'عندما لا ارسم اشعر وكأنني فقدت شيئاً'

لكل شخص طريقته الخاصة في التعبير عن آلامه ومعاناته في الحياة. الفنانة التشكيلية شيرين خلف التي فقدت والدتها منذ كانت طفلة صغيرة، اختارت الرسم للتعبير عن ألمها

نجاح معيش
الحسكة ـ .
يعبر الفنانين التشكيليين عما يجول في دواخلهم، وكذلك عن أحاسيسهم ومعاناتهم من خلال رسم الصور. وهذا  هو حال الفنانة شيرين خلف التي حرمت من حنان الأم في وقت مبكر من حياتها، وهي تعبر عن صمتها، وجميع آلامها، من خلال رسم الصور. شرين خلف تبلغ من العمر 39 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال. في عام 2004 وبسبب الظروف المعيشية الصعبة اضطرت للابتعاد عن عالم الفن التشكيلي.
ومنذ عام 2018 انضمت شيرين خلف إلى لجنة الثقافة والفن في مقاطعة الحسكة. وبعد الابتعاد عن عالم الرسم لمدة 15 عاماً، عادت من جديد إلى عالمها الفني منذ عام 2019. وهي تستخدم في رسوماتها بشكل عام قلم الرصاص والفحم، فيما تستعد لافتتاح معرض خاص للوحاتها مستقبلاً.
 
"كنت أخفي صمتي بين طيات الأوراق"
شيرين خلف لم تكن ترغب في الإفصاح عن حزنها لأي أحد، فكانت تعبر عن هذا الصمت عن طريق الرسم. وحول الشعور الذي انتابها إثر فقدانها لوالدتها، تقول شيرين خلف "كنت صغيرة جداً عندما توفيت والدتي، إنها لمعاناة كبيرة عندما يكبر الشخص بدون أم. ولا زلت أعاني من هذا الألم حتى اليوم. عندما كنت أرى والدة ابنة عمتي مثلاً، أو والدة إحدى صديقاتي وهي تمشط شعر ابنتها، كنت أشعر بالكثير من الحزن، وكنت أقول في نفسي "لو أن والدتي كانت على قيد الحياة لكانت الآن تمشط شعري وتجدله". ورغم أن شقيقتي الكبرى كانت تمشط لي شعري، ولكن ذلك لا يعادل شعور أن تقوم الأم بذلك. الألم والمعاناة الذي عانيته في صغري وكذلك الحرمان، كان السبب في أن أركز كل طاقاتي في الرسم. وعندما كنت أشعر بالضيق كنت أتوجه إلى الورقة والقلم، وأخفي صمتي في الأوراق. وكلما كنت أنتهي من رسم لوحة ما، كنت أشعر وكأنني بنيت عالماً كاملاً، وكنت أنسى كل همومي وآلامي".
 
"قوتي هي في الرسم"
عندما كانت تشارك في المعارض التي تنظمها المدرسة، شعرت بجمال الرسومات التي ترسمها. وحول تلك الفترة من حياتها تقول شيرين خلف "كنت أشارك في المعارض التي تقام في المدرسة، وكلما كبرت في العمر كانت أعمالي تثبت أن قوتي تكمن في الرسم. بدأت بالرسم بعد الصف السابع، وكنت ارسم وقتها رسومات جميلة. وحصلت على المرتبة الأولى في المدرسة في مجال الرسم. جميع رسوماتي تتمحور حول المرأة. وفي إحدى المرات أردت أن أرسم عن الحب، وقتها عبرت عن فكرة الحب من خلال رسم شجرتين، لأنني لا أرغب بأن يكون لون الرجل حاضراً في لوحاتي".
 
"كان يجب أن يكبر الرسم معي كصديق دائم"
بعد أن تزوجت شيرين خلف في عام 2014، ابتعدت عن الرسم لمدة 15 عاماً. وتقول إنها ورغم كل المعاناة والمشاكل فإنها لم تنسى حبها لهواية الرسم أبداً، وتقول في ذلك "عندما أصبحت أماً، منحت كل وقتي وطاقتي لأطفالي. ولكنني لم أنسى حبي للرسم، وقلت في نفسي سوف أربي أولادي من أجل أن أمنحهم ما حرمت منه. ولكن الخطأ الذي ارتكبته هو أنني أهملت صديقتي التي رافقتي في طفولتي، ألا وهي موهبة الرسم. وأنا اعتبره خطأ كبيراً جداً. كان يجب أن يكبر الرسم معي مثل صديق دائم، وكان يجب علي أن أطور وأنمي موهبتي بشكل أفضل. 
وبعد 15 عاماً انتابتني الرغبة مرة أخرى بأن أحمل القلم، ولأجرب فيما إذا لا زلت أتقن الرسم أم لا، وقد رسمت رسمة جميلة. جميع أصدقائي انتقدوني. وكانوا يقولون لي على الدوام "أنت تظلمين نفسك، فلو أنك واصلتي الرسم على مدى 15 عاماً لكنت أقمت العديد من المعارض". في تلك الفترة رسمت ثلاث أو أربع لوحات".
 
"يعجبني أكثر الرسم الثلاثي الأبعاد"
تسعى شيرين خلف مستقبلاً أن يكون لها مرسم خاص لممارسة هوايتها، وتضيف أيضاً "في الفترة المقبلة سأسعى إلى تطوير موهبتي في الرسم. أميل بشكل أكبر إلى الرسم الثلاثي الأبعاد. وأحب الألوان كثيراً، ولكن وبسبب المعاناة التي عانيت منها في حياتي، فإنني ارسم حالياً بالفحم وقلم الرصاص، حيث أجد فيها طاقتي. كما سأسعى مستقبلاً إلى إقامة معرض للوحاتي. كما أميل حالياً إلى المطالعة".