"قصر البنات" إرث الرقة الباقي رغم الحروب والكوارث
تشتهر مدينة الرقة بالعديد من المعالم الأثرية التي شيدها الأمراء العباسيون في عهد خلافتهم ويعتبر "قصر البنات" واحد من هذه المعالم التي تعرضت للكثير من التدمير.
سيلفا الإبراهيم
الرقة ـ يعد قصر البنات الواقع جنوب شرق مدينة الرقة في شمال وشرق سوريا، أحد أهم وأقدم المعالم الأثرية في المدينة والذي بُني في القرن الحادي عشر الميلادي، وحافظ على وجوده وشموخه من الاندثار رغم ما تعرض له على مر العصور خلال فترات الحروب التي شهدتها مدينة الرقة.
يبعد قصر البنات حوالي 400 متر شمال الموقع الأثري "باب بغداد" إلى الغرب من سور الرقة الأثري، وحول هذا المعلم الأثري قالت مديرة مكتب الآثار ولجنة الثقافة في مجلس الرقة المدني وسام الباشا أن "قصر البنات يعتبر إرث حضاري جميل وقوي لازال محافظاً على نفسه وشكله الطبيعي، ويشكل قصة جميلة لمدينة الرقة، إذ تردد إليه العائلات والزوار والسياح فيما مضى".
وتُعرف مدينة الرقة بعراقتها ويطلق عليها "درة الفرات" أو "عروسة الفرات"، فهي أصل الحضارات والإرث الثقافي بما تحتويه من معالم أثرية كسور الرقة، ومتحف الرقة، وباب بغداد، وقصر البنات، والجامع القديم، وبالرغم من الحروب التي شهدتها المدينة خاصة فترة سيطرة داعش التي عرّضت المنطقة للعديد من أعمال التخريب والتنقيب والسلب، إلا أنها استطاعت الحفاظ على ملامحها الأثرية وحضارتها وإرثها.
وأوضحت أن قصر البنات بُني في عهد أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي الثاني، من الآجر كون هذه المادة تقاوم حرارة الصيف وبرد الشتاء، وعلى أنقاض القصر بني مستشفى يُعالج فيه المرضى العقليين، ومدرسة للتعليم في عهد نور الدين الزنكي، وقد جدد بناء القصر في القرن الثاني عشر الميلادي.
وعما تعرض له القصر من تدمير، تقول وسام الباشا إنه "نتيجة الحروب التي شهدتها المدينة تعرض القصر لتصدع، فضلاً عن محاولة مرتزقة داعش تخريب هذا المكان التاريخي من خلال تدمير الشكل الأساسي له فهو ليس المكان الأثري الوحيد الذي لم يسلم من داعش فهناك متحف الرقة ومستودعات هرقلة التي تعرضت للنهب".
وأشارت إلى العوامل الطبيعية التي تأثر بها قصر البنات، كالرطوبة التي كان لها حصتها في محاربة القصر لأنها أثرت على الهيكل الأساسي للقصر وبنيته التحتية "بدورنا كمديرية الآثار ولجنة الثقافة سنعمل على معالجة مشكلة الرطوبة وترميم التصدعات في القصر".
ويعتقد بأن تسميته بقصر البنات تسمية محلية، ليس لها أي أساس تاريخي اعتماداً على كل المصادر التاريخية، حيث لا يوجد فيها أي إشارة إلى قصر بهذا الاسم.
وتمتد مساحة القصر على مدى 44 متراً بالعرض، و100 متر بالطول، ويتألف من أربع أواوين (قاعات) مستطيلة متقابلة، وتُطل على باحة مركزية مربعة الشكل وعدد من الغرف، وفي الجهة الجنوبية يوجد مدخل رئيسي مرتفع يقابله في أقصى الشمال صالة خلفها حُجرة، وإلى جانبها حُجرتان، وتطل على باحة ورواقين، ويمتد القصر شرقاً وغرباً لمسافة لم تكتمل التنقيبات الأثرية فيها.
وأوضحت وسام الباشا أن هذا الجزء تم تنقيبه في ثمانينات القرن الماضي ورمم في نفس الفترة، وباتت واضحة المعالم، وعادت الجدران والفتحات والأروقة إلى وضعها الأصلي، في حين لم ينقب محيط القصر بشكل كامل.
والجدير بالذكر أن قصر البنات يسمى أيضاً بقصر العباسيين، ويقال إنه كان حصناً في فترة الحرب ومنتزه عندما يعم السلام.