شابة مغربية تتحدى المجتمع الذكوري وتدخل غمار "التبوريدة"

تمكنت الفارسة مروة المعيطي، من الالتحاق بفرقة نسائية للتبوريدة لتحقيق رغبتها في دخول هذا العالم وتغيير الصورة النمطية للمرأة، وتطمح في المشاركة بالمسابقات الكبرى.

حنان حارت

المغرب ـ بالرغم من أن التبوريدة أو ركوب الخيل، وهو فن تراثي أصيل، قد ارتبطت في المجتمع المغربي عبر العصور بالرجال، إلا أنها بدأت تستهوي الوجوه النسائية كذلك وأصبحن تنافسن الرجال عليها، وباتت تخصص لهن مسابقات أسوة الفرسان.

داخل خيمة تقف مروة المعيطي بجانب مجموعة من الفارسات مرتديات زياً تقليدياً يمتزج فيه اللونان الأبيض والوردي، حاملات البنادق، ويطلق عليها باللهجة المغربية بـ "المكاحل"، والتي تعتبر أهم العناصر في التبوريدة، كما أنها تمثل العلاقة بين هذه الفانتازيا الاحتفالية والإرث القتالي للقبائل المغربية.

و"التبوريدة" أي الفروسية التقليدية المغربية مشتقة من كلمة بارود، وهي في ظاهرها تحكي قصة أمجاد مغربية صنعها الأجداد في ساحات الوغى، لذا يحظى الفرس بأهمية خاصة سواء في حالة الحرب أو السلم باعتباره رمزاً تاريخياً وتراثياً تتوارثه الأجيال وقد تغنى الشعراء المغاربة بالفرس والتبوريدة في العديد من القصائد الزجلية، وصنفت كأحد فنون التراث العالمي غير المادي.

وحول كيفية دخولها لهذا المجال تقول مروة المعيطي "أعجبت بفن التبوريدة منذ عمر الثانية عشرة، عندما كان زوج عمتي قائد سربة رجالية، حيث كنت أشاهده عندما كان يمتطي صهوة الفرس، في تلك الفترة ازداد شغفي بالفروسية التقليدية"، مشيرةً إلى أنها عندما بلغت الـ 18 عام، انضمت إلى فرقة نسائية مع المقدمة "محجوبة نباتا"، وهو في لغة التبوريدة المغربية رئيسة الفرقة أو "السربة"، وتقول "رحبت المقدمة بانضمامي للفرقة وعلمتني كيف اتحكم في الخيل والبندقية".

لم تردع نظرات الاستهجان وتعليقات بعض الرجال الفارسة مروة المعيطي من ركوب الخيل وممارسة رياضتها المفضلة، مشيرةً إلى إنه في البداية وجدت رفضاً من عائلتها، لكنها تمكنت من إقناعهم، فسمحوا لها بممارسة فن التبوريدة "غالباً ما نجد تشجيعاً من طرف العنصر النسوي، إذ يعبرن عن فرحتهن عندما يشاهدن فتيات يمتطين الخيول، ولكن بعض الرجال يرون ركوب الخيل حكراً عليهم وينظرون إلينا نظرة احتقار وعدم رضا".

وأوضحت أن هذا الرفض يأتي نتيجة أفكار ذكورية توارثها بعض الرجال لافتةً إلى أنه "في المقابل هناك فئة أخرى تحترم الفرق النسوية وتقبل دخولها المنافسة وتدعمها".

وبالنسبة للفضاء الذي يتم فيه الاستعراض تسمى باللهجة المغربية بـ "المحرك" وتبلغ مساحتها 200 متر طولاً، و70 متراً عرضاً، بما في ذلك مسافة الأمان التي ينبغي احترامها بين الخيول والبنادق وكذلك الجمهور.

وعن طقوس ركوب الخيل التي تروي قصص النصر، من حوافر الخيل التي تثير الغبار إلى صرخات الفرسان وسرعتهم القصوى ليتوجوها بإطلاق "البارود" من "المكاحل" تقول "قبل بدء العرض نتوضأ ونصلي ركعتين ونسلم على بعضنا البعض، ونتبادل التحية مع رئيسة الفرقة، ثم نتسامح مع بعضنا البعض، وذلك لمخاطر ركوب الخيل"، مضيفةً أنه عند بداية العرض ودخول "المحرك" يجب أن تتحكم الفارسات في البندقية والبارود حتى يطلق 15 طلقة في الوقت ذاته دون تفاوت، بحيث يسمع وكأنها طلقة واحدة.

وعن طموحاتها المستقبلية تقول إنها تأمل في أن تشارك في المسابقات الكبرى الخاصة بالتبوريدة لنيل الجوائز، مما سيزيد من حماسها ورغبتها في المضي إلى الأمام، موجهة رسالة لجميع الفتيات قائلة "على النساء اللواتي يرغبن في ممارسة أية هواية مهما كانت، يجب عليهن تحدي كل الصعاب والعراقيل التي تصادفهن، لتحقيق أحلامهن، والذي يزيد لديهن الشعور بالرضا وتعزيز ثقتهن بنفسهن مع كل نجاح أو إنجاز جديد لهن، ركوب الخيل هواية جميلة برغم المخاطرة التي تحفها، والعمر ليس عائقاً أمام تحقيق النجاح".