من ناشطة اجتماعية إلى ناقلة للموروث الثقافي للأجيال
ترى المغربية ثريا عزيز أن المرأة تلعب دوراً في صون ونقل الموروث الثقافي للأجيال المقبلة، للحفاظ عليه من الاندثار.
حنان حارت
المغرب ـ تعمل ثريا عزيز في النشاط التطوعي، إذ انخرطت في إحدى الجمعيات، وتعمل على تعليم النساء في وضعية صعبة فن الكروشيه لولوج سوق العمل، كما أنها تشارك في تنظيم المعارض الحرفية.
تهوى ثريا عزيز 55 سنة التي تقطن بالعاصمة الرباط في المغرب، فن الكروشيه منذ صغرها، إذ كانت تعمل مشغولات بسيطة، ولم تكن تظن أنها ستصبح مهنتها في يوم من الأيام.
وقالت إن بداية التفكير في مشروع صناعة الكنزات والفساتين بالكروشيه كان في عام 2020 "في فترة الحجر الصحي خلال فترة انتشار وباء كورونا، وجدت نفسي بدون سابق تفكير أعيد إحياء هذه المهارة اليدوية، لمواجهة الملل الذي كان يسيطر عليّ خلال تلك الفترة، وبالتالي الاستفادة من وقت فراغي، لقد كانت في البداية مجرد هواية".
وأضافت "بعد أن تركت عملي كمساعدة اجتماعية، بدأت بالبحث عن عمل آخر، أتمكن من خلاله لمس النتائج بسرعة وأفرغ من خلاله كل الطاقات السلبية التي تسللت إلي خلال عمليات الاستماع للنساء في وضعية صعبة".
وبينت أنها لم تستسلم للضغوطات النفسية التي كانت تواجهها، فقررت ألا تقف مكتوفة الأيدي "لقد قمت بمشاركة بعض النماذج من منتوجاتي على مواقع التواصل الاجتماعي ففوجئت بإقبال كبير عليها ومنذ تلك اللحظة بدأت تنهال عليّ الطلبات"؛ موضحة أنها لم تكن تعرف كيف تسوق منتوجاتها، أو كيف تكّون قاعدة زبائن، لكنها قررت خوض المغامرة "أستنبط الأفكار من الطبيعة ومن البيئة، أحاول حياكة كنزات مختلفة، لا تتكرر لأكثر من زبون إلا بحسب الطلب، كما أحاول وضع بعض اللمسات الخاصة بي والتي تميز كل قطعة عن الأخرى".
وأوضحت "أحاول ألا تكون إبداعاتي تقليدية، أهتم بالتفاصيل حتى تكون القطعة مميزة وتحمل تفاصيل الشخص الذي طلبها"، مشيرة إلى أن الإقبال على ملابس الصوف المصنوعة بالكروشيه بدأ يرتفع من جديد خلال الآونة الأخيرة خاصة من قبل الشباب.
وأشارت إلى أنها تختار الألوان وتفاصيل القطعة بدقة، حتى تواكب تطورات العصر الحالي، لافتة إلى أنها تدمج الألوان مع بعضها البعض بتناغم، حتى تكون الموديلات مواكبة للموضة، وترضي ذوق الشباب الذين يحبون الأشياء المختلفة.
وبينت أنها منذ أن بدأت عمل الكروشيه أضحت أكثر تركيزاً وشعوراً بالراحة "أكون راضية أكثر على نفسي عندما أنتج قطعة جميلة، لأني أشعر أنها تحمل قيمة مضافة لأنها إبداع شخصي"، لافتة إلى أن ما تقوم به هو مجهود يدوي لم تدخل في صناعته الماكينات أو الآلات وأن عملها يدخل في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي.
وحول طموحاتها أوضحت أنها تستعد لإنشاء مشغل صغير يجمع النساء اللواتي ترغبن في تعلم الحرف اليدوية، حتى يتمكن من تسويق منتجاتهن، من أجل الحصول على الاستقلالية المادية وتحقيق ذواتهن في المجتمع.
ونصحت النساء والفتيات بإحياء المهارات اليدوية من أجل الحفاظ عليها من الاندثار، لأنها تعتبر موروثاً ثقافياً، داعية النساء اللواتي ترغبن في إنشاء مشاريع ولا زلن متخوفات من المبادرة بإطلاق العنان لأفكارهن "عليهن أن تثقن بأنفسهن من أجل إعادة المجد للمشغولات اليدوية، وذلك لأن المرأة هي التي تصون وتنقل التراث للأجيال الصاعدة".