شغفها بفن النحت دافع مكنها من النجاح وإبراز الواقعية والتجريد
بدأت علاقة حنان القربولي بالفن وصناعة المنحوتات منذ طفولتها لتصل بها إلى المراحل الدراسية المختلفة وتفوز بالعديد من المسابقات التي أقيمت على مستوى بنغازي وليبيا.
ابتسام اغفير
بنغازي ـ تمكنت الفنانة التشكيلية حنان القربولي من الدخول في مجال النحت التي طالما حلمت فيه واستطاعت صنع العديد من المنحوتات على الرغم من الصعوبات التي واجهتها.
كانت أصابعها منذ الطفولة تشكل الصلصال بطريقة إبداعية، وهو ما لفت انتباه والديها فبدأوا في الاهتمام بها، وانصب هذا الاهتمام في جانب الرسم، وفي المراحل الدراسية المختلفة نشطت في مجال الفنون التشكيلية، وفازت بالعديد من المسابقات التي أقيمت على مستوى بنغازي وليبيا، حتى أصبحت أستاذة في فن النحت بقسم التربية الفنية بكلية التربية بجامعة بنغازي.
وعن هذه التجربة قالت حنان القربولي إنها فضلت دراسة النحت في قسم التربية الفنية "كانت الرغبة تقودني لدراسة الفنون التشكيلية والتعرف على فن النحت عن قرب، وبعد نجاحي تم توجيهي لدراسة الأحياء، لذلك بعد العديد من المحاولات استطعت الانتقال إلى قسم التربية الفنية ومنه بدأت رحلة دراسة النحت".
وعن دخولها الأول لقسم الفن التشكيلي ورؤيتها للألوان، أوضحت أنها شعرت بفرحة عارمة، وأنها بحبها وشغفها للفن استطاعت التفوق في مجال النحت وحصلت بعد تخرجها على قرار ايفاد لدراسته في إيطاليا.
وحول توجهها لدراسة النحت والعمل بينت "منذ طفولتي كنت أحب التعامل مع الصلصال وتشكيله ولم أكن أعرف أي نوع من أنواع النحت، وعندما رأيت مادة الطفلة وهي مادة يمكن تشكيلها تكونت لدي رغبة قوية في تعلمها والإبداع فيها".
وتعتبر مادة الطفلة نوع من الطين يصنع منها الفخار كلمة طفلة هي مصطلح متعارف عليه لتوصيف بعض أنواع التربة الطينية بالمناطق الجافة وشبهه الجافة والتي ترسبت خارج نطاق وادى النيل، وقد استقر على مدار الزمن استعمال هذا المصطلح في مجالات هندسية مختلفة بمعان وسياقات ودلالات تختلف حسب مجال استخدامه.
ولفتت إلى أنه بعد أن "رأى رئيس قسم التربية الفنية عملي واهتمامي بمجال النحت قام بتوجيهي من أجل أن يكون مشروع تخرجي منحوتة، لذلك قمت بالعمل على تصميم منحوتة حول سوق الخضار "الفندق" بمدينة بنغازي، مضيفةً أنه بعد أن كونت المنظور حول فكرة المشروع قامت بنحت الأشخاص بصفة حركية في السوق من حركة البيع والشراء والازدحام، وكان حجم المنحوتة 2.40 متراً في 1.20متراً وتم عرضها في الكلية وحصلت على أفضل عمل فني عام 2007".
وأكدت أنه رغم الانتقادات التي تعرضت لها إلا أنها استمرت في هذا العمل لأن مواضيعها ترتكز على الواقعية والتجريد ولوحاتها ومنحوتاتها لها هدف ورسالة.
وعن دخولها لهذا المجال قالت "أرى أن ما أقوم به هو تحدى لابد أن أنجح فيه، كما أنني أعمل في هذا المجال من منطلق الشغف فيه، ربما الصعوبة الوحيدة التي صادفتني هي قلة الإمكانيات، لأن التقنية تحتاج للتعلم فهي ليست كالموهبة التي تستطيعين من خلالها تشكيل شيء ما، لكن الطفلة مع الوقت تتشقق وتنكسر لذلك فهي تحتاج لتقنية معينة حتى لا يحدث ذلك".
وأشارت إلى أن الصورة النمطية عن فن النحت المتمركزة حول المطرقة والازميل والصخر قد تغيرت، لأن النحت هو عبارة عن تشكيل لأي خامة، سواء كانت هذه الخامة لينة أم صلبة، وتقبل الإضافة أو التفريغ، مثل العاج والخشب والطفلة والجس، والآن تطورت الآلات التي يمكن من خلالها تشكيل أي شيء، مؤكدةً أنه على الرغم من دخول الآلة على النحت إلا أنها لم تسلب منها روحها الفنية والجمالية، لآن الفنان هو من يتحكم بها ولأنها مجرد وسيلة لذلك عندما يمسك الفنان بها يضفي روح الجمال على المنحوتة التي بين يديه.
وعن رحلتها لدراسة النحت في مرحلة الماجستير أوضحت أنها حصلت على إيفاد لإيطاليا "كانت سعادتي غامرة، لأن إيطاليا بلاد الفن ولكن سرعان ما اصطدمت أحلامي بالجدار، لأن الجامعة التي تم توجيهي للدراسة بها كانت قد أغلقت قسم النحت، ونظراً لعدم قدرتي على تغيير ساحة الدراسة في ذلك الوقت بدأت بدراسة التصوير".
وأضافت أنه "بعد اندلاع ثورة شباط توقفت جميع مؤسسات الدولة عن العمل اضطررت للعودة لبنغازي، لأن المنحة تم ايقافها، ونتيجة عدم استطاعتي شراء التأشيرة أجبرت على الدراسة في مصر ودخلت إلى قسم النحت، وتم توجيهي بناءً على مشروع تخرجي لقسم النحت البارز".
وخاضت حنان القربولي تحدي آخر عندما غيرت رسالتها إلى فن نحت المعادن، لأنه في ليبيا لا يوجد هذا الفن، لذلك اختارت أن تكون رسالتها حول المسبوكات من المعادن على الرغم من صعوباتها على النساء لأنه ينطوي على صعوبة كبيرة تتمثل بصناعة القوالب والتقنيات ومجهود عضلي وحرارة مرتفعة، ولكن رغبتها القوية في قبول التحدي والنجاح كانت أكبر دافع للنجاح واجتياز هذه المرحلة.
وقالت إن لتقنية السبك أنواع مختلفة منها الشمع والرمل، ولكن من الصعب تدريسها في الكلية لأنها بحاجة لفرن صهر وهو أمر صعب الحصول عليه من الناحية المادية، لذلك تم ابتكار طريقة بسيطة لصب القوالب.
وفي ختام حديثها أكدت حنان القربولي، أنها تعمل على جمع أفكار مختلفة للخروج بأول معرض فردي لها في مجال النحت "بدأت أولى خطواته مع منظمة براح التي افسحت لي مجالاً ومكاناً للأعداد له، وبالتأكيد كوني زوجة وأم سيكون من الصعب التوفيق بين الاثنين حتى أنجز معرضي على الوجه الأكمل، أتمنى أن تنتشر تقنية السبك في ليبيا وأن يتم الاهتمام بها، لأنها مهمة في المنحوتات خاصة من البرونز والنحاس".