صناعة التنانير... أحد أهم معالم تراث مدينة دير الزور
"نقل التراث للأجيال مهمة المرأة لأنها تمثل التاريخ والحاضر"، هذا ما تقوله سلالة الحمد المرأة السبعينية التي تعمل في صناعة التنانير
زينب خليف
دير الزور ـ .
التنور ما يزال مستخدماً إلى يومنا هذا فأهالي القرى يفضلون خبزه على خبز الأفران الآلية، ولا تزال العديد من نساء ريف دير الزور الشرقي بشمال وشرق سوريا، يزاولن مهنة صناعة تنانير الطين كمصدر دخل للعائلة محافظات على أحد أبرز وجوه ثقافة منطقة دير الزور، ومن بينهن سلالة الحمد التي ورثت صناعة التنور من جداتها.
سلالة الحمد البالغة من العمر 72 عاماً من بلدة الباغوز تحدثت عن المهنة التي تتقنها وهي صناعة تنور الطين الحجري قائلةً "المرأة بكل جهد وإتقان وبكلتا يديها المعطاءتين تصنع تنور الطين الحجري الذي تمتد جذور صناعته إلى القدم".
وبينت أنها تعلمت هذه المهنة من والدتها التي اتقنتها واكتسبت خبرة منها لتستمر في صناعة تنور الطين الحجري "تصنع المرأة التنور بيديها بكل إتقان، وتضفي عليه مهاراتها وحبها للعمل".
تقول عن كيفية صناعة التنور أنها تجلب التراب ويكون ذا نوعية معينة لونه أحمر، ومن ثم تقوم بخلطه بالماء بيديها بعد أن تضيف إليه قليلاً من التبن الناعم حتى يتماسك ويتجانس تماماً.
وأضافت سلالة الحمد "بعد أن ننتهي من عملية جبل التراب بالماء نترك الطين المخلوط بالتبن لبضع ساعات حتى يتشرب بالماء جيداً ويتجانس تماماً وبعد أن يختمر تصبح عملية بناء التنور سهلةً، وتتم صناعته على مراحل".
وعن مراحل صناعة التنور تكمل "في البداية يتم اختيار أرضاً مستوية ونظيفة تبنى عليها قاعدة التنور وتكون عبارة عن حلقة واسعة ومتينة وبارتفاع شبر تقريباً. كما تترك لتجف تحت أشعة الشمس ثم تبنى الحلقات الأخرى شيئاً فشيئاً وجزء بعد جزء بحيث يكون قطر كل حلقة أصغر من التي قبلها وبارتفاع شبر لكل حلقة فتكون حلقاته متدرجة في قطرها حيث تشكل هذه الحلقات مع بعضها التنور".
والتنور عبارة عن موقد للخبز يصنع من الطين المخلوط ببعض المواد، ويصنع أيضاً على مراحل، تبدأ من الأسفل نحو الأعلى، ويأخذ تقريباً شكل الجرة الكبيرة بفوهة واسعة، وتتراوح أحجام التنور من حيث الشكل، فمنها ما هو صغير ومنها كبير الحجم، وقد يصل ارتفاعه إلى 1م أو أكثر وعرضه يتراوح بين 40-50 سم.
وليس للتنور قاعدة من نفس مادة الطين، فهو يثبت بعد الانتهاء من عملية التصنيع والجفاف على قاعدة حجرية وفوق مستوى سطح الأرض، وعادة ما تكون له فتحة صغيرة في أسفله لإخراج الرماد، وبعد تثبيته في مكانه الدائم فوق القاعدة الحجرية، يحاط بما يشبه الجدار من الطين والحجارة الصغيرة، لحمايته وللمحافظة على الحرارة بداخله أثناء اشعاله.
واختتمت سلالة الحمد حديثها متأملةً من النساء الحفاظ على تراثهن من الضياع والاستمرار في تطويره لأن التراث يمثل وجود وهوية الإنسان فالتراث يسرد التاريخ بكل وقائعه ومجرياته "نقل التراث للأجيال مهمة المرأة لأنها تمثل التاريخ والحاضر، والمرأة تملك لغة التفاهم بينها وبين التنور لأنها واكبت وحافظت عليه على مدى عصور".