نعيمة الملكاوي... الطبيعة والأنثى روح لوحاتها
عبرت لوحات الفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي عن مدارس الفن المختلفة، إلى أن رست ريشتها في رحاب السوريالية حيث يحضر جسد الأنثى كملمح فني يطبع جل أعمالها والذي تعتبره استحضاراً لأمومة الطبيعة.
حنان حارت
المغرب ـ تحاور الفنانة التشكيلية نعيمة ملكاوي الجسد الأنثوي في لوحاتها وترى من خلاله العالم، لأنه بالنسبة إليها هو تجسيد لما تحمله الطبيعة من كائنات ومخلوقات، وبالتالي فإن صورة المرأة في لوحاتها فكرة جوهرية تعبر من خلالها إلى عوالم مختلفة.
تحضر المرأة في أعمال نعيمة الملكاوي الفنية منذ بداية رحلتها مع الرسم حيث تقول "هي ليست رحلة بل هي حياة ترتحل، زادها اللون ومتاعها الإيغال في فن استثارة المخيلة الجمالية لتفكك المحيط الشارد من حكمة الكون"، مشيرةً إلى أن علاقتها بالرسم بدأت منذ أن كانت طفلة "عندما أسكنني الرسم في محرابه وأرخى بظلاله ليبزغ نور الطريق منه وإليه، ويدلني على لغة لا تحتاج للغو لتواري علة حياة زيحت عن معناها الحي، فالألوان وحدها لمن يدرك سرها فكت شيفرة ماهية الحياة، فتعدد الألوان هو ماء العيش مادام العيش مستمر".
وعن كيف تقيم الإنجازات التي وصلت إليها، أوضحت بأن الإنجاز الحقيقي هو أنها لم تتوقف بعد على ضخ اللون ونفخ الروح في روح اللحظات التي تعبر عنها.
وكيف تواجه رفض البعض لدور المرأة في المجالات الإبداعية أكدت أنها لم تنشغل أبداً بفكرة التمييز بين الجنسين، لأنه في الإبداع تكاد تنتفي كل هذه الحدود الوهمية، فإنجازك هو الذي يميزك "لا أنكر أن منطق الاقصاء الذي يقتعد على أسس غير منطقية وغير إبداعية قد يطال المرء بأي جنس كان، لاعتبارات غير اعتبارية نعيها جميعاً وتقطع الفرص على أعمال جيدة، كمثال أن لا تثمن بالمتابعة الإعلامية أو لا تحتضنها قاعات العرض، لكن الآن ساعد عصر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي على إبراز ووصول الأعمال لقاعدة عريضة من العالم".
وإلى أي مدى تحضر المرأة في لوحاتها التشكيلية، أوضحت أن حضور الجسد الأنثوي في أعمالها ليس للحظوة الشكلية أكثر ما هو تمثلها الفني للطبيعة التي تنم عن أمومة مطلقة "تمنحنا الطبيعة الثمار والظلال والماء والهواء والحجر وكل ما نحتاجه لنكون على قيد الحياة، لذا أحاول أن أرد لها هذا العرفان بتكريمها في لوحاتي بألوان مبهجة بأجساد راقصة رغم ألمها أحياناً لتصرفاتنا العاقة تجاه الطبيعة التي استنزفناها بسلوكيات خرقاء".
وبالنسبة للثيمات التي تعمل عليها أكدت أنها اختلفت من بداية مسارها إلى الآن وفقاً للمدارس الفنية التي اعتمدتها "في مرحلة الواقعية كان الإنسان المتعب يشغل اهتمام اللوحة، لكن عملت في وقت ما بالطبيعة الصامتة أو الميتة لما فيها من تحريض لمهارات التركيز والدقة، من ثم انعطفت نحو السوريالية للقبض على الروح الإنسانية في تجريديتها الهشة".
وأضافت أن "هذه التجربة قادتها إلى استنتاج أننا لا نعدو أن نكون تلك الأرواح التي تسبح في ملكوت الطبيعة الأم، ولابد أن نتعظ بنواميسها حتى ننجو من سياط عقوقها، طبعاً لكل مدرسة تقنياتها وأسلوبها الذي على الفنان أن يطورها حسب خبراته وتجربته، لذا توصلت بعد هذا المسار الذي يقارب أربعة عقود لمدرسة خاصة بالفن الذي أقدمه"، مؤكدةً أن لوحاتها لاقت أقبال من قبل الجمهور "هناك إحساس بالرضا كون ما عملت عليه في الخفاء استطاع أن يلامس العلن".
وهل لازال هناك اهتمام بالفن التشكيلي بينت أن "الإبداع هو عملية مركبة ملتبسة ومبهمة تسبق انبثاق الترسيمة، لذا تشعر عندما يعرض العمل سواءً ضمن معرض واقعي أو افتراضي ويلقا تفاعلا يفرح الفنان، لأنه يكون حينذاك لا يغرد منعزلاً عن أصوات أخرى قد تختلف معه، ومع ذلك تنسج ترنيمة متناغمة لتلقي قيم الفن والجمال الذي لا زال الأقبال عليهما ضداً فيما يروج له من خطابات الرداءة".
وحول سبب استعمالها للون الأحمر في لوحاتها لفتت إلى أن "الدم الأحمر هو اللون الموحد الذي يضخ في عروقنا باختلاف عرقنا، والذي بدل أن يوحدنا نجده خارج قنواته الطبيعية "الاوردة" ليودي إلى حتفنا، لذا فجميع اللوحات التي عملت عليها في أعمالي الجديدة نجد اللون الأحمر يحيط بخصر الشجرة التي تحمل خمس رؤوس التي أعني بها القارات الخمس".
وفي ختام حديثها قالت نعيمة الملكاوي أنها تحضر لمعرض جديد في فرنسا، وتنصب الموضوعات في ثيمة الطبيعة الروح، الطبيعة الكون، الطبيعة الوجود.