطلب منكم أن تسمعوا صرختنا بشفاه مخيطة، وأن تسيروا إلى جانبنا حتى يتم تعطيل آلة قتل البشر في الجمهورية الإسلامية".
وأصدرت مجموعة من المعتقلات السياسيات في سجن إيفين، يوم أمس، بياناً تضامنياً مع السجناء المضربين عن الطعام في سجن قزل حصار بمدينة كرج، وذلك تزامناً مع دخول الإضراب يومه الرابع، وأعربت المعتقلات عن دعمهن الكامل لمطالب السجناء، مشيرات إلى ضرورة تحويل قضية الإعدام إلى قضية عامة تهم المجتمع بأسره "نأمل أن يصبح الاحتجاج ضد الإعدام قضية عامة في المجتمع".
"تفاقم الأوضاع الإنسانية في إيران يؤدي إلى تقسيم المجتمع"
وجاء في نص البيان الذي نشر على صحفة الناشطة المدنية كلرخ إيرائي المعتقلة في سجن إيفين وعبرت فيه عن احتجاجها على تصاعد الإعدامات في إيران، وتضامنها مع السجناء المضربين في سجن قزل حصار "اليد التي تمد يدها لإطعام نفسها أو طفلها تُقطع إلى المقصلة، والرأس الذي يتجهم أمام الفقر والجوع يُعلق على المشنقة، لقد أدى انتشار الفقر والفساد والبؤس إلى تقسيم المجتمع إلى نصفين، العلوي والسفلي، ولم يتبقى حتى الخبز اليابس على الموائد لإشباع الجوع كل من يرفع يده ويصرخ من هذا الفقر والبؤس يٌساق إلى المسلخ".
وأكد البيان أن النظام يعمد دون الاعتراف بأي إخفاقات سياسية أو اقتصادية، إلى تصنيف الأفعال الإجرامية على أنها "جرائم عنيفة" أو "جنح"، في محاولة منه لتأجيج الرأي العام ضد المحكوم عليهم بالإعدام، ويتم استخدام هذا الاسلوب لتبرير تنفيذ أحكام الإعدام، عبر التركيز على طبيعة الجرائم المنسوبة للمدانين، متجاهلًا في الوقت ذاته جذور المشكلة المتمثلة في الفقر، والفساد، وانعدام الكفاءة داخل مؤسسات الدولة، إن هذا النهج يهدف إلى صرف الأنظار عن الأزمات البنيوية، وتحويل الإدانة الشعبية من النظام إلى الأفراد، عبر إثارة المشاعر العامة وتغذية خطاب التخويف.
وأضاف البيان "تقع أفعال إجرامية كالقتل والمخدرات والتي تُعاقب بالإعدام عادةً، نتيجةً لإجراءات النظام السياسية والاقتصادية، ويُعدّ الاحتجاج على سياسات النظام هذه دليلاً على نضج الرأي العام، مؤخراً ثار أكثر من ألف سجين محكوم عليهم بالإعدام في سجن قزل هزار على أحكام الإعدام وسياسات الحكومة القمعية، ويمثل النضج السياسي لهؤلاء المحكومين بالإعدام في سجن قزل حصار نقطة تحول في تاريخ نضال الشعب الإيراني ضد القمع وعقوبة الإعدام.
التأكيد على أهمية التضامن النسوي
ولفت البيان إلى أن قسم النساء في سجن إيفين قد أعلن في وقت سابق عن تضامنه الكامل مع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في سجن قزل حصار، مشيداً بالحركة الاحتجاجية التي أطلقوها ضد عقوبة الإعدام.
وأكد البيان وقوف المعتقلات السياسيات إلى جانب جميع المحكومين بالإعدام وأسرهم، حتى تحقيق مطلبهم بإلغاء هذه العقوبة "أن الاحتجاج ضد الإعدامات يجب أن يتحول إلى قضية عامة تشغل المجتمع بأسره"، في إشارة إلى النداء الذي وجهه سجناء قزل حصار للرأي العام خلال الأيام الماضية، مطالبين بدعم تحركهم السلمي لوقف تنفيذ أحكام الإعدام.