"آهات غالاتيا وعشقك جرس نغم في دمي" صرخة امرأة بين الأسطورة والواقع
في زمن تهيمن فيه النماذج الذكورية على الفضاء الأدبي، تخرج أصوات نسائية لتعيد تشكيل الحكاية من زاوية الوجع والبحث عن المعنى، سمية قرفادي واحدة من هؤلاء الكاتبات اللواتي لا يكتبن فقط من أجل السرد، بل من أجل البوح والتوثيق والمقاومة.

حنان حارت
المغرب ـ من الأسطورة الإغريقية إلى الحكايات المنسية في البوادي المغربية، تنسج الكاتبة سمية قرفادي عوالمها بين الشعر والنثر، بين الرمزية والواقعية، في محاولة لإعادة الاعتبار لتجارب النساء المقهورات، وللصوت الأنثوي كفعل مقاومة وصمود.
وقعت الروائية المغربية سمية قرفادي عملين جديدين "آهات غالاتيا" و "عشقك جرس نغم في دمي"، ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، التي انطلقت بالرباط في الـ 18 نيسان/أبريل وتستمر إلى غاية 27 من الشهر الجاري.
وخلال حفل التوقيع، تحدثت سمية القرفادي عن مسارها الإبداعي وأحدث أعمالها الأدبية، التي تراوح بين الشعر والنثر، بين الواقع والأسطورة، وتنسج عوالم إنسانية تنبثق من عمق التجربة الذاتية.
واستحضرت في عملها قصة "غالاتيا" الإغريقية، الفتاة التي تحولت إلى حجر، لتنسج على هامش الأسطورة رواية نسوية تحتفي بالمرأة المقهورة، وتمرر خطابا روحياً عميقاً عن الطفولة والحب والكرامة الضائعة.
ومن بين شخصيات الرواية، تبرز صفية، التي تعيش تحت وطأة أعراف قاسية، ووجه النار، الطفلة القادمة من البادية إلى المدينة، تحمل ملامح التمرد والخوف معاً.
وبينت أنه في الخلفية، هناك "عدو الشمس"، كناية عن القامع، الذكوري، القاسي، الذي يلاحق النساء بأحكامه واغتصابه الرمزي والفعلي لبراءتهن، لكنه في الرواية تقول سمية قرفادي ليس وحشا خارقاً، بل إنسان مأزوم وهش، يحتمي بالعنف ليغطي ضعفه.
وتحدثث سمية قرفادي، عن مدينتها القنيطرة، واصفة مسقط رأسها بـ"مدينة الغنجيات والمقاومة"، معتبرة الكتابة فعل بوح ومقاومة، ومساحة لإحياء صوت النساء المنسيات.
تقول لوكالتنا "آهات غالاتيا ليست مجرد نص، بل مقام جنائزي على أرواح الطفلات المقهورات، ومرآة للنساء اللواتي يخترن الصمت بدل الصراخ، لأن الصراخ مكلف".
وعن ديوانها النثري "عشقك جرس نغم في دمي"، والذي يمثل امتداداً لذائقتها الشعرية، حيث تنسج مشاهد من الحب والغياب، والحنين، عبر لغة مشحونة بالإحساس، مركزة على الأحاسيس والتقلبات النفسية، من خلال شخصيات تعيش بين الانتصار والانكسار، وتتأرجح في مسار البحث عن الذات والحب والأمان.
وحول حضور المرأة في أعمالها، أكدت أنها تحرص على إبراز الجانب النسائي والروحي دون تبني شعارات جاهزة، بل من خلال شخصيات معقدة، حساسة، تنبض بالرمزية والواقعية، ففي "آهات غالاتيا" تحكي عن معاناة المرأة بين قسوة الأعراف وبحث الذات عن الحياة، هي مرآة للمعاناة السرمدية للنساء، ضحايا المواضعات الاجتماعية وأحكام القربى.
وأكدت أنه في كلتا العملين "الحب لا يمنح لنا نحن النساء، بل منح ككائنات ناقصة، تابعة، تقاوم من أجل القليل من الدفء وسط عالم من حجر".
واختتمت الروائية المغربية سمية قرفادي حديثها بالقول أن الكتابة عندها تظل فعل مقاومة، وتوثيقا لذاكرة نساء منسيات، مقهورات، ومقاومات بصمت، هي محاولة لزرع أمل صغير في قلب القارئ بأن التغيير ممكن.
وبأعمالها الجديدة، تنضم سمية قرفادي إلى أصوات نسائية مغربية وعربية تكتب من موقع الألم، وتحفر في الذاكرة الجماعية للنساء، لعل الكتابة تكون عزاء ومتنفساً، وربما خلاصاً.