مشروع "Pargîn" مصدر للحفاظ على ثقافة وتراث وتقاليد وقصص الكرد

Pargînهي الحدود الحامية حول خيم الكوجر، وهي أول مؤسسة على مستوى شمال وشرق سوريا، لدراسة وتوثيق الثقافة والتراث والتقاليد والفلكلور الكردي. كما تعتبر Pargîn أيضاً جسر التواصل بين التاريخ والمستقبل

روج هوزان
قامشلو ـ  .
إن الاعتداءات التي تتعرض لها ثقافة المجتمعات تؤدي إلى تدمير العديد من القيم. لذلك كان من الضروري أن يكون هناك اهتمام أساسي بثقافة المجتمع وتقاليدهم. فالقضاء على ثقافة مجتمع وتدميرها تعني إبادة ذلك المجتمع وطمس تاريخه. والثقافة هي أداة التواصل بين المجتمعات ووسيلة للحياة الاجتماعية. وقد حافظت الثقافة والفن الكرديان على إصالتهما ووصلا إلى يومنا هذا متجاوزتين عصور الإبادة. ونجت هذه الثقافة وظلت صامدة بفضل أنماط الغناء الشعبي والحفاظ على الفن الأصيل، في نفس الوقت ارتبطت بالنساء وكن رواد المبادرة في الحفاظ على هذه الثقافة.
تم تطوير مشروع Pargîn في قرية بستا سوس في منطقة كوجرات التابعة لمدينة ديريك في شمال شرق سوريا. يقوم هذا المشروع على أساس الحفاظ على الثقافة والفن الكردي ويضم تسع عضوات يعملن فيه. المشروع جديد، بدأ العمل منذ خمسة أشهر وسيصبح في المستقبل القريب مكاناً للتجمع، وبيتاً للثقافة الكردية وثقافة جميع المكونات التي تعيش في المنطقة. وبهذا الصدد حدثتنا عضوات مؤسسة Pargîn عن أهداف مشروعهم وأعمالهم.
 
التعريف بثقافة الكوجر وصلتها بالنساء
عرّفت عضو مؤسسة Pargîn روجدا حسين ثقافة الكوجر وعلاقتها بالنساء وقالت "الثقافة هي هوية الإنسان وهي نتاج فكري وحيوي للمجتمع. الثقافة والكوجر خاصة نساء الكوجر تربطهم علاقة قوية جداً. حيث يُعرف الكوجر بثقافتهم وفنهم الأصيل، لأن الكوجر عندما عاشوا في الخيام كانوا يأخذون كل إبداعاتهم معهم ويحافظون عليها. وأفق الكوجر يحتضن الكون كله، ولا يحصر نفسه في نافذة ضيقة، بل يوسع فروعه ويكشف عن أفكار مختلفة. يُعرف الكوجر بلغتهم وملابسهم وفنونهم بالإضافة إلى العديد من الأدوات مثل المغزل وقربة خض اللبن والهاون والعديد من الأدوات الأخرى التي أنشأها الكوجر وشاركوها مع المجتمعات الأخرى. للمرأة تاريخ غني في حماية هذه الثقافة من الانقراض، ويمكن القول إنه في منزل كل امرأة كوجرية توجد جميع الأدوات القديمة والتقليدية. نريد اليوم أن نسلط الضوء على هذه الحقيقة ونستمر في حماية إرث المرأة هذا ونتخذه كركن وقاعدة أساسية لتحسين الحياة. فالحياة مبنية على الأشياء التي تخلقها وتبنيها المرأة بوعيها وذكائها، ونرى اختلافها وتميزها فيما بعد. نريد أن نسير على خطى هؤلاء النساء والاهتمام بثقافتنا وتراثنا".
 
التعريف بمشروع Pargîn
وعن الغرض من افتتاح مركز Pargîn قالت العضو فيه حنان قاسم Pargîn" هو الحدود الحامية حول خيام الكوجر. باعتقادي فإن Pargîn هي المؤسسة الأولى في شمال وشرق سوريا التي تعمل على دراسة وتوثيق الثقافة والتقاليد والتراث الكردي. الغرض من إنشاء مؤسسة Pargîn هو الحفاظ على القيم المعنوية والمادية للثقافة الكردية. إن الحفاظ على تقاليد وعادات وتجارب وقصص الماضي هو واجب وجداني يشمل جميع الناس ويجب أن تكون مسؤوليته أكبر اليوم في حالات الإبادة والهجمات القائمة. إن أدوات الحياة التي خلقتها هذه المجتمعات إذا لم يتم توثيقها اليوم ومعرفة اسمها ورمزها ومكان إنشائها وحقبتها التاريخية فإنها ستكون عرضة للانقراض في الأيام القادمة. كما يعد توثيقها بالمشاهد والصور دليلاً وأمراً ضرورياً أكثر من مجرد توثيقها كتابياً، وفي الوقت نفسه يجعلها منتجاً متاحاً. لأن ثقافة التصوير تحتل الصدارة في جميع أنحاء العالم ويمكن للجميع مشاهدتها وقراءتها وفهمها. ومن خلال توثيق مشهد أو صورة وتعلم هذه الثقافة يمكننا إبراز جمال ثقافتنا وغناها وحقيقتها. في Pargîn سيتم الحفاظ على جميع الموضوعات الثقافية وحمايتها ابتداءً من التجربة وصولاً إلى جميع الأدوات والآلات القديمة والقصص وثقافة المرأة والأمثال الشعبية".
 
اختيار تأسيس Pargîn في منطقة الكوجرات
بينت حنان قاسم سبب اختيار تأسيس مركز Pargîn في منطقة الكوجرات في ديريك "يعود سبب اختيار بناء Pargîn في منطقة الكوجرات لغنى هذه المنطقة وحماية سكانها لهذه الثقافة وحفاظهم عليها، لذلك كان المكان الأنسب لبناء هذا المشروع هو منطقة الكوجرات. فقد كان كرد الكوجر من السكان الأصليين في المنطقة منذ العصور القديمة وعاشوا في الخيام والمراعي حتى الخمسينيات من القرن الماضي. منطقة كوجرات هي قاعدة للسير والتحرك نحو الحماية الدائمة. Pargîn هي جسر للتواصل بين التاريخ والمستقبل. في المركز لدينا أقسام مثل قسم الغناء الشعبي والتحرير والديكور والإخراج والأزياء والملابس وجميع الأعضاء يتلقون تدريبهم في كل قسم. نأمل أن نتعرف على هذه الثقافة ونحمل مسؤوليتها وننقلها إلى الأجيال القادمة".
 
ملابس الكوجر
لفتت نادية علي إحدى عضوات المؤسسة الانتباه إلى ملابس وزي أهالي منطقة كوجرات ووصفتها كالتالي "كل منطقة تشتهر بزيها وملابسها، ومنطقتنا أيضاً تمتاز باختلاف خاص من حيث ارتداء الملابس. في منطقتنا ترتدي معظم النساء الخفتان، التي يصنع من قماش الكتان وألوانها مختلفة مثل الأخضر والأسود والأزرق. كما أن زخارف ونقوش الخفتان تقوم النساء بتصميمها يدوياً، وغالباً ما تكون هذه النقوش باللون الأحمر والأصفر. كل الألوان التي تصنع منها ملابس الكوجر تجسد الطبيعة وانبعاث حياةٍ جديدة. تلبس نساء الكوجر هذه الملابس أثناء قيامهن بأنشطتهن وأعمالهن اليومية وكذلك في أفراحهن وحفلاتهن". 
 ثقافة الغناء الشعبي
كما تحدثت عضو قسم حماية الغناء الشعبي لونا حسين عن أهمية الغناء الشعبي ودوره في الحفاظ على الثقافة الأصيلة "ثقافة الغناء الشعبي ذات أرضية متينة وهي بارزة جداً في منطقتنا. فمن خلال الغناء الشعبي عبر الناس عن مشاعرهم الرقيقة وشاركوها مع بعضهم البعض. كما كانت العديد من أغاني المغنين تتحدث عن ظروف ومواقف الحياة التي يمر بها ذلك المجتمع. تلك الأغاني كانت تغنى أثناء القيام بالعمل، بجانب مهود الأطفال، في الأفراح والأتراح ومازالت تغنى حتى يومنا هذا. لذلك نحتاج إلى البدء في حمايته من التاريخ ودراسته والاندماج معه. تدريباتنا أيضاً تكون بهذا الشكل حيث تأتي الأمهات الكبيرات في السن اللواتي يتقن الغناء الشعبي في منطقة كوجرات إلى Pargîn ويقمن بتدريبنا ويعلمننا الغناء الشعبي الأصيل، ونحن من جهتنا نقوم بتسجيل هذه الأصوات ودراستها. مهما حاولنا فإننا لن نستطيع الوصول إلى مستواهن، لأنهن غنين بفكرٍ وإحساس نقيين وواضحين، ولكن إلى درجة ما يمكننا الحفاظ على تراثهن وتعليمه للأجيال القادمة. تُعد لحظات الاستماع إلى الغناء الشعبي للأسلاف لحظات ذات مغزى ومهمة للغاية، حيث تأخذنا معها في جولة إلى تاريخ التقاليد الكردية. لا نريد الابتعاد عن هذه القيم، لأنها تمثل وجودنا".