تحول قضايا النساء والقاصرات للوحات

تحول كل ما تراه إلى لوحات فنية، لتجسد من خلالها معاناة النساء، موضحة مقدار التعب الذي يظهر على وجوههن.

رفيف اسليم

غزة ـ تتناول الفنانة التشكيلية نسمة أبو حصيرة قضايا ذوات الاحتياجات الخاصة، وركزت خلال معارضها على تناول قضية الزواج المبكر، كونه أكبر عنف يمارس ضد المرأة ويسلبها حقها في عيش حياة طبيعية وإكمال تعليمها.

لم تتعلم الفنانة التشكيلية نسمة أبو حصيرة الرسم منذ نعومة أظافرها، لكن ما كان خربشات على الورق دل على موهبة عظيمة لديها فقررت في منتصف عقدها الثاني أن تذهب للكلية وتتعلم الفنون الجميلة وهي أم لثلاثة أطفال.

تنهي نسمة أبو حصيرة تلك اللوحة التي بدأت بها منذ عدة أيام، مستذكرة الموقف الذي دفعها لرسمها حين صرخ البائع بفتاة صغيرة لا تبلغ من العمر سوى خمس سنوات، بسبب تأخرها في انتقاء ما ترغب بشرائه وقلة النقود التي كانت بحوزتها، ليعنفها أمام جميع المتواجدين دون أن يحرك أحدهم ساكن، بالرغم من أن الصغيرة لم تتجاوز حدود الأدب.

وقالت الفنانة التشكيلية نسمة أبو حصيرة فكرت في لحظتها العودة إلى البائع وتوبيخه، لكن دموع الفتاة المنهمرة وركضها دون أن تعي حدود المكان، جعلها تذهب ورائها لتمسح دموعها وتحاول التخفيف عنها، مشيرةً إلى أن القصة السابقة واحدة من مجموعة قصص تراها بأم عينها في كل يوم، لطفلات ونساء تعنفن في الطريق العام أمام المارة ولا تستطعن الدفاع عن أنفسهن.

وأوضحت أنها غالباً ما ترى في طريقها فتيات بشعر أشعث يكون واضح عليهن التعنيف وربما طبعة يد الشخص على وجناتهن الصغيرة، مما يثير غضبها، ويدفعها إلى نقل تلك المواقف عبر اللوحات، لافتةً إلى أن العنف لم يعد محدد بضوابط مكانية أو زمانية، "أصبحنا نشاهد العنف يمارس في كل مكان ومن قبل أشخاص عدة، لا يوجد قانون رادع لهم لمنعهم عن ذلك الفعل المشين".

وأضافت أن الأطفال لا يفهمون معنى العنف فتحاول هي بدورها تبسيط تلك المفاهيم لأطفالها كي يدركون جيداً عند تعرضهم لموقف ما كيف يدافعون عن أنفسهم ويضعون له حد، مؤكدة على أنه من الضروري أن ينقل للأطفال تلك المصطلحات لأنهم قد يتعرضوا لها بالفعل وهم لا يدركون أنها إساءة ويجب ألا يستمروا بالصمت تجاه من يقوم بها خاصة في الأماكن العامة.

وأوضحت أنها شغفت برسم الطبيعة الصامتة والبورتريه وكذلك الموضوعات التي تتناول قضايا ذوات الاحتياجات الخاصة، فركزت خلال معارضها على تناول قضية الزواج المبكر، كونه أكبر عنف يمارس ضد المرأة ويسلبها حقها في العيش حياة طبيعية وإكمال تعليمها لتلتحق بالعمل وتحقق ذاتها واستقلالها الاقتصادي بدلاً من أن تكون عالة على زوجها أو عائلتها.

وأشارت إلى أنها تناولت قضية المتسولات في كافة فئاتهن العمرية بداية من الطفلات وحتى النساء اللواتي يسرن مغطيات وجهوهن، موضحة في لوحاتها مقدار التعب الذي يظهر على وجوههن، مغطية أفواههن بلاصق لأنه لا يحق لهن الرد أياً كانت العبارة اللفظية الموجهة لهن قاسية وموجعة.

وأوضحت أن قضايا النساء موجعة بحجم الظلم الذي تتعرضن له، ولغياب القوانين الناظمة التي تحفظ كرامتهن وحقوقهن، فمهما حاولت تجميل تلك القضايا بالألوان لتخطف عين المتأمل يبقى الألم يشير لتلك الحالات التي توثقها باستمرار عبر الرسم، لتنقل للمجتمع صور أخرى عن نساء ما زلن تكابدن العنف والظلم.

وأكدت على أنها تسعد بتحويل ما تراه للوحات لكنها تواجه صعوبات في بيعها، خاصة أن المجتمع في غزة بالكاد يستطيع أفراده توفير لقمة العيش، لذلك تحتفظ بما رسمته لديها خاصة أن كل لوحة تنتج بصعوبة، بسبب عدم توفر المواد الخام وغلائها في السوق المحلي واستغلال حاجة الفنانين من قبل التجار والمروجين الذين قد يسوقون بضائع تالفة يضطر الفنان شرائها وإعادة تدويرها للاستخدام.