تحافظ على صناعة تواجه خطر الاندثار

عرفت نساء مقاطعة كوباني بشمال وشرق سوريا بمهنة نسج السجاد والتي تعتبر من المهن اليدوية التراثية التي باتت تواجه خطر الاندثار.

دلال رمضان

كوباني ـ السجاد اليدوي أحد أشكال التراث الذي تحافظ عليه نساء مقاطعة كوباني في شمال وشرق سوريا سواءً من خلال الاحتفاظ بقطع منه أو حياكة فُرشٍ جديدة.

تجلس السبعينية خانم يوسف أمام أمتار من خيوط الصوف كل يوم لتصنع سجاداً، محافظةً على عمل يواجه خطر الاندثار، فما تزال الصناعات اليدوية تلفت الانتباه وتتفاخر النساء باقتناء إحداها، فتلجأن إلى من يصنعها ومعظم هؤلاء الذين يحافظون عليها هم من النساء.

تقول خانم يوسف (78) عاماً "منذ طفولتي عملت على حياكة السجاد وما زلت أفعل ذلك بالطريقة البدائية معتمدةً على أدواتي البسيطة التي صنعتها بنفسي".

وأضافت "تعلمت الأعمال اليدوية منذ الصغر، في البداية تعلمت حياكة الصوف والتطريز وكنت أصنع الحقائب الصغيرة والسجادات، وصنعت العديد منها واهديتها لأقاربي، وبناتي، وأحفادي، وأيضاً للمركز الثقافي الذي يهتم بالمحافظة على تراثنا".

منذ طلوع الفجر تجلس أمام المنزل وأمامها أمتار من الخيوط لتبدأ عملاً ربما يكون صعباً على امرأة بسنها لكنها سعيدة بهذا الشيء وترى أنه جزء من هويتها "شغفي بهذه المهنة يدفعني لممارستها رغم التعب والجهد الكبيرين".

تقول عن شهرة العديد من نساء كوباني بهذا المجال "نتوارث هذه المهنة وتحافظ عليها المسنات، أما أجيال اليوم فلا تقوى على هذا العمل كونه يتطلب الكثير من الصبر والجهد".

وأشارت إلى أنه "في زمننا لم تكن توجد أنواع من السجاد كما اليوم لذلك كنا نلجأ إلى صنعها بأنفسنا، فقد كنا نجتمع مع نساء الجيران والأقارب لنسج السجاد منذ بدء فصل الربيع إلى نهاية فصل الصيف قبل بدء الشتاء لأننا لم نكن نملك السجاد الصناعي".

وأضافت "كنت أقوم بحياكة خيوط الصوف على يدي، أما اليوم أعتمد على الخيوط الصناعية لكن أسعارها مترفعة جداً"، مبينةً أن "صنع السجاد الذي يصل طوله لـ 25 متراً استغرق فترة تتراوح بين 15 يوم أو ربما أكثر قليلاً".

 

طريقة الحياكة

تعتمد خانم يوسف على النول اليدوي القديم، فطريقة حياكة السجادة تبدأ من تثبيت خيوطها ولفها على عدة قضبان خشبية والتي تتوزع على مسافات متساوية، إلى جانب مجموعة عديدة من الخيوط الملونة التي تستخدمها، وتعتمد على النول والسكين لقص الخيوط الزائدة بالإضافة إلى مشط معدني لتمسيدها وإزالة تراكمات الطبقات لتشكيل بسط ملونة ساحرة الأشكال.

وبينت أن "صناعة السجاد تراجعت كغيرها من الحرف والتي باتت على وشك الاندثار إن لم نحافظ عليها ونعلمها للأجيال القادمة، من واجبنا كأمهات وجدات تشجيع الأجيال القادمة للمحافظة على هذا الإرث والحرفة الجميلة".

وأضاف "سعيدة جداً لأنني ما زلت أحافظ على هذه المهنة وأستطيع حياكتها بكل فخر فعندما أبدأ بحياكة السجاد أمام منزلي تجتمع نساء الحي حولي ويتبادلن الأحاديث، وإلى الآن أحافظ على العديد من القطع التراثية وأنواع كثيرة من السجاد والأعمال اليدوية التي تتميز بألوانها الفاقعة والجميلة".