اَلْمَرْأَةُ بَيْنَ اَلنَّجَاحِ وَالْمُجْتَمَعِ
مقال بقلم الكاتبة المغربية ابتسام يعقوب
عندما أشرع بالتعريف عن نفسي تتسابق أكثر من هُويّة؛ فأنا امرأة، وأنا الطفلة، والفتاة، والمراهقة، والشابة، وأنا الزوجة، والتلميذة، وأنا ربة البيت، والعاملة، والموظفة، والمسلمة، والعربية، والإنسانة، والكونية والعالمية. كلّها تنتهي بالتاء المربوطة التي قد تجعلُ كل ما ذكرتُه عقبة صعبة التخطي، فَالْمَرْأَةُ أَيْنَمَا وَجِدَتْ قَدْ تَكُون أَسِيرَةً لِتَحَدِّيَاتٍ كَثِيرَةٍ: بيتُ الزوجيّةِ، الأطفال، خلقُ التوازن بين العملِ والأسرةِ، وكلامُ الناسِ، فَهُنَاكَ دِرَاسَةٌ لِجَامِعَةِ "هَارْفَرْدْ" أكّد الباحثون فيها أنّ أكثر من خمسين بالمئة من الرجال يفاوضون على أوّل راتبٍ يقدّمُ لهم، بينما أكثر من تسعين بالمئة من النساء تقبلُ بأول راتبٍ يعرضُ لها مع وجود التساوي بين كفاءة الاثنين، وفي المقابل إن نظرنا للتخصصات في الجامعة سنجد أن عدد الفتيات أكثر من الفتيان وأن مؤهلاتِ المرأة تساوي أو تفوق مؤهلاتِ الرجلِ، لكن المرأة تشرع في التفوق والتألق، ثمّ تقف، تحصلُ على أعلى الدرجاتِ العلميّةِ وأفضلُ التدريبات الميدانيّة، لكن لا نراها في سوق العمل بقدرِ ما نرى الرجلُ. المرأة تقف وأولُ حجةٍ لتبرير الفشلِ هي المجتمع الذي نعلق عليه نحن النساءُ خيباتِنا؛ المجتمع لا يرحم، المجتمعُ ظالمٌ، المجتمعُ لا يدعم... بينما المشكلةُ التي تعوقُ كل امرأة عن التقدمِ هي عدمُ فهمِها لذاتِها وكيانِها، تصرُّ على مقارنة نجاحِها بنجاح الرجلِ، فإمّا أن تُجهِد نفسها وتحملها فوق طاقتِها لتكن تماماً كالرجلِ، وإما تُحاول وتفشلُ، فترجعُ خطوةً للوراءِ... صورة تتكرّرُ في المجتمع حتى تشربتها المرأة، حتى أنّه في أي لحظة فشلٍ أو انكسارٍ تُلامُ على كونها امرأة، والغريب أنها تقبل ذلك وتقتنع، وتدخل في دوامة لوم النّفس والشعور بالذنب بدلاً من أن تحاول إيجاد المشكلة الحقيقية.
المرأة تضع أمامها حاجزاً كبيراً جداً هو حاجز الخوف؛ الخوف من الإقدام، الخوف من المحاولة والفشل...
لابأس بأن تشعُري بالخوف، لكن تقدمي بأيةِ حالٍ لا تنتظري فرصة ذهبية أو فرصةُ الأحلامِ، ولا تقيسي نجاحُك بمقياس واحد بشهادة أكاديمية مثلاً، أو بالزواج، أو السفر... لا توجدُ فرصة ذهبية واحدة في الحياة بينما توجد تجربة مع كل فرصةٍ نقتنصها.