زينب جليد: حضور المرأة في المشهد الثقافي غير مجموعة من المعايير

شقت زينب جليد طريقها في الكتابة، واختارت نشر إبداعاتها على وسائل التواصل الاجتماعي نظراً للتكاليف المادية الباهظة التي يتطلبها النشر الورقي

حنان حارت
المغرب ـ ، لكن رغم تلك الصعوبات تمكنت أخيراً من طبع رواية ورقية تحمل اسم "صدفة غيرت حفيدي"، التي تعتبر باكورتها الأولى.
قالت زينب جليد وهي في العقد الثاني من عمرها، في حوارها مع وكالتنا إن الكاتبة أكثر قدرة على التعبير عن قضايا النساء، وأن الرجل مهما حاول الكتابة عن المرأة، فلن يتمكن من إيصال معاناتها وخاصة الكتابة حول أحاسيسها بدقة، مشيرةً إلى أن حضور المرأة في المشهد الثقافي ليس في المغرب لوحده، بل في العالم العربي كله، غير مجموعة من المعايير التربوية والاجتماعية.
 
كيف بدأتِ علاقتكِ مع الكتابة، وهل أثرت جائحة كورونا على نجاح روايتكٍ الأولى "صدفة غيرت حفيدي"؟  
البداية كانت منذ الصغر، حيث كنت شغوفة بالقراءة وأعشق الكتب والبحث فيها. بعد تعمق كبير بدأت أكتب كلمات لتصبح قصائد، حتى اكتشفت أنه بمقدوري الكتابة في مواضيع مختلفة، وفي ظل تغير أنماط القراءة، حيث أصبح الكل يتجه إلى القراءة الإلكترونية، بدأت بنشر أعمالي على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت تفاعلاً كبيراً من القراء، وهو ما شجعني كثيراً ودفعني إلى الإبداع والكتابة في كل الأجناس الأدبية.
النجاح الذي أردته والذي كنت أتوقعه لم يتحقق، ربما لم يتم اختيار التوقيت المناسب لإصدار الرواية الورقية، بسبب انشغال الناس بجائحة كورونا، أو ربما هناك صعوبة لتقبل القارئ العادي الذي يشتري الكتب لما أكتبه، ولكن لم أفقد الأمل بعد، بحيث أن قلمي اختار أن يخط خطوطه في جل الأصناف والغوص في مواضيع معاشه وجريئة، ربما هذا الصنف يتقبله القارئ في وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضاً ربما هناك العنصر المتمثل في كوني فتاة، قررت الخروج لتضع بصمتها وتظهر الواقع الذي نعيشه بدون مساحيق تجميل.
 
من هم الأشخاص اللذين اعتمدتِ عليهم في روايتك "صدفة غيرت حفيدي"، ومن أين استوحيتِ العنوان؟
بالنسبة لشخصيات الرواية بعضهم من وحي الخيال ومن الأماكن المتواجدة؛ وفضاء المكتبة هو المكان الرئيسي في القصة، فرواية "صدفة غيرت حفيدي" هي قصة من ستة فصول قصيرة، عدد صفحاتها 106، تدور أحداثها حول الشاب الذي فقد خطيبته خلال أيام استعدادهما للزواج في حادثة سير، لتصبح حياته منقلبة رأساً على عقب، من الاستقرار إلى التدهور، حتى تأتي صدفة تغير حياته.
في هذه القصة ترقص العفوية بشكل كبير والصفاء والهدوء الذي تمتاز به شخصياتها. "صدفة غيرت حفيدي"؛ هي قصة حب صنعتها الصدفة داخل فضاء مكتبة عامة تديرها البطلة ليلى. أما بالنسبة للعنوان متشابك بداخل القصة، فالبطل هو الحفيد، والجدة هي التي طالت أيامها ساعية في تغيير حفيدها للأفضل.
 
أيهما تفضلين النشر عبر الإنترنت أم النشر الورقي، وما الذي تسعين إليه في الإبداع الأدبي؟
لا يخفى على أحد أن وسائل النشر الجديدة تلقى إقبالاً لدى الفئة الشابة في المغرب، ففي هذه الوسائل يتمكن المبدع من إيصال صوته إلى شريحة كبيرة من القراء، ومن ثم تحرره من عقدة النشر الورقي التي تظل بمثابة حاجز يقف في وجه نصوصه، لكن رغم هذه الطفرة المعلوماتية وظهور الكتاب الإلكتروني وتغير عادات القراء، إلا أنه يظل للكتاب الورقي سواء كان رواية أو قصة قصيرة أو ديوان شعري سحره؛ وبرأيي هناك بين كلا الكتابين علاقة تكامل فالكتاب الورقي والإلكتروني كلاهما يكملان بعضهما بعضاً، فكل واحد له ميزاته وإيجابياته.
أسعى إلى الارتقاء بالإبداع الأدبي وأن أقدم الأفضل تجاهه، وأن أتمكن من حفر اسمي في مجال الكتابة وترك بصمتي، خاصةً وأني أكتب في الخاطرة والقصة القصيرة والرواية والنص المسرحي.
 
هل ترين أن هناك اختلافاً بين كتابات النساء وكتابات الرجال، وهل المرأة الكاتبة قادرة على التعبير عن قضايا جنسها وطرح قضايا المرأة المعاصرة؟
برأيي أن الرجل مهما حاول لن يتمكن من فهم المرأة وخاصة الكتابة حول أحاسيسها بدقة، والحضور المبكر للمرأة المغربية في المشهد الثقافي جعلها تتمكن من تناول قضايا النساء في بلادها، أذكر على سبيل المثال الكاتبة والأديبة خناثة بنونة التي أصدرت أول مجموعة قصصية نسائية عام 1967؛ وأيضاً الزهرة رميج، وآمنة اللوه التي تعتبر روايتها "الملكة خناثة... قرينة المولى إسماعيل" أول ظهور للرواية النسائية المكتوبة بالعربية في المغرب العربي، هناك أسماء كثيرة لا تسعفني الذاكرة على تذكرها، وعلى مستوى الوطن العربي، هناك أيضاً كاتبات طرحن قضايا المرأة المعاصرة، فعبرن عن ظاهرة القاصرات والمحرومات من التعليم، وعلى رأس هؤلاء كانت بنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن، والكاتبة مي زيادة.
 
ما هي القضايا التي تتطرقين لها، وهل ترين أن المرأة في المغرب تمكنت من الظفر بحقوقها، وما الذي تحتاجه المرأة لتنمية قدراتها الفكرية؟  
في كتاباتي أحاول إبراز معاناة المرأة المغربية والقضايا المتعلقة بها، هناك إبداعات متكاملة ومفعمة لم تجد طريقها نحو النشر، وذلك مرتبط بالتكاليف المادية الباهظة، وفيها أناقش مواضيع المرأة ومعاناتها بصفة خاصة ومن بين القضايا التي تطرقت لها زواج القاصرات، الاغتصاب، العنف.
لقد أظهرت المرأة المغربية حضوراً لافتاً على المستوى الثقافي، بسبب ما عرفته من تنمية لقدراتها الفكرية وما فجرته من طاقات إبداعية، وحضورها في المشهد الثقافي والأدبي ليس فقط في المغرب لوحده، وإنما في العالم العربي كله، أدى إلى تغيير مجموعة من المعايير التربوية والاجتماعية والثقافية.
وإذا تحدثنا عن المكتسبات التي تحققت للمرأة المغربية، تظل غير كافية، فهي لا تزال تفتقر في كثير من الأحيان إلى الدعم والتمكين في شتى المجالات، حتى تصل إلى المساواة الكاملة مع الرجل. 
 
ماهي مشاريعكِ المستقبلية؟ 
انتهيت من كتابة رواية؛ أسلط فيها الضوء على ظاهرة زواج القاصرات، لأنه بالرغم من وجود قوانين تحاول الحد من استمرار هذه الظاهرة، إلا أنه ما تزال هناك بعض الثغرات التي تزيد من انتشارها في المجتمع المغربي، فاخترت هذا الموضوع لأنني لا أتصور حرمان فتيات صغيرات من متعة الألعاب وبراءة الطفولة، ليتحولن بين ليلة وضحاها إلى نساء في منازل، يتحملن مسؤولية تسيير بيت الزوجية.
وقد اعتمدت في ذلك على مجموعة من الأشخاص من وحي الواقع المعاش، فيما تركت فسحة لمخيلتي للغوص في ثنايا الشخصيات، من أجل التحسيس بخطورة هذا الزواج على الصحة النفسية والعقلية لدى الأطفال.