مريم قوش تسلط الضوء على الواقع المعاش في فلسطين من خلال كتاباتها

أكدت الشاعرة مريم قوش أن السكن في المخيم ونمط الحياة الذي يفرضه يولد الإبداع لدى الشعراء والفنانين، فداخل تلك الأزقة الضيقة تبدأ الكثير من الحكايات والمواقف التي تستحق وبجدارة أن يتم تناولها في عالم الأدب.

رفيف اسليم

غزة ـ استطاعت الشاعرة الفلسطينية مريم قوش من خلال الشعر التعبير عن الواقع المعاش من قضايا البلاد وصولاً إلى المشاكل التي تعاني منها المرأة، لتحصد عدة جوائز محلية ودولية عن أعمال عبرت عن هويتها الثقافية، على الرغم من كافة الصعوبات التي تفرضها المدينة المحاصرة.

وحول هذا الموضوع تقول الشاعرة مريم قوش إن موهبتها بدأت مبكراً من خلال عدة نصوص كانت قد كتبتها وهي طالبة في المدرسة، لكنها لم تكن تتوقع أن تنضج تلك الموهبة لما عليه اليوم، مشيرةً إلى أنها بعد انهائها الثانوية العامة سعت للالتحاق بكلية اللغة العربية في إحدى الجامعات الفلسطينية حينها كتبت قصيدة "يا أمتي" التي كرمت عند إلقائها ثم توالت نجاحاتها.

ولفتت إلى أن السكن في المخيم ونمط الحياة الذي يفرضه يولد الإبداع لدى الشعراء والفنانين، فداخل تلك الأزقة الضيقة تبدأ الكثير من الحكايات والمواقف التي تستحق وبجدارة أن يتم تناولها في عالم الأدب، ما بين الفقر والنجاح، العزيمة والأعراف القاسية التي يفرضها عنوةً، تعيش المرأة الفلسطينية أوضاعاً استثنائية قد لا تستطيع التعبير أو الحديث عنها بسهولة مما يولد لديها رغبة في الانتصار على الواقع.

لذلك تصف مريم قوش القصيدة بأنها قراءة واعية للمستقبل وهي عبارة عن نتاج تجارب ذاتية ما بين حس الشاعرة الفني والحالة الفلسطينية التي تُفرض في كل دقيقة موقفاً وشعوراً محدداً على كافة الأصعدة سواء السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، والكثير من المجالات الأخرى، التي تحتك بالفرد احتكاكاً مباشراً، معتبرةً القصيدة الفلسطينية أكثر واقعية من غيرها.

وأضافت أن تجربة المرأة في الكتابة أصعب وأصدق، فهي لا تعتبرها مجرد رفاهية بل رغبة نابعة من القلب، والذي يقرأ سيرة الشاعرة "فدوى طوقان" وغيرها من الكاتبات الفلسطينيات يدرك كيف يمنع المرء ثم يواصل طريقه الذي أمن به منذ البداية لإيصال أصوات من لم يستطعن الحديث عن تجربتهن.

وعن الدواوين التي كتبتها مريم قوش، "رسائل البرتقال" سعت من خلالها إلى تدوين أسماء المدن الفلسطينية المختلفة ولهجاتها، مفرقة ما بين لهجة أهل الجبل والساحل و"راوية الكثير من القصص" لبلدات وقرى ربما لم يسمع عنها الفلسطيني أو غيره من قبل، في عدد من الصفحات التي احتوت تاريخ وفلكلور فلسطين.

وأكملت تلك المسيرة في ديوانها "انتماء للنهار" حيث جددت الانتماء لكل ما هو فلسطيني، كون فلسطين امرأة احتضنت منذ القدم التاريخ بزيتونتها وضوء قنديلها الذي لا ينطفئ، كمريم العذراء التي لجأت إليها واحتمت بها، والكثير من السيدات اللواتي هربن من قبائلهن طالبات الحماية من فلسطين الأم.

وأما عن ديوانها "كما تمشي القطا" الذي حصل على جائزة فلسطين التشجيعية، تقول مريم قوش "كنت أرغب في التعبير عن حياة الفلسطيني المهجر الراحل من مدينة إلى أخرى فقد شبهت من خلاله حركة المغتربين بالقطار، وهو طائر الشنار المعروف بمشيته الحذرة المترقبة القلقلة، لتروي حال التشتت في بقاع الأرض منذ أكثر من سبعة عقود".

وقالت مريم قوش أنها تؤمن بأن القصيدة تشبه المرآة المتباينة، كونها يمكن قراءتها من عدة زوايا، وهو ما يميز القصيدة العربية والفلسطينية المعاصرة، التي تجردت من ذاتها واتجهت للموضوعية كي تسلط الضوء على الموضوعات العامة لتستطيع التنقل ما بين القضايا المختلفة وتقدم رؤية جديدة تدمج بين الذاتية والموضوعية.

وأوضحت أنها في عام 2019 حصلت على جائزة البحر المتوسط للشعر من روما، التي سبقها لها محمود درويش وفدوى طوقان، كما حصلت على جائزة جابوتش وترجمت قصائدها الفائزة للغة اليابانية، وفي العام 2021 حصلت على جائزة مؤسسة فلسطين الدولية في عمان عن ديوانها رسائل إلى البرتقال، كما تم اختيارها ضمن أكثر من 28 شخصاً الأكثر تأثيراً في فلسطين.

وفي ختام حديثها قالت الشاعرة مريم قوش أنه على الرغم من تعدد تلك الجوائز إلا أنها لم تستطع السفر وتسلم أي منها بسبب الظروف التي يفرضها قطاع غزة في صعوبة السفر والتنقل، مشيرةً إلى أنها تميل للفن التشكيلي وتسعى أن تمزج كل ديوان ببعض أعمال الفن والرسومات التي تنتمي لذلك، في محاولات ما زالت تعتبرها جديدة لتسطيع بتلك الطريقة إيصال رسائل أعمق.