روان خزيق... تكسر نمطية الفنون وتخرج عن المألوف في صناعة اللوحات الفنية من السيراميك

استطاعت روان خزيق كسر نمطية الفنون في اللوحات المصنوعة من السيراميك، بإنتاج أعمال تطرح قضايا مجتمعية بأسلوب وتصوير واقعي رمزي

نغم كراجة
غزة ـ .
تقول روان خزيق (22) عاماً، من مدينة غزة، خريجة فنون وحرف من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية والتي بدأت في رسم وجوهٍ من وحي خيالها وهي في الصف السادس الابتدائي، "سعيت كأي شخص موهوب مع بداية مشواري الفني لتطوير موهبتي في الفنون التشكيلية".
وأوضحت أن رسوماتها الفنية المبتكرة رغم سنها الصغير أثارت دهشة وإعجاب زملائها وعائلتها، ومع الدعم والتشجيع الذي لاقته ممن حولها تمكنت بعد عدة سنوات من المشاركة في مسابقة رسم جدارية بعنوان "الحرية" لتفوز بالمركز الأول، وهو ما شجعها أكثر لتنمية موهبتها في شتى مجالات الفنون، "لدي موهبة الرسم منذ صغري وطورتها أكثر حين اخترت دراسة تخصص الفنون في الجامعة ومن ثم مارست الفن من خلال حضوري للمسابقات والفعاليات والمبادرات".
ولتطوير موهبتها جربت كل شيء جديد يتعلق بالفنون كما أوضحت "في البداية كانت لوحاتي عبارة عن استنساخ للوحات الفنانين مثل بابلو بيكاسو وفان جوخ، إلى أن أصبحت لدي لوحاتي الخاصة من وحي أفكاري ولمساتي، يمكن لأي شخص يتتبع أسلوبي في الرسم أن يعرف أعمالي دون حتى كتابة اسمي عليها، فقد أصبح أسلوبي في الرسم معروف".
 
 
وعن مشروع تخرجها الذي جاء تحت عنوان "العرس الفلسطيني يعالج موضوع أحياء تراثنا الفلسطيني" تقول "قبل عامين عملت على موضوع العرس الفلسطيني وأحببت التحدث عن تراث فلسطين وأسلط الضوء على أمور إيجابية وتذكير الأجيال التي لم تعاصر النكبة، ومن خلال بحثي وتجربتي أخذت مشاهد حقيقية وجسدتها في لوحات نحت تشكيلية".
ولأن خامة الطينة التي كانت روان خزيق بحاجتها سعرها مرتفع وتحتاج إلى مناخ خاص كما أنها صعبة النقل من مكان إلى آخر لثقلها، اضطرت إلى صنع خامة بنفسها بالرغم من صعوبة ذلك، ولم تستسلم بل حاولت وجربت عدة خامات للخروج بخامة واحدة تتناسب مع تغيرات الطبيعة وتساعد على ديمومتها، وعملت على إعادة استخدام وصياغة خامات من البيئة لبناء عمل فني وتقديمه بطريقة مواكبة في سياق الفنون البصرية المعاصرة، "كنت حريصة أن لا تتضرر مع الظروف البيئية، وحصلت على مشروع التخرج بنتيجة 93% لأكون بذلك الثانية على دفعتي، وبالرغم من تطور موهبتي إلا أنني أسعى إلى تصقيلها أكثر".
وتعتبر أن اللوحات الفنية المصنوعة من السيراميك والتي ساهمت من خلالها في كسر نمطية الفنون والتقليد، أكثر جمالاً وبراعة عن غيرها من اللوحات الفنية المعتادة كما تقول "اللوحات الفنية المزينة بالسيراميك، تأخذ جماليتها من تميزها عن باقي اللوحات التشكيلية فالفن يعتمد أساساً على التميز وكسر النمطية والتقليد، والخروج بأعمال خارجة عن المألوف".
وتصنع روان خزيق تلك اللوحات من مجسمات خشبية رفيعة ملساء "أبلكاج"، توضع عليه قطع فنية صغيرة متراصة تمت صناعتها من السيراميك وهو معجون يصنع من "النشا، الصمغ، الفازلين أو الزيت"، وبذلك ينتهي عمل اللوحة المراد صنعها في حال عدم تلوين معجون السيراميك أساساً.
حققت روان خزيق عدة إنجازات في مجال الفنون، فقد فازت بمشروع "الفنون البصرية: نماء واستدامة" الذي نظم من قبل مؤسسة عبد المحسن القطان ضمن برنامج "وصلة"، وعن موضوع المشروع تقول "كان يدور حول التناقض وسياسة الدول الكبرى والصغرى وكيفية الحكم والسيطرة من خلال الرسم والنحت".
وبالإضافة إلى ذلك شاركت في مسابقة تحت عنوان "العنف المبني على النوع الاجتماعي ضد المرأة"، وحازت خلالها على المركز الثاني، وأيضاً فازت بمنحة برنامج وصلة للمنح الإنتاجية الصغيرة مشروع "الفنون البصرية نماء واستدامة" الدورة الثانية بمحترف شبابيك دائرة الفن المعاصر التابعة للاتحاد العام للمراكز الثقافية في شباط/فبراير الماضي.
إلا أن رحلتها الفنية لم تخلو من المصاعب والمعيقات "أجد صعوبة في موضوع النحت وخاصةً أن الخامات المتوفرة في قطاع غزة لا تخدمنا كثيراً في صناعة أعمال نحتية بسبب غلاء أسعار الطينة بمختلف أنواعها، مثلاً الطينة الهوائية ممتازة في العمل ولكن ثمنها باهظ جداً ولا نستطع توفير كميات كبيرة منها، فنضطر لاستخدام بدائل كعجينة الورق التي أضيف إليها عدة أشياء كي تتناسب وتصبح لينة ومرنة أثناء العمل، علاوةً على ذلك فإن الحصار الذي يعيشه قطاع غزة يمنعنا من المشاركة في نشاطات متنوعة تتعلق بمجال الفنون والحرف".
 
 
وتنقسم أصناف عجين السيراميك إلى نوعين بارد وساخن، إذ يتم طهي الأخير على النار، وتتميز بسهولة التعامل معها، إلى جانب ليونتها عند التصنيع، إضافةً إلى القدرة على تعديلها خلال وقت أطول من البارد الذي يجف سريعاً.
ساعد مجال الفنون والحرف في صقل شخصية روان خزيق وتنمية قدراتها كما قالت "الفن هو إحساس ورسالة، وكل فنان يعبر عن قضية تلامسه أو يود إيصال رسالة من خلال فنه سواء رسالة معاناة، أو قضايا يعبر من خلاله عن نفسه ومجتمعه، أحب دائماً إيصال رسالتي بواسطة أعمالي الفنية".
وتمنت في ختام حديثها أن تفتح معارضاً دولية خاصة بأعمالها الفنية وتوصل رسالة للعالم أجمع أن يتعمقوا بالفن أكثر ومعرفة فكرة الفن نفسه.