"مسرح بذور" تستعد لإطلاق عملين مسرحيين لدمج ذوي الإعاقة

أكدت المدير التنفيذي لجمعية "مسرح بذور" أن العملين الدراميين اللذين ستطلقهما الجمعية يسعيان إلى دمج ذوي الإعاقة بالمسرح من خلال العلاج بالدراما لتجسيد قصصهم أمام الجمهور.

رفيف اسليم

غزة ـ ضمن مشروع تحسين الرفاه والمرونة النفسية لمبتوري الأطراف من خلال الفن المسرحي تستعد جمعية "مسرح بذور" للثقافة والفنون لإطلاق عملين دراميين، بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عبر دمج ذوي الإعاقة من فئات عمرية مختلفة، لرواية قصصهم والتركيز على النظرة السلبية التي تواجههم من قبل المجتمع في ظل معاناتهم التي لا تنقطع.

قالت المخرجة والمدير التنفيذي لجمعية "مسرح بذور" وسام الديرواي أن المشروع الحالي يهدف إلى دمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمسرح من خلال العلاج بالدراما لتجسيد قصصهم الحقيقة أمام الجمهور، مشيرةً إلى أن العملين اللذين سيتم تقديمها خلال الأيام المقبلة، عبارة عن عمل مسرحي درامي، والآخر حكواتي درامي، بمشاركة تسعة عشر شخص من ذوي الإعاقة.

ولفتت إلى أن العمل على المشروع استغرق عدة مراحل، المرحلة الأولى كانت عبارة عن جلسات الاستماع إلى القصص، واستغرقت خمسة أيام للشباب، وخمسة للشابات، أما الثانية فهي مرحلة تحليل القصص، واستغرقت عشرة أيام، والثالثة كانت اختيار القصص وتحويلها لعمل مسرحي خلال عشرة أيام إضافة لتدريبات العرضين، مضيفةً أنه خلال فترة العمل تم الاستعانة بثلاثة مخرجات أخريات وهن منال بركات، وعلا سالم، وهناء الغول كمساعد مخرج في العمل الأول.

وبدورها أشارت المخرجة منال بركات إلى أن المشروع يسعى إلى تحسين المرونة والصلابة النفسية لفئة مهمشة في المجتمع تحتاج لطريقة مختلفة بالعلاج وهي الدراما، فمن خلال توظيف الدراما والمسرح يمكن التقليل من الضغوطات التي تواجههم، بالإضافة إلى سماع تساؤلاتهم الداخلية، لافتةً إلى أن تلك الأداة تعتبر وسيلة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في الأنشطة المسرحية، وعرض قصصهم بطريقة درامية توصل للجمهور العديد من الأفكار بأسلوب فعال.

وأوضحت أنه ليس من السهل تهيئة تلك الفئة لدمجهم في أنشطة المسرح لأنهم اعتادوا على العلاج النفسي بنظام الجلسات، إضافةً لأن الممثل المسرحي يحتاج لطريقة معينة في التدريب والتأهيل فتغير الطريقة سواء بالعلاج أو التأهيل، تحتاج لوقت طويل مع فريق العمل كي يحدث التجاوب المطلوب، مشيرةً إلى أنها تحاول وفريقها توظيف "السيكو دراما" للتعبير عن أنفسهم وللموازنة بين حياتهم في الواقع والضغوطات التي يتعرضون لها.

 

 

ويعرف مصطلح "السيكو دراما" بأنه نوع من أنواع العلاج النفسي الذي يجمع بين الدراما كنوع من أنواع الفنون وعلم النفس.

وأكدت منال بركات أن "أسباب الإعاقة المختلفة كالحروب المتكررة على قطاع غزة وحوادث السير، والإهمال الطبي، والحصار المفروض، زادت نسب الإعاقة وسلبت فئة "مبتوري الأطراف" حق من حقوقهم الأساسية وهو المشاركة المجتمعية، فجاء التدريب الحالي كخطوة أولى لدمجهم في أنشطة المسرح المختلفة، والوقوف على خشبته وتقديم العروض أمام الجمهور كأي إنسان سليم يمارس حقه في المشاركة والتعليم والتعبير بهدف جعل أصواتهم مسموعة".

وكان هناك مشكلة أخرى تحدثت عنها المخرجة علا سالم وهي إيجاد المكان الملائم للتدريب لكن المحاولات المستمرة للمخرجات جعلت من الأماكن مشابها لأجواء المسرح، لافتةً إلى أنها حاولت قدر الإمكان أن توجد وفريق العمل التسهيلات المطلوبة لذوي الاحتياجات الخاصة كالمصعد الكهربائي أو الدرج المخصص لهم.

وأشارت إلى أن فكرة الموائمة تم التغلب عليها من خلال عزيمة المشاركين، ورغبتهم في إنجاح العمل فقد بذلوا الكثير من الجهد كي يتكيفوا مع المكان ولا يبدون أي امتعاض، موضحةً أن غالبية الأشخاص قد خرجوا من صدمات طويلة المدى فكان التعبير عن قصصهم يحتاج إلى إعطائهم الكثير من الوقت والصبر كي يتم الوصول إلى ما يكمن دواخلهم وينسيهم الألم الذي يتعرضون له.

خلود السيسي إحدى الفتيات المشاركات في التدريبات قالت إن التجربة بالنسبة لها غريبة نوعاً ما، ويرجع السبب في مشاركتها حبها الشديد للمسرح ورغبتها في معرفة كيفية الوقوف على تلك الخشبة، وكيف يرى الجمهور الممثل، متمنية أن تحقق إنجاز ملموس وتلاقي تقبل من قبل المشاهدين للدور الذي ستقدمه.

وأشارت إلى أن التجربة مليئة بالصعوبات التي تغلبت عليها منها مشكلة الصوت لديها ومخارج الحروف الغير منتظمة إثر الارتباك خلال تقديم نص المشهد، إضافةً للإعاقة التي تمنعها من الحركة بحرية، لافتةً إلى أنها قبل التمرينات لم تكن تمشي مطلقاً بدون الأداة المساعدة، ولكن بعد عدة أيام أصبح الوضع أفضل، وتعلمت المشي وحدها.

وأضافت خلود السيسي أنها ما زالت تعمل على نفسها بشكل مكثف كي تتمكن من تقديم ما عليها، وكذلك مساعدة فريقها في العمل، مضيفةً أنها تعلمت نقطة أساسية عن العمل المسرحي، وهي روح الفريق والعمل المشترك فإذا ما أخطأت زميلة أو تلعثمت يجب أن يكون الحس البديهي لديها يقظ لإنقاذ العرض، الأمر الذي نمى مهارة التركيز لديها، وجعلها متحمسة للعرض النهائي بالرغم من قلقها.

 

 

ويذكر أن جمعية "مسرح بذور" للثقافة والفنون تأسست عام 2018 على يد مجموعة من النساء المبدعات المتخصصات في مجال المسرح والفنون، والملتزمات تجاه تمكين مجتمعهن المحلي عبر تقديم برامج ثقافية وفنية تستهدفن من خلالها جميع فئات المجتمع الفلسطيني دون استثناء للمساهمة في إحياء التراث الحضاري الفلسطيني.