إحدى جرحى ثورة المرأة: سنحافظ على الثورة وإنجازاتنا
ذكرت حليمة عثمان، التي شهدت 12 عاماً من ثورة المرأة وكان لها دور فعال فيها، أن المرأة خلقت حياة بديلة من خلال النضال ضد نظام الحكم السلطوي للدولة والمجتمع.
برجم جودي
كوباني ـ انطلقت ثورة روج آفا في 19 تموز/يوليو 2012 في مدينة كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا، ثم استمرت في عفرين والجزيرة، واختارت خطاً مختلفاً وأقامت نموذج الأمة الديمقراطية القائم على الديمقراطية والبيئة وحرية المرأة.
لقد خلقت ثورة روج آفا العديد من الثورات الأخرى في داخلها، كما خلقت فرصاً مختلفة من حيث اللغة والثقافة والسياسة والقانون والطبيعة وخاصة للنساء. الثورة التي بلغ عمرها 12 عاماً، شهودها، يعتبرون هذه الثورة ولادة جديدة وحتى الآن يعبرون عن تفاصيل ومشاعر تلك الفترة بإحساس وعاطفة مختلفة.
حليمة عثمان، البالغة من العمر 47 عاماً، هي إحدى النساء اللواتي احتلن مكانة مهمة في ثورة المرأة، ورغم أنها أم، إلا أنها انضمت إلى قوى الأمن الداخلي لفترة طويلة، بل وأخذت مكانها في مقاومة كوباني ضد داعش لفترة، وكانت حليمة عثمان، التي انخرطت مؤخراً في أنشطة منظمة سارا، قد تعرضت لهجوم بطائرات مسيرة للدولة التركية في 18 نيسان/أبريل من العام الجاري، وأصيبت على إثره.
"إعلان استقلال كوباني بوحدة وتضامن سكانها"
وتذكرت حليمة عثمان تفاصيل الثورة التي انطلقت من كوباني "كانت مرحلة ما قبل 19 تموز مثيرة للغاية وذات مغزى، أتذكر أننا كنا جميعاً ننشط ونستعد بحماس كبير، وعلى مستوى توعية وتنظيم المجتمع، تم الاستعداد لإنشاء المجالس وقوات الدفاع. بفهم ومعرفة ومسؤولية كبيرة، أخرجنا نحن أبناء كوباني نظام البعث من كوباني وأعلننا استقلالنا. غمرنا الحماس والسعادة وشعور لا يوصف لدرجة أننا نظمنا حفلات ومسيرات دون انقطاع، شارك فيها الأطفال والنساء والشباب والشيوخ. مدينة كوباني ملك للشعب الكردي والقائد عبد الله أوجلان، وبهذا وبعد سنوات من الاحتلال أصبحت كوباني مدينة لشعبها، ومع هذه الخطوة اشتعلت شرارة الثورة وانتشرت تدريجياً في روج آفا، حيث تحقق حلم الشعب الكردي بتحرير جزء من كردستان".
"بناء حياة ونظام بديل في ثورة المرأة"
ولفتت حليمة عثمان إلى تحول الثورة إلى ثورة المرأة "في الخطوات التي ذكرناها، كان للمرأة حضور كبير. دخلنا كنساء إلى كل مؤسسات النظام، وأنزلنا علمهم وعلقنا بدله علمنا الأخضر والأحمر والأصفر، فقد كانت النساء في وضع وكأنهن عشب مسحوق تحت الأنقاض حيث استخدم نظام البعث والمجتمع نفس العقلية والسياسة تجاه المرأة وأصبح كل شيء ملك للرجل، وتم عزل النساء عن صوتهن ولونهن وهويتهن، لذا فإن الثورة التي بدأت، خلقت لدى المرأة القوة والإصرار على التمرد والانتفاض وأصبحت صاحبة الثورة، ورأت النساء الفرصة سانحة لبناء حياة ونظام بديل جديد يضمن لهن وجودهن وحقوقهن وحريتهن، فرحبن بها بحماسة كبيرة. نحن النساء كنا بحاجة لهذه الثورة أكثر من كل فئات المجتمع، لذلك انتفضنا وأخذنا زمام المبادرة وجعلنا من الثورة ثورة نسائية وعلى وجه الخصوص، اعتمدنا في نضالنا على منظور القائد أوجلان الذي يربط حرية المجتمع بحرية المرأة".
"كسرت كل القيود وانضممت للثورة"
وتحدثت حليمة عثمان عن التغييرات التي عاشتها "محظوظة جداً لكوني جزءاً من ثورة المرأة وقد رأيت وشهدت هذه التطورات الحالية. قبل هذه الثورة، كانت حياتي مقتصرة على تربية الأطفال في المنزل ونتيجة للتقاليد المتخلفة والوعي المجتمعي الأبوي، لم نتمكن من تحديد وتحقيق أهداف لمستقبلنا، ولكن بمجرد أن اندلعت الثورة وأتيحت لنا الفرص، بدأت العمل. في البداية قمت بنشاطات مجلس حي "الشهيد يحيى"، ثم كنت من أول 5 نساء انضممن إلى قوى الأمن الداخلي النسائية (أسايش المرأة)، ومن أجل زيادة عدد النساء، قمنا بزيارة جميع المنازل، لكن المجتمع لم يقبل أن ترتدي المرأة الملابس العسكرية وتدافع عن مدينتها، وقد كانت هذه هي قضايا النضال، حيث تمكنا من القضاء على هذه القيود والآراء وبهذا النضال تم إنشاء العشرات من وحدات حماية المرأة YPJ وازدادت أعداد قوات أمن المرأة، وشهدنا تقدماً كبيراً في مجال الدفاع عن النفس وهكذا تمكنا من تحقيق إنجازات في جميع مجالات الحياة وأن نصبح أصحاب قوة وحضور في جميع المجالات".
"رغم كل الهجمات، سنجعل ثورتنا دائمة"
وفي ختام حديثها، وجهت حليمة عثمان رسالة في ذكرى ثورة المرأة "إذا عرفنا ثورتنا اليوم وجعلناها ذات معنى، فسوف يكون الجواب إنجازات المرأة. في أي ثورة أو ظروف استطاعت المرأة أن تبني لنفسها نظاماً يقبل حريتها في المستوى الأول خلال 12 عاماً؟ أو استطاعت المشاركة في مجال التنظيم والدفاع عن النفس والقانون والثقافة والعلم والتعليم والإعلام وغيرها وتنظيم استقلالها".
وأشارت إلى أن "المثال الأكثر وضوحاً هو المنظمة النسائية مؤتمر ستار، التي تحولت من اتحاد ستار إلى مؤتمر ستار وهذا النموذج الذي نشأ بفضل ثورة المرأة، أصبح أملاً للمرأة والشعب وخطراً على القوى المهيمنة. قررت أن أشارك في ثورة المرأة وأقوم بدوري وأقوم بأنشطة فعالة. استهدفتني الدولة التركية بشكل مباشر بطائرة بدون طيار، ونتيجة لذلك فقدت ذراعي وساقي. في الذكرى الثانية عشرة لثورتنا، أقول؛ لا يزال لدي ذراع وساق ولسان وعقل لذا حتى آخر قطرة دم سنواصل النضال من أجل الحفاظ على ثورة المرأة ومنجزاتها".