صحيفة التنوير... مساحة لتشجيع الكُتّاب وكسر القيود

تعد صحيفة التنوير التي تصدر بشكل دوري كل ثلاثة أشهر مساحة تنسج خيوط وأحاسيس النساء وتمنحهن المجال لرفع صوتهنَ وكسر القيود.

سيرين محمد

حلب ـ تتضمن صحيفة التنوير قضايا اجتماعية، وثقافية، وسياسية، وفكرية وعدة مواضيع تخص المرأة، وتُعد الصحيفة مساحة واسعة تُشجع الكُتّاب الذين يبحثون عن مساحة ليُملوا فيها كتاباتهم وإبداعاتهم.

تعبر صحيفة التنوير التي هي وليدة النظام الداخلي لمنتدى حلب الثقافي الذي يوجد به بند يَنُص على أن يكون هناك نشرة تُعبر عن رؤى ونشاط وأعمال المنتدى، عن الحرية الفكرية وحرية الرأي في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب.  

وقالت عضوة منتدى حلب الثقافي شيرين شيخو أنه في البداية تم إصدار نشرة ورقية ثم تم تطويرها لتصبح صحيفة وتم تسميتها بـ "التنوير" لكي تكون هذه الصحيفة غذاءً روحياً وفكرياً وتساهم في تنوير المُجتمع.

وتم إصدار أول عدد من النشرات في الرابع من نيسان/أبريل 2022، واختير هذا اليوم بالتحديد لأنه يُصادف ميلاد القائد عبد الله أوجلان، وكون له أهمية معنوية لأنه اُصدرَ في ظل الظروف التي مَرَّ بها الشرق الأوسط وسوريا.

وتُصدر الصحيفة كل ثلاثة أشهر بشكل دوّري، ووصلت الآن للعدد العاشر، ويتم توزيعها على كافة مؤسسات حيي الأشرفية والشيخ مقصود.

 

زوايا الصحيفة

وتتضمن الصحيفة موضوعات وزوايا مُختلفة ومتنوعة، ويُشارك في كتابة موضوعات الصحيفة حوالي 25 شخصاً من داخل وخارج المُنتدى، وتتضمن قضايا اجتماعية، وثقافية، وسياسية، وفكرية وعدة مواضيع تخص قضايا المرأة.

ويتم اختيار موضوعات الأعداد من قِبل المُنتدى، حيث يتم النقاش والتركيز على القضايا الهامة التي يجب تسليط الضوء عليها، بعدها يختار المنتدى الكتّاب الأنسب للموضوع المطروح، وتتميز صحيفة التنوير باهتمامها بالبُعد السوسيولوجي والفِكري والثقافي وهذا أكثر ما يحتاجه المجتمع في الوقت الراهن.

 

وسيلة لتبادل الثقافات

الكاتبة ليلى خالد والتي هي في ذات الوقت إحدى مُؤسسات منتدى حلب الثقافي وصحيفة التنوير تكتب في زاوية شخصية تاريخية، ففي كل عدد يختار المُنتدى شخصية تاريخية من ثم تكتب عن هذه الشخصية ودورها في الحقبة والزمن الذي كانت به، بالإضافة إلى الكاتبة زينب قنبر التي تكتب في الشؤون الاجتماعية والسياسية، والكاتبة لمعان شيخو التي تكتب عن قضايا المرأة، كما أنها عضوة في أكاديمية جنولوجيا، والكاتبة الأمازيغية أماني الوشاحي التي تكتب للصحيفة كوسيلة لتبادل الثقافات ولتشابه القضية الكُردية بالقضية الأمازيغية.
 

زاوية المرأة

قضايا المرأة أساسية في الصحيفة، ففي الآونة الأخيرة زادت حالات الطلاق والانتحار بين النساء، ويتواصل المُنتدى مع المؤسسات التي تُعنى بشؤون المرأة مثل "أكاديمية جنولوجيا" علم المرأة، التي بدورها تكتب في الصحيفة بشكل دائم في زاوية خاصة بالأكاديمية.

كما أكدت شيرين شيخو أنهم بمنتدى حلب الثقافي يعملون بجهدٍ مُضاعف ولديهم رؤى مُستقبلية في تحويل الصحيفة إلى مجلة تُعنى بكل الجوانب الثقافية والسياسية والفكرية وخصوصاً القضايا النسوية.

وشددت على أن للمرأة دوراً ريادياً خصوصاً في تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا، وأكدت أنهم في منتدى حلب الثقافي يعتمدون بشكل كبير على قضايا النساء وأقلامهن "نسعى لتحرير الصحيفة بالشكل الأنسب إذا ما سنحت لنا الفرصة".  

 

يعتمد المُنتدى على قضايا النساء وأقلامهنَ

الكاتبة والإدارية في مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطي زينب قنبر تحدثت عن مشاركتها في صحيفة التنوير بزاوية المرأة، والتي بدأت كتاباتها منذ أن شعرت أن القلم هو غذاء الفكر خصوصاً في فترة نظام البعث السوري، فكانت تكتب جُمل قصيرة وخواطر تُعبّر عن مشاعرها وأفكارها تجاه الفوضى والحرب التي حصلت وما عاشته النساء.

 

الكتابة وسيلة للتعبير عن المشاعر

ومزجت زينب قنبر بين جذروها العفرينية وجذورها التي استمدتها من مدينة منبج التي عاشت بها لفترة من الزمن، فكان القلم هو البوصلة التي عبّرت بها عما يلوج في داخلها من مشاعر وأحاسيس، وهدفها تغيير الواقع الذي تعيشه المرأة وتسليط الضوء على قضاياها وآلامها.

وبدأت تكتب وتنشر كتاباتها منذ اندلاع الثورة السورية، فكانت تكتب عن الواقع السياسي وانعكاسه على المرأة، والعنف المُمنهج الذي يُمارس على النساء، وكيف تم إقناع بعضهن للتعايش مع سياسات وواقع غير مناسب.

وأكّدت أن مدينة منبج كان لها الأثر الأكبر في تكوين وبناء شخصيتها، مشيرة إلى أن القلم هو ما جعلها تستعيد توازنها وقوتها وأن تكون انفعالاتها وردود فعلها عبارة عن احتضان واستقطاب للقضايا وإيجاد الحلول لها.

 

حَلّ قضية المرأة أولاً

وأوضحت زينب قنبر أنها شاركت كتاباتها في العديد من الصحف والمُواقع الإخبارية في الشرق الأوسط وكذلك المواقع الأمازيغية والمصرية، حيث تتواصل مع نساء من الشرق الأوسط ويتبادلن الخبرات والمعرفة لأن قضية المرأة واحدة بغض النظر عن العمر أو الشكل الخارجي أو الانتماء القومي أو الديني، وتعتقد أنه "لا يوجد قضايا مُجتمعية من المُمكن أن تُحل دون حَلّ قضية المرأة أولاً".

وتُحضّر مشروعاً لإطلاق كتاب من تأليفها من عدة أجزاء من التاريخ الذي عاشته وتُسلط من خلاله الضوء على النساء اللواتي لهنَ دور فعّال في المُجتمع، باعتبار النساء هنَّ الزاوية الأساسية في بناء المُجتمع.

وعن منتدى حلب الثقافي أكدت زينب قنبر أنه منحهن المجال والقوة كنساء للتعبير عن آرائهن وإيجاد الحلول للقضايا العالقة، فتتردد هي والكاتبات الأُخريات إلى المُنتدى ليناقشن وضع المرأة في كافة المجالات، وبالتحديد المجال السياسي، وكيف يمكن للمرأة أن تكون قيادية، وأن تكون موجودة ولها دور في صنع القرار وتدعم اللُحمة النسوية والالتفاف النسوي.

 

خارطة نسوية

وشددت على ضرورة أن يكون لدى النساء السوريات خارطة نسوية لكي يتمكّنَ من تحقيق آمالهنَ وأهدافهنَ في بناء سوريا جديدة تعددية، ديمقراطية لا مركزية، وأنه لديهن القدرة على ترميم الجِراح ووضع الأُسس الصحيحة لبناء مُجتمع تعددي لا مركزي يحترم وجود وحقوق المرأة.

وتسعى صحيفة التنوير من خلال تجربتها إلى أن تكون جسر للتواصل وتبادل الثقافات، وإلى مساحة حرة تُنير الطريق نحو مستقبل أكثر عدلاً ومساواة، حيث تكون الكلمة أداةً للتغيير، والوعي أساساً لبناء سوريا جديدة.