صوت شعري ثري يتجلى بصورة فنية جمالية

كفاح الغصين شاعرة حققت حضوراً متميزاً في الساحة الأدبية والمشهد الشعري والإبداعي الفلسطيني، تتسم أشعارها بتفاعلات الأنساق الأدبية اللغوية في إطار حساسيتها الشعرية المرهفة ورؤيتها البناءة الخلاقة.

رفيف اسليم

غزة ـ لا تزال الشاعرة كفاح الغصين الحاصلة على درجة الدكتوراه في الإعلام الأدبي، تذكر أول قصيدة خطتها المؤلفة من 65 بيتاً خلال دراستها بالمرحلة الثانوية، وردة فعل القبيلة حين علمت أن ابنتهم تكتب الشعر ممازجة الحب مع النضال، معتبريها تجاوزت كافة الخطوط الحمراء ويجب ردعها عما تفعل.

تقول كفاح الغصين إنها ولدت في قبيلة بدوية "متشددة" تعيش في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بعد هجرتها من مدينة بئر السبع الفلسطينية حاملين معهم عاداتهم وتقاليدهم وموروثهم الثقافي الذي يلزم الفتاة بنمط حياة معين على عكس ما عاشته في كتابتها للشعر والقصة والأغنية.

وأشارت إلى أنه كان لوالدها حس موسيقي وربابة دوماً ما يدندن بها وهي تجلس بجواره، فمنه اكتسبت بلاغة اللغة والتراكيب وروعة اللحن التي أهلتها كي تصبح فيما بعد صاحبة أعلى رصيد في كتابة الأغنية الوطنية منها "شدي حيلك يا بلد"، لافتةً إلى أنها عندما تغربت عن عائلتها عدة سنوات في الخارج نضجت تلك الموهبة بشكل أكبر وأصبحت مؤهلة لحصد عدد من الجوائز الدولية.

واستذكرت كفاح الغصين أنها ذات يوم رأت في حلمها أن أناملها تحفر الصخر لكتابة عدد من أبيات الشعر وتكررت تلك الرؤية مرتان، لتذهب إلى والدها وتخبره الذي بدوره أكد لها في حال تكرارها للمرة الثالثة فإن ابنته سيكون لها شأن عظيم، وسيحتفي التاريخ بإنجازاتها الثقافية، وبالفعل تحققت تلك النبوءة اليوم.

استمرت كفاح الغصين بحسب ما أكدته، بكتابة القصائد المجبولة بالعاطفة الأمر الذي أثار غضب رجال القبيلة وأمروا بمنعها بشكل قسري، فأصبحت تكتب القصيدة وتدسها في اللحاف الذي تتغطى به لتخفيها عن نظر أشقائها، مشيرةً إلى أنها كثيراً ما أحرقت عدد من قصائدها خوفاً من أن تُقرأ كلماتها وبقيت على هذا المنوال إلى أن اجتازت دراستها الجامعية بأمان.

ولفتت إلى أن أعمالها تنوعت ما بين كتابة الشعر والأغنية والقصة والرواية والمسرحية والمسلسل وأدب الأطفال، كما أنها تهوى العزف على العود، الذي تعلمته في الأردن بدورات مكثفة في عام 1993، مبينتة أنها صاحبة أكبر رصيد في أغاني انتفاضة الأقصى، بلغت حوالي 370 أغنية، كما سطع نجمها في مجال الشعر النبطي والفصيح.

وفي عام 2000، صدر لها عن وزارة الثقافة في غزة ديوانها الشعري الأول "على جبين بدوية"، ثم "عرفت الله من أمي"، و"شدي حيلك يا بلد"، و"حصان الوقت"، و"الفتى الشجاع" للأطفال، بالإضافة إلى ديوان "عساك بخير" المطبوع في الشارقة و"امرأة من غسق" مجموعة قصصية، ورواية بعنوان "حنكش" و"مذكرات خيال حقل"، فضلاً عن مجموعة من الأعمال المخطوطة التي تنتظر الطباعة.

وتأتي كتابات كفاح الغصين في مسار ما يعانيه الفلسطينيين من أزمات، بدءاً بالمدينة ومن ثم القرية والمخيم والبادية، كما ركزت على قضايا النساء والمشكلات التي تعاني منها فألقت قصيدة مطولة عن الزواج المبكر بعنوان "من أوراق طفلة مطلقة"، كما كتبت عن القتل على خلفية الشرف والميراث وغيرها من القضايا.

وأشارت إلى أنها قدمت برنامجين تلفزيونين وهما همس القوافي وبيت البادية، كما حصدت شهادة الدكتوراه في الصحافة الأدبية، وهي عضو في اتحاد الكتاب الفلسطينيين، ومؤسسة أساسية لصالون بلقيس الثقافي ومساهمة في تأسيس صالون نون.

وقد كرمتها الشاعرة الكبيرة الراحلة فدوى طوقان وسلمتها جائزة المرتبة الأولى في مسابقة الإبداع النسوي التي نظمتها وزارة الثقافة الفلسطينية، ونالت جائزة أفضل قصيدة اجتماعية في مسابقة دول حوض البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا، وجائزة المرتبة الأولى في مسابقة إبداع الشباب العربي في القاهرة.