متحف المرأة بمراكش يحتفي بإبداعات النساء المغربيات

يحتفي متحف المرأة بمراكش بإبداعات النساء المغربيات من خلال معروضات تقليدية تبرز فن العيش على مر العصور، وسير ذاتية لنساء رائدات في مجالات متعددة.

رجاء خيرات

المغرب ـ يعد متحف المرأة بمراكش فضاءً ثقافياً يحتفي بالنساء المبدعات في مختلف المجالات، كما يقدم عروضاً حول مسارات نساء رائدات في تاريخ المغرب.

افتتح "متحف المرأة" بمراكش أبوابه في أيلول/سبتمبر عام 2018، كأول متحف خاص بالنساء في شمال أفريقيا، للحفاظ على ثقافة المرأة المغربية وإنجازاتها الفنية.

كما يعد المتحف موطناً لمجموعة منوعة من المعارض التي تسلط الضوء على الروح الإبداعية للمرأة المغربية، فضلاً عن مساهماتها الثقافية في العالم، وقد أغلق أبوابه لمدة عامين نتيجة انتشار وباء كورونا، ليعود ويفتح أبوابه أمام الزوار مرة أخرى.

ويضم المتحف أروقة خاصة بمعروضات تقليدية تبرز فن العيش وما أبدعته أنامل النساء المغربيات على مر العصور، وفي قاعات أخرى تعرض أفلام حول مسارات نساء رائدات في مجالات متعددة منها الأدب والعلم والفن والسياسة والاقتصاد.

تقول المسؤولة عن التواصل سهام أيت وراق أن المتحف بمثابة تكريم للنساء المغربيات، أمهات وعاملات وفنانات وعالمات وسياسيات، اللواتي استطعن أن تتركن بصمتهن في مجال عملهن.

وأوضحت أن المتحف يتيح للفنانات في مختلف المجالات كالرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي والشعر، التعبير عن إبداعاتهن وإبراز مواهبهن، لافتةً إلى أن المتحف يضم أرشيفاً ووثائق تتعلق بالمرأة المغربية، بالإضافة إلى معرض للأدوات القديمة التي كانت النساء تستعملنها في الحياكة والنسيج، وكذلك ملابس تقليدية قديمة ومشغولات يدوية.

وأشارت إلى أنه تم العمل لسنوات حتى تم تجميع محتويات المتحف والتي ترافقها ملصقات توضيحية حول الحقبة التي كانت تستعمل فيها تلك الأدوات، لتقريب الزوار من الموروث الثقافي والإبداعي للنساء المغربيات.

ولفتت إلى أن افتتاح المعرض تحت شعار "المرأة المغربية بين الفن والتاريخ"، تخلله عرض سيرة ذاتية لنساء ساهمن في صناعة تاريخ المغرب، في مختلف المجالات مثل زينب النفزاوية زوجة السلطان يوسف بن تاشفين، التي كان لها الفضل في بناء وتأسيس مدينة مراكش عهد الدولة المرابطية.

وسيكون لزوار المتحف طيلة هذا الموسم، موعد مع فيلم وثائقي يسرد سيرتها الذاتية متطرقاً لحياتها وإنجازاتها على لسانها هي نفسها كأنها تروي حكايتها، تتخللها مداخلات لباحثين في التاريخ المرابطي.

وعن العروض التي ينظمها المتحف تقول "هذا العام تميز المتحف بعرضين، الأول يتعلق بنساء رائدات في مختلف المجالات، حيث عرضت مقاطع فيديو في قاعة خاصة مسار حياة هؤلاء النساء وما قدمنه من إنجازات في تاريخ البلاد"، مشيرةً إلى أن العرض الثاني كان عرضاً للوحات الفنانة حفيظة زيزي، التي يصنف فنها ضمن الفن العفوي، حيث تعبر من خلال لوحاتها عن تيمة المرأة، خاصة القروية بجبال الأطلس الكبير التي تستدعي اهتمام حفيظة زيزي خاصة منطقة أغالبة الجبلية بإقليم بني ملال التي تتحدر منها الفنانة.

 

 

وتقول حفيظة زيزي التي تحاول من خلال لوحاتها أن تبرز عادات وتقاليد المرأة المغربية التي بدأت تندثر كحياكة الزرابي التي امتهنتها والطبخ وفن العيش بشكل عام، أنها بدأت تسلط الضوء على حياة المغربيات من خلال رسوماتها وهي في الثامنة والعشرين من عمرها، حيث قدمت معرضها الأول في منطقة إملشيل عام 2001، وشاركت فيما بعد في العديد من المعارض الفردية والجماعية، كما شاركت في مشاريع فنية متعددة في دول مختلفة.

وأوضحت أنها تحاول أن تجعل من البورتريهات النسائية التي تجسدها بالريشة والألوان، خلق نماذج لنساء عاشقات للحرية والحياة بكل تجلياتها، كما أن العيون الكبيرة المفتوحة التي ترسمها في وجه كل شخصية من شخصياتها تعكس تطلع المرأة لإثبات ذاتها وإسماع صوتها، بالإضافة إلى الخميسة (اليد المفتوحة) التي ترمز للاتقاء من النوايا السيئة والسلبية المحيطة بها.

وعن مشاركتها في معرض بمتحف المرأة، أوضحت أنها كانت دائماً تتطلع لأن تعرض لوحاتها في هذا الفضاء لأنه يكرم المغربيات والفنانات، وكونه التفت المنظمين لها كفنانة تشكيلية تهتم يتيمة المرأة.

وأشارت إلى أنها سبق لها أن سمعت عن هذا المتحف، وكانت تحلم بأن تعرض فيه لوحاتها التي تجسد نساءً قرويات أمازيغيات وتعبر من خلالهن عن ثقافة المنطقة وتراثها ودور النساء في الحفاظ على هذا الموروث. 

 

 

ولفتت إلى أنه سبق لها وأن عرضت لوحاتها ضمن أروقة كثيرة لمتاحف أخرى، لكن مشاركتها ضمن هذا المتحف الأول من نوعه في شمال أفريقيا تعد تجربة تركت في نفسها أثراً بالغاً. وتعتبر أن متحف المرأة يبقى مميزاً لكونه تأسس مما تبدعه النساء ومن أجل النساء.

وسيستمر المعرض إلى غاية الثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر المقبل، تتخلله ورشات للرسم تنظمها الفنانة حفيظة زيزي لفائدة النساء والأطفال.