"شقيق الألم" أول كتاب يروي مقاومة حي الشيخ مقصود

ليلى خالد هي أول امرأة في حي الشيخ مقصود بحلب تألف كتاباً يجسد الأحداث التي مر بها الحي خلال فترات الحصار، ومقاومة الأهالي للجماعات المرتزقة التي حاولت السيطرة على حيهم أواخر العام 2012.

ميديا مقتاد

حلب ـ يقع حي الشيخ مقصود الذي تحرر منذ عام 2016 عند الأطراف الشمالية الشرقية لمدينة حلب، وطيلة سنوات الحرب السورية كان الحي عرضة للاعتداءات من قبل جبهة النصرة والعديد من الجماعات المرتزقة التي كانت تحاصر الحي، إلى أن انتهى به المآل ليكون محاصراً من قبل حكومة دمشق.

لم يتم تدوين الأحداث التي مر بها حي الشيخ مقصود، إلى أن بادرت ليلى خالد وهي الرئيسة المشتركة لمنتدى حلب الثقافي إلى فعل ذلك من خلال مؤلفها "شقيق الألم...حكايات واقعية من رحم الثورة"، الذي يروي تفاصيل الثورة والمقاومة.

تقول ليلى خالد وهي من السكان الأصليين في الشيخ مقصود أنه كان حياً فقيراً لكن سكانه حافظوا على حياتهم الكومينالية، من خلال التآلف والتآخي بين الجميع "الحي يضم العديد من المكونات والطوائف لكننا لم نشهد يوماً أي تفريق بين مسيحي أو مسلم عربي أو كردي، وخلال سنوات الحرب السورية كنا جمعياً يداً واحداً في القتال والمقاومة".

وأضافت عما مر به أهالي الحي خلال 12 عاماً "في خضم الأزمة التي تعرضت لها سوريا لم يكن حي الشيخ مقصود بمنأى عن هذه الأحداث، تعرضنا للحصار والهجمات طيلة سنوات، لكن الأهالي تصدوا لهذه الهجمات يداً بيد وقلباً واحداً"، مؤكدةً أنها فخورة كونها من أهالي الحي الذين شاركوا في جميع المجالات العسكرية التنظيمية والاجتماعية.

وحول عدم تدوين الأحداث التي مر بها حي الشيخ مقصود طيلة تلك السنوات قالت "لا ننكر أننا كنا مقصرين لأننا لم نقم بتوثيق تلك الأحداث لكن ظروف الحرب شكلت عائقاً أمامنا"، مشيرةً إلى أن "توثيق تلك الأحداث النضالية واجب يقع على عاتقنا لذلك بدأت بوثيق الأحداث عبر مؤلفي الذي حمل عنوان شقيق الألم".

وفي كتابها سلطت ليلى خالد الضوء على حياة النساء في حي الشيخ مقصود قبل الثورة قائلة إن حالها كجميع النساء اقتصر على العمل في المنزل وحرمت من الدراسة "لم أتمكن من تحقيق طموحي بسبب العادات والتقاليد البالية، لكن حالنا تغير بعد ثورة روج آفا في عام 2012"، مستذكرة أنها خرجت لأول مرة في مظاهرة مناهضة للعنف ضد المرأة.

الشجاعة والرغبة في إنجاح ثورتهم انتقلت بين أهالي حي الشيخ مقصود ولذلك تأثرت ليلى خالد بابنها الذي عاد من الغربة كما تقول لينضم إلى المقاومة، "كان علي أن أقدم شيئاً كما فعل جميع أهالي الحي واخترت طريق الكتابة عن المقاومة والمعاناة التي نعيشها وكيف تأقلمنا مع ظروف الحرب واتخذنا طريق حرب الشعوب الثورية وعدم التراجع أمام الحصار الخانق".

وبينت أن الكتاب الذي يضم 6 قصص بدأ كتجربة جديدة لها في الكتابة، وكانت متشككة في مدى نجاحه "كانت أول تجربة لي في كتابة قصة يتم فيها توثيق أحداث حي الشيخ مقصود، كما لم تتعدى كلمات القصة الـ 700 كلمة، وذلك عرضتها على مجلة شرمولا الأدبية لمعرفة مستواي في الكتابة".

بادرت مجلة شرمولا الأدبية إلى نشر القصة مما شجع ليلى خالد على الاستمرار كما تؤكد "نشر القصة في المجلة كان كشعاع من الأمل لإكمال ما بدأته، وتوسعت في الكتابة فألفت كتاباً يضم 8 قصص، حملت عناوين (شقيق الألم، قصة حي، طفولة على الأطلال، قلبي على ولدي وقلبه على وطن، شهادة طبيبة بلا شهادة، عيد الفقر الحزين، حرب بنسف الراء، فراشات في زوبعة نارية)".

وترى أن على النساء التحلي بالوعي حيال ما يدور حولهن من أحداث "على النساء العمل بشكل دؤوب من أجل توعية الفكر وتطويره بالكتابة والقراءة، لتنظيم المجتمع، فبدون تنظيم الفكر لا يمكن تنظيم المجتمع".

وبينت أن الكتابة لا تحتاج لدراسة هذا الاختصاص مشيرةً إلى العديد من الكاتبات اللواتي نجحن رغم أن مجال اختصاصهن مختلف تماماً "القدرات التي يمتلكها الإنسان تحتاج للإصرار والعمل".

وفي ختام حديثها أكدت على ضرورة أن يبادر كل أهالي الحي لتوثيق المقاومة "علينا توثيق تلك الأحداث والألم والمعاناة التي مررنا بها لنعطي المقاومة حقها ولتكون ميراث الأجيال القادمة".