اليمن يسجل أعلى معدل لانتهاكات الحريات الإعلامية منذ بداية العام
كشف تقرير جديد لمرصد الحريات الإعلامية عن التصعيد الخطير للانتهاكات التي طالت الصحفيين في اليمن خلال أيار/مايو الفائت، حيث تم تسجيل 21 حالة انتهاك، مما يجعله الشهر الأكثر قمعاً للصحفيين منذ بداية العام.

اليمن ـ يتعرض الصحفيون في اليمن لانتهاكات متزايدة تهدد سلامتهم وتقيد قدرتهم على أداء دورهم في نقل الحقيقة، في ظل تصاعد النزاع، وتتعدد أشكال القمع بدءاً من الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني وصولاً إلى التهديدات المباشرة، المحاكمات الجائرة، ومنع التغطية والتصوير.
شهدت الحريات الإعلامية في اليمن خلال شهر أيار/مايو الفائت، تصعيداً غير مسبوق، حيث سجلت أعلى معدل شهري للانتهاكات منذ بداية العام، في مؤشر خطير على تدهور مستمر في بيئة العمل الصحفي في البلاد.
وأفاد مرصد الحريات الإعلامية (Marsadak)، في تقرير جديد له، أنه وثق 21 حالة انتهاك طالت صحفيين ومؤسسات إعلامية خلال شهر واحد فقط، ما يجعله الشهر الأكثر قمعاً للصحفيين منذ بداية العام الجاري.
وتنوعت الانتهاكات المرصودة وفقاً للمرصد بين الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني والتهديد المباشر، بالإضافة إلى حالات الاستجواب والمحاكمة على خلفية النشر، ومحاولات الاعتداء والاعتقال، والمنع من التغطية والتصوير، هذا التعدد في أشكال الانتهاك يعكس بيئة عدائية متزايدة تجاه الصحافة، ويؤكد تصاعد التضييق على حرية التعبير في مختلف مناطق اليمن، دون استثناء.
الحوثيون والحكومة يتصدران قائمة المنتهكين
وأشار التقرير إلى أن هذه الحصيلة تمثل زيادة بنسبة 320% مقارنة بشهر نيسان/أبريل الماضي، والذي شهد خمس حالات فقط، وهو ما يعكس طفرة مفاجئة وخطيرة في مستوى القمع والانتهاك خلال فترة زمنية قصيرة، وتصدر الحوثيين قائمة الجهات المنتهكة للحريات الإعلامية، بارتكابها عشر حالات انتهاك، أي ما نسبته 48% من إجمالي الحالات المسجلة في أيار/مايو الفائت، تلتها الحكومة المعترف بها دولياً بسبع حالات (33%)، ثم المجلس الانتقالي الجنوبي بثلاث حالات، بينما نسبت حالة واحدة فقط إلى جهات مجهولة.
وأوضح التقرير أن هذا التوزيع يظهر أن الانتهاكات ليست حكراً على جهة بعينها، بل تتقاسمها أطراف النزاع المختلفة، ما يفاقم من تعقيد المشهد ويُضعف من فرص محاسبة الجناة أو توفير حماية حقيقية للصحفيين.
ولفت التقرير إلى أنه من حيث التوزيع الجغرافي، توزعت الانتهاكات على ثماني محافظات يمنية، تصدرتها محافظة الحديدة بخمس حالات، تلتها صنعاء ومأرب بأربع حالات في كل منهما، ثم محافظة تعز بثلاث حالات، فيما سُجلت حالتان في عدن، وحالة واحدة في كل من ذمار، وحضرموت، وسقطرى، مضيفاً أن هذا الانتشار الجغرافي للانتهاكات يعكس الخطر الذي يهدد الصحفيين في عموم البلاد، سواءً في مناطق سيطرة الحوثيين أو الحكومة أو المجلس الانتقالي، وهو ما يدعو للقلق بشأن غياب أي بقعة آمنة للعمل الصحفي في اليمن.
تدهور تراكمي منذ اندلاع الصراع
ووفقاً لإحصائيات المرصد، ارتفعت حالات الانتهاك ضد الحريات الإعلامية إلى 59 حالة منذ بداية العام الجاري، بينها 30 حالة ارتكبتها جماعة الحوثيين، و25 حالة ارتكبتها الحكومة المعترف بها والأطراف المتحالفة معها، بالإضافة إلى ثلاث حالات نُسبت إلى متنفذين، وحالة واحدة إلى جهة مجهولة، وتعكس هذه الأرقام استمراراً مقلقاً في نمط الاستهداف الممنهج للصحفيين، والذي لم يتوقف رغم الدعوات المتكررة من المنظمات المحلية والدولية لحماية الإعلاميين وتمكينهم من أداء دورهم دون خوف.
وأكد مرصد الحريات الإعلامية أن هذا التصعيد يندرج ضمن سياق تراكمي لانتهاكات طالت الصحافة اليمنية منذ اندلاع النزاع المسلح في البلاد عام 2015، فقد وثق المرصد خلال السنوات الماضية أكثر من 2.622 حالة انتهاك، شملت القتل والتعذيب والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي، ما يعكس صورة قاتمة ومتصاعدة لتدهور حرية التعبير والوصول إلى المعلومات في اليمن.
وشدد التقرير على أن ما يجري لا يمكن فصله عن بيئة الإفلات من العقاب، وغياب العدالة، وتوظيف المؤسسات القضائية والأمنية كأدوات لقمع الصحفيين بدلاً من حمايتهم.
وفي ظل هذا المشهد القاتم، يواجه الصحفيون في اليمن تحديات متزايدة تهدد سلامتهم الجسدية والنفسية، وتُعيق قدرتهم على نقل الحقيقة ومساءلة السلطات، ما يتطلب تحركاً فورياً وفعالاً من المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي للضغط من أجل وقف هذه الانتهاكات، وإرساء ضمانات حقيقية تكفل حرية الصحافة وتُعيد للصحفيين ثقتهم في أن صوتهم لن يُكتم، وأن حياتهم ليست ثمناً للحقيقة.