شاعرة كردية: الحرية تولد الإبداع
فتحت ثورة روج آفا الطريق أمام العديد من النساء لتحقيق طموحاتهن وأهدافهن التي حُرمن منها على مدى سنوات عديدة، فاستطعن من خلال حريتهن أن تبدعن وتثبتن ذاتهن في الكثير من المجالات.
دلال رمضان
الحسكة ـ تمكنت الشاعرة ليلى رشو من إثبات موهبتها وحضورها في الساحات الفنية من خلال حروفها التي تنبض بالأبداع، وأصبحت إحدى الشاعرات المشاركات في كافة الفعاليات والمهرجانات الثقافية والأدبية في إقليم شمال وشرق سوريا.
بدأت مسيرة الشاعرة الكردية ليلى رشو من مواليد 1979 من مدينة الحسكة بمقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، بعمر التاسعة من خلال كتابة قصة بعنوان "سنيور وسينيورا"، ودرست قسم معلم الصف لعام واحد فقط وفصلت بسبب اتهامها بالانتماء إلى أحد الأحزاب الكردية التي كانت محظورة من قبل حكومة دمشق، وهي تعمل الآن معلمة لقسم الأدب الكردي، وعضوة في اتحاد الكتاب الكردي، لها دواوين شعرية وهي "الورد والكأس، خيالات واضحة وضوء الآمال واقحوان الليل".
"الشعر هو لغة الروح وهو شعور وإحساس لا يوصف وهو لغة الفرح والحزن والألم" بهذه الكلمات بدأت الشاعرة ليلى رشو حديثها، فخلال مسيرتها الفنية تمكنت من قراءة جميع أنواع الأدب العربي من العصر الجاهلي، وأدب المهجر والأدب المعاصر والاطلاع على كل النماذج في الأدب العربي القديم والحديث.
وعن بداية مسيرتها، قالت "كانت أول بداياتي بكتابة قصة تحت عنوان "سنيور وسينيورا" إلى جانب العديد من الرسومات، وشاركت في العديد من النشاطات المدرسية والاحتفالات، كنت أكتب الشعر أيضاً وألقيه في المناسبات الوطنية والقومية وبعض الأعياد كعيد المرأة، وعيد العمال العالمي وفي بعض الرحلات والتجمعات مع الصديقات والأصدقاء "أحب جميع الفنون الأدبية ونشاطاتها وجميع تفاصليها منذ نعومة أظافري".
وأضافت "كنت محظوظة جداً لأن والدي كان شاعراً أيضاً وشجعني إلى جانب موهبتي الأدبية، مما زاد الحافز لكتابة المزيد من الأشعار وخاصة باللغة الكردية، وزاد اهتمام والدي بموهبتي عندما شاهد رغبتي الشديدة في كتابة الشعر، ومن خلاله تعرفت على العديد من الأدباء والشعراء، وكان له الدور الأساسي في بناء شخصيتي الأدبية".
بعمر الـ 14 بدأت بكتابة أول ديوان لها باللغة العربية كما أوضحت "كتبت أول ديوان شعري بعمر الـ 14 لكن لم يحالفني الحظ لكي أطبعه وبقي كما هو على الأوراق، وفي مرحلة الثانوية بدأت بالمشاركة في المناسبات الوطنية والقومية وإلقاء الشعر أمام الناس وكان حينها باللغة العربية، وبعد تلك المرحلة بدأت الكتابة بلغتي الأم وكانت سراً، أما اليوم وبعد الثورة اكتبها باللغة الكردية مع جميع قواعدها وأساسياتها".
وأشارت إلى أنها طبعت إلى اليوم ثلاثة دواوين شعرية والديوان الرابع قيد التنفيذ "طبعت ديواني الأول وأنا بعمر الـ 18، وفي عام 2016 بدأت كتابة وطباعة الديوان الثاني والثالث، ومنذ عامين بدأت بكتابة الرابع هو عبارة عن 350 صفحة ومقسم إلى قسمين من الشعر الكلاسيكي والحديث، ومواضيعه مختلفة من قصائد وطنية وغزلية، ومواضيع اجتماعية، وقضايا تخص الشعب الكردي ومآسيه"، مؤكدة أنه من واجب الشاعر أن يكون مرتبط بالزمان والمكان الذي يتواجد فيه وينقل ثقافة مجتمعه ويعرف العالم بها.
وأوضحت أنه بكتابة الشعر تخطو المرأة أولى خطواتها بالتخلص من المجتمع الذكوري والعادات والتقاليد التي تحد من حقوقها وحريتها وتثبت ذاتها "أنا جريئة بكتابة جميع أشعاري وتخطيت جميع العوائق التي كانت تقف أمام تقدمي، فلا شيء يستطيع الوقوف أمام كل ما يدور في مخيلتي من وحي وإلهام".
وأكدت أن ثورة روج آفا كانت فرصة أمام جميع النساء اللواتي كانت لديهن مواهب ولم تكن تستطعن الافصاح عنها "أتاحت ثورة روج أفا الكثير لنا فقبلها كان كل شيء باللغة الأم محظوراً حتى بعض المناسبات والاحتفالات القومية، أما اليوم فتنظم المهرجانات الثقافية والفنية وتشارك فيها النساء بشكل فعال وتساهم في تطور وتقدم مجتمعها، وشهد الشعر تطوراً ملحوظاً على مستوى الشكل والمضمون وازدادت أعداد النساء اللواتي تشاركن في المهرجانات الأدبية والشعرية وهذه ميزة جيدة ونفتخر بها"، مؤكدة بأن ذلك تحقق بفضل تضحيات أبناء وبنات المنطقة وما حققوه من انتصارات.
وعن أهدافها وطموحاتها في المستقبل القريب وما تخطط له، قالت "إلى جانب العمل في مجال التدريس أحرص دائماً على كتابة الشعر وأفكر بطباعة ديوان شعري في كل عام"، مؤكدة أن هدفها ترك أرث ثقافي كما فعل العديد من الشعراء وكانوا منبع العلم والمعرفة رغم جميع الصعوبات التي كانت تعيق مسيرتهم، لكنهم باتوا قدوة.
ودعت الفئة الشابة للعمل وبذل الجهود لإبراز ثقافة مجتمعهم ونقلها وايصالها إلى العالم "هذا وقتنا لكي نثبت ذاتنا ونخرج جميع طاقتنا وقدراتنا إلى العنان؛ لأن الحرية تولد الابداع ونحن اليوم نعيش في بلد تسوده الحرية والمساواة ودعم المواهب".
وفي ختام حديثها أكدت ليلى رشو أنها تسعى لتطوير ذاتها أكثر في المجال الفني وكتابة قصص عن كسر العادات والتقاليد "أقول للنساء لا تدعن شيء يعيق طريقكن وطموحاتكن لأن المجتمع الذي لا تتحرر فيه المرأة هو مجتمع غير مكتمل".