مشروع أهازيج... امرأة تنجح في الدمج ما بين كتاباتها والشعر الشعبي

للكلمة وقع كبير في نفس الإنسان لذلك كانت قصائد النثر، والشعر الشعبي، والأهازيج التي تميز بها أهل الجنوب في ليبيا، لكن مع التطور التكنولوجي بدأ الجيل الجديد يعرض عن كل ما هو مرتبط بالكلمة والصوت.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ كان التحدي الأكبر الذي خاضته صفاء محمد صاحبة مشروع أهازيج لكتابة وإلقاء القصائد، كيفية إقناع الناس من حولها به، وجعلهم يطلبون قصائدها لتكون ضمن برنامج مناسباتهم السعيدة، فأن تفتح مشروع تجاري يعتمد على الكلمة والصوت في عالم مليء بالصورة مثل تحدي آخر لها.

عن فكرة تأسيس مشروعها، قالت صفاء محمد إن الفكرة الأساسية كانت هي الاستفادة من هوايتها في الكتابة وفن الالقاء فتقوم بإنشاء مشروع، فخرجت فكرة أهازيج وبدأت في تنفيذها عام 2022، وتوصلت لمراحل جيدة في المشروع حتى الآن.

وحول سبب اختيارها لاسم أهازيج، أوضحت أنها رأت أن الاسم مناسب، والذي يتماشى مع المشروع، على الرغم من أن بعض الزبائن يواجهون صعوبة في نطقه، ولكن لا تفكر في تغييره، وتم اعتماده لأنه اسم مميز ويمثل تراثهم.

وفي ظل ما يعيشه المجتمع من تغيير في العصر الذي أصبح عصر الصورة بعيداً عن الصوت والكلمة، واجهت صفاء محمد تحديات عديدة تمثلت بـ "كيفية خلق كلمات أجذب بها المستمع وأدفع به لاختيار أهازيج في ليلة العمر، وبالتأكيد سيكون كل شيء مختار بدقة وعناية، فاعتمدت على سلاسة الكلمات ووضوح معانيها، فكان التحدي هنا هو اختيار الكلمات القوية".

وحول إذا ما كانت كلمات أهازيجها منتقاة من التراث الشعبي أو هي من تقوم بتأليفها، بينت أنها "مزيج ما بين الانتقاء من التراث الشعبي، وبين كتاباتي لأنني بالتأكيد لا أستطيع فصل كلماتي عن التراث الشعبي الذي يمثلنا ونمثله، فحاولت دمج الاثنين مع بعضها، وأخرجها بنمط جيد للمستمع".

وأكدت أنها في اختيارها لمفردات أهازيجها تتجه للكلمات الواضحة والعميقة، وفي أحيان كثيرة تطلب من بعض الشعراء كتابة بعض الأهازيج وأخذ قصائد منهم "عندما أريد أن أكتب الأهزوجة التقي بمن يريد مني كتابتها ومعرفة بعض التفاصيل حوله، وحول ما يريده تحديداً بحيث تتماشى الكلمات مع المناسبة، وقد أستعين ببعض الكتّاب لشرح بعض المفردات خاصة في بداياتي لم تكن لدي فكرة كبيرة عن عدد لا بأس من المفردات".

وحول مراحل كتابة الأهزوجة، أضافت "المرحلة الأولى هي مرحلة التعرف على بعض التفاصيل التي تخص الزبون، وثاني مرحلة هي كتابة الكلمات، ومن ثم أقوم بتسجيله، ثم بعد ذلك مرحلة مونتاج الصوت ونقلها في "فلاش"، لغرض تسليمها للزبون، وعادة أفضل أن أنهي عملي قبل المناسبة بفترة لا بأس بها في حدود خمسة أيام، تفادياً لأي ظرف طارئ قد يحدث".

وأشارت إلى أنها قامت بتدعيم صوتها وتقوية الالقاء لديها منذ صغرها حيث كانت تقوم بالتعلم أمام المرآة والتحدث بطريقة معينة، حتى ظن أهلها أنها ستختار تخصص إعلام وليس قانون، وكان اجتهادها الشخصي هو أحد أسباب نجاحها، فبالتجربة والتدريب ينجح الإنسان في أي مجال يحبه.

ولفتت إلى أنها تلقت دعم أولي من منصة "أثر" لدعم المشاريع وهي منظمة خيرية بعد أن نالت الفكرة إعجابهم، خصوصاً أنها فكرة جديدة وغير متداولة، ومن خلال اطلاعهم ورؤيتهم وجدوا أن المشروع قد تكون نسبته ناجحة 80%، مما شجعهم على دعمها للانطلاق وبالتأكيد أي مشروع يحتاج إلى رأس مال، ولكن مشروعها رأس ماله صغير جداً في البداية.

وذكرت صفاء محمد أنها راضية جداً على مشروعها والنجاحات التي حققها، خلال فترة بسيطة من عام 2022 إلى عام 2024 "لم أكن أتخيل منذ البداية أن تكون هناك ردود فعل إيجابية حوله، حيث عملت في أغلب مدن ليبيا من الشرق والغرب والجنوب، وجذبنا الجنوب والغرب الليبي بالكلمات الشرقية الأصيلة، فأعجبتهم حيث أعتمد في أهازيجي على كلمات ذات معاني واضحة فبالتالي هي تتماشى مع كافة المدن الليبية".

وعن استطاعتها على خلق حالة من التواصل وجعل الجيل الجديد يقبل على قصائدها، قالت "الركيزة الأساسية التي اعتمدتها هي قوة التأثير في الكلمات التي أقوم باختيارها"، مبينة أن مواقع التواصل الاجتماعي دورها كبير، ولكن كان تركيزها على الفيس بوك تحديداً، وحقق لها انتشار لا بأس به.

وأضافت "موضوع سرقة كلمات قصائدي موضوع صعب فقد عانيت منه كثيراً منذ بداياتي، لذلك توصلت لحل وهو أنني لن أقوم بنشر عملي كاملاً على مواقع التواصل الاجتماعي، للحد من سرقة نصوصي، لأنني لو اتبعت طريقة اعتماد كلماتي من وزارة الثقافة والحصول على حقوق النشر سيأخذ وقت طويل، وكذلك أنا كلماتي متجددة، بالإضافة إلى أن بصمتي أصبحت واضحة على أهازيجي وأصبحت الناس تعرفها بمجرد أن تسمعها"، لافتةً إلى أن المتابعين والمتلقين بصفة عامة لهم دور كبير في دعمها وتشجيعها على الاستمرار.

وقدمت صفاء محمد في ختام حديثها نصيحة للشابات اللواتي قررن فتح مشاريعهن الخاصة بأن تبدأن ولا تلتفتن للناس من حولهن فأغلبهم محبطين خاصة للأفكار الجديدة لن تجد إعجاب لها ودعمها من الجميع، لذلك عليهن أن تبدأن ومع الاستمرار سوف يتم تقبل الفكرة تدريجياً وستجدن نتيجة مرضية فيما بعد.