تحافظ على عبق التراث بنسجها للسجاد

تحتل الحرف اليدوية مكانة كبيرة من تراث مدينة منبج بشمال وشرق سوريا، خاصةً السجاد المنسوج يدوياً والتي تعتبر من المهن اليدوية التراثية التي باتت تواجه خطر الاندثار، ويعد الاهتمام به درباً من الحفاظ على التراث الشعبي.

سيبيلييا الإبراهيم

منبج ـ تلعب النساء دوراً بارزاً ومهماً في الحفاظ على الثقافة وتناقلها، فهن من تقود المجتمع وتربين الأجيال، ومن الموروثات الثقافية التي حافظن عليها السجاد اليدوي والذي يعتبر أفضل أنواع السجاد على الإطلاق.

لا تزال حليمة الأحمد وهي في العقد الثامن من عمرها وأم لسبعة أبناء وثلاثة بنات من قرية قلعة نجم الواقعة بالقرب من قلعة نجم الاثرية التي تبعد عن مدينة منبج بشمال وشرق سوريا ما يقارب 25 كم، تحافظ على السجاد الذي نسجته بيديها للحفاظ على التراث.

تقول حليمة الأحمد أنها تعلمت مهنة نسج السجاد اليدوي المصنوع على الطريقة التقليدية القديمة قبل استخدام الماكينة الحديثة في صناعة السجاد، من والدتها وهي في الخامسة عشرة من عمرها، مشيرةً إلى أن هذا النوع من الصناعات لا يعتمد على الجهد الفردي بعيداً عن استعمال الماكينات والآلات الحديثة، ويختلف ويتميز عن السجاد العادي بجودته ومتانته العالية.

وأشارت إلى أن النساء تستخدمن في نسج السجاد اليدوي خامات الحرير الأصلي بالإضافة للصوف والوبر والقطن أو النباتات القصبية، وهو يشتهر بألوانه الأنيقة وأشكاله ورسومه المتعددة ومتانة عقد نسيجه مما يحول دون تراكم الأتربة والغبار عليه.

وأوضحت أن السجاد المنسوج بأيدي النساء يعطي جمالية أكبر "كنا نشعر بالفخر أثناء مدنا للسجادات المنسوجة يدوياً، فسابقاً لم تكن هناك آلات لصناعة السجاد، وفي ظل التطور الذي تشهده المهن هناك قلة قليلة من النساء تحافظن عليه من الاندثار، فمحال كان أن تجد امرأة لا تتقن هذه المهنة"، لافتةً إلى أنهن كن تعلقن السجادات ذات الأحجام الصغيرة على جدران المنازل، لتجعلن منه كمتحف صغير.

وحول أهمية السجادات المنسوجة يدوياً وإلى أي مدى تجذب الناظرين إلهيا تقول حليمة الأحمد "قبل الأزمة السورية كان السياح الذين يزورون قلعة نجم يدخلون غرفتي التي جعلتها كمتحف مزين بالسجادات المنسوجة يدوياً بمختلف أحجامها بالإضافة إلى الحقائب المنسوجة، حتى أنهم كانوا يبتاعونها لشدة جمالها وتعبيرها عن التراث والحضارات"، مشيرةً إلى أنها لا تزال تحتفظ بالعديد من القطع.

وحول كيفية نسج السجاد يدوياً التي تبدأ من مرحلة الغزل حيث يتم تحضير الخيوط المستخدمة في نسج السجاد والتي تتكون من وبر الغنم تقول "أقوم بغزل الوبر وصناعة الخيوط منها، حيث أمد الخيوط وأربطها في حجرتين في نهاية السجاد لأبدأ بعملية النسج وفقاً للرسومات التي يتم تحديدها".

ويستغرق نسج السجاد حوالي الثلاثة أشهر حسب عدد العاملين، حيث تعرف تلك الصناعة بقوتها ومتانتها، كونها لا تدخل فيها مواد بلاستيكية، مشيرةً إلى أن هناك أنواعاً عديدة للسجاد اليدوي.

كما أن حلمية الأحمد تنسج الحقائب كذلك يدوياً، بالإضافة إلى أنها ترسم أشكال متنوعة بالخيط على الأقمشة والستائر، فهي تقوم بنسج كل شيء بيديها.

تحتفظ حليمة الأحمد بالسجادات التي قامت بنسجها سابقاً بكلتا يديها ولا تفرط بهم كونها قطع ثقافية تحاكي عراقة التراث وتاريخه، مبينة أن صناعة السجاد تراجعت كغيرها من الحرف والتي باتت على وشك الاندثار إن لم يحافظ عليها ويتم نقلها للأجيال القادمة، "احتفظ بالسجاد الذي قمت بنسجه لما تحمله من قيمة ثقافية، كما أنني أطمح لنشر هذه الثقافة في كل منزل، من واجبنا كأمهات وجدات تشجيع الأجيال القادمة للمحافظة على هذا الإرث والحرفة الجميلة".