نساء تحيين صناعة المشغولات اليدوية من سعف النخيل
أكدت عدة نساء من غزة أن مهنة صناعة المشغولات اليدوية هي دليل للهوية الفلسطينية، ومن المهم نقلها للأجيال للمحافظة عليها لإحياء التراث القديم ومنعه من الإندثار.
رفيف اسليم
غزة ـ جمع شغف تعلم صناعة المشغولات اليدوية من سعف النخيل، والذي يحمل أرث الجدات مجموعة من النساء للحديث عنه من خلال التدريبات لتنتجن في النهاية أشكال مختلفة سواء للزينة أو السلال المستخدمة للأمور المنزلية المتعددة.
أوضحت سها المجدلاوي أحد المتدربات أن الرغبة في تعلم شيء جديد، من خلال عقد شرائط سعف النخيل الجاف لتشكيل هيكل المنتج، هو ما جمع عدة نساء في مكان واحد، لتتأكدن خلال الساعات التي يقضينها كيف يشددن وثاق العقدة قبل أن يطعمنها ببعض الخيوط الملونة، لتضفي على العمل جمالاً من نوع آخر.
وأضافت أن المكان يمنحها القوة بعد التخلص من الطاقة السلبية والضغوطات التي تفرضها الحياة عبر إحياء مهنة الجدات، وكأن الوقت الذي تخصصه للتعلم وتنمية المهارات هو ما يعيد لها شبابها وحيويتها، فلا تشعر أن وجود أجيال مختلفة بعمر أبنائها وأحفادها أمر مستهجن بل تعتبر علاقة الصداقة والمحبة التي تجمعهن هو ما يساعدها على تطبيق الهدف الأساسي وهو الاستفادة وتنمية المهارات.
وبينت أنها عندما كانت طفلة ساعدت جدتها في انتاج العديد من تلك السلال، خاصة في عيد العرش المسيحي الذي تزدهر به صناعة تلك المشغولات اليدوية المتعلقة بسعف النخيل، مضيفة أن تلك المهنة هي دليل للهوية الفلسطينية كالتطريز والكوفية وغيرها، ومن المهم نقلها لأجيال مختلفة خاصة الأطفال الذين لربما لا يعلمون شيء عن وجود تلك المشغولات وارتباطها بالتاريخ الفلسطيني.
وأشارت إلى أنها في الفترة المقبلة تود أن تدمج مع سعف النخيل ألوان العلم الفلسطيني أو بعض نقشات التطريز، كون صيانة ونشر التراث هو نوع من النضال الذي مارسته النساء لقرون عدة، داعية جميع النساء أن تخصصن مساحة لتعلم المشغولات التراثية المرتبطة بكل بلد على حدى، كونها أمانة الجدات التي من الواجب الاطمئنان على تداولها من قبل حارسات التراث في شتى بقاع الأرض.
بدورها قالت سمية كرسوع متدربة أخرى، أنها تعمل في مجال العلاج النفسي للنساء المعنفات ووجدت في تعلم مهنة سعف النخيل وسيلة لتفريغ الضغوطات التي يفرضه عملها، لتبدأ يومها التالي سعيدة ومليئة بالطاقة الإيجابية، لافتة إلى أنها دوماً ما تشجع النساء إلى ضرورة تعلم أنشطة مماثلة لتكون النتيجة أكثر فعالية ضمن مساحات أمنة تجمعهن مع نساء أخريات وتشعرهن بالأمان لتتبادلن الأحاديث والتجارب المختلفة.
وأوضحت أنه لديها شغف وحب المشغولات اليدوية التراثية منذ الصغر وهذا ما يدفعها إلى تخصيص جزء من يومها لتعلم صناعة أدوات مختلفة من سعف التخيل.
وتأمل سمية كرسوع أن يتم توفير دورات صناعة الفخار، إلى جانب صناعة الأدوات من القش كالعريشة التي توضع على أسطح المنازل أو السبت المستخدم لحفظ الأطعمة كما كانت تفعل النساء قديماً، متمنيه أن تبدأ جميع النساء بتعلم تلك المهارات التي لا تحتاج سوى ثني وتثبيت القش باستخدام الإبر ولفها بطريقة معينة لتظهر بالشكل النهائي الذي سينسها الجهد المبذول، مع الحرص على نقل تلك المهارات خاصة للأطفال المصابين بالتشتت وفرط الانتباه لمساعدتهم في العلاج.
منى الشوا القائمة على فكرة استديو طاولة فن، أوضحت أن الدورة التدريبية جاءت لإحياء التراث القديم من خلال منتجات سعف النخيل خاصة في ظل اندثار تلك المهنة التقليدية التي تساعد الكثير من النساء على تمكينهن اقتصادياً، نظراً لأن العمل بسعف النخل مادة مستدامة صديقة للبيئة تشعر العاملة بها وكأن الطبيعة دخلت المنزل، كما أنها في حال اختلاطها بالتربة تتحلل دون أن تسبب أي أضرار لها.
وبينت أنها في بداية العمل يكون الأمر صعب ربما لأن اليد لا تكون قد اعتادت على التحكم بالإبر أو بالسعف نفسه الذي ينقع بالماء ويجفف بعد استخلاصه من أشجار النخيل، لكن ما أن تستمر المحاولات يبدأ الطبق أو السلة تتشكل كاشفة عن المنتج النهائي الذي من الممكن دمجه مع ديكور المنزل، متمنية أن تشارك جميع النساء بعدم اندثار تلك المهنة وتطويرها بشكل يجعلها أكثر حداثة.
وتأمل منى الشوا، أن تدعم المؤسسات الدولية الحرف اليدوية من خلال إيجاد أسواق خارج قطاع غزة لترى الأعمال اليدوية المختلفة النور ويكون هناك سوق منافس في الخارج كما بقية المنتجات المختلفة، مما سيحقق لعشرات النساء في المدينة المحاصرة مصدر دخل ثابت يجعلهن تستطعن أن تنعمن باستقلالهن الاقتصادي وتعتمدن على أنفسهن.