بفن السيراميك تكسر التابوهات المرتبطة بجسد المرأة

تسعى الفنانة التشكيلية كافية الراجحي إلى كسر التابوهات المرتبطة بجسد المرأة وتحاول العمل على قضاياها وطرح تشوهاتها الداخلية التي لا تراها العين المجردة.

زهور المشرقي

 تونس ـ ترى الفنانة التشكيلية كافية الراجحي أن واقع فن الخزف في تونس صعب في ظل التغيرات الحاصلة في تونس لكن طموحات النساء والفنانات بصفة عامة ومساعيهن لتطوير أنفسهن هي الحافز نحو النجاح.

تنحدر كافية الراجحي من محافظة سليانة بالشمال الغربي التونسي، التي استمدت منها الحس الإبداعي المرهف المنتصر لأوجاع وآلام النساء، فقد وهبت روحها الفنية لإيصال مآسيهن ووضع الإصبع على جراحهن الغائرة، فهي تؤمن بقضايا المرأة والإنسانية وتحمل كل أعمالها قصصاً تحاكي الواقع.

تلقب الفنانة التشكيلية أو الخزافة التونسية كافية الراجحي بـ "الكاهنة"، وعن بدايتها تقول "كانت بدايتي مع الخزف في المعهد العالي للفنون الجميلة، واليوم أشق طريقاً في البحث والعلم لأنمي ما تعلمته وما رسمته، وكان اختياري العمل على جسد المرأة انطلاقاً مما عانته من مآسي".

وأضافت "احتكاكي بالنساء اللواتي تعانين في صمت كان دافعي للتساؤل دائماً، كيف لامرأة مفعمة بالحياة وناجحة أن تعيش مأساة وحزن داخلي، كن تثرن اهتمامي كذلك النساء الريفيات اللواتي تحملن آلاماً مضاعفة تتراوح بين الحاجة والفقر والعمل الشاق، ومع كل تلك المعاناة، كانت تتخلل محياهن الابتسامة". مشيرةً إلى أن تجربتها بالانضمام إلى الجمعيات النسوية جعلتها تجسد معاناة تلك النساء في لوحات السيراميك.

وقالت "أعمل على إبراز الآلام التي تشعر بها المرأة بداخلها لاعتبارها غير مرئية وحاولت إبرازها للعامة ليشعروا بها، حاولت العمل على ما هو بالداخل الذي ينعكس تماماً مع الصورة الظاهرة التي تتمثل في امرأة مبتسمة وقوية لكنها مكسورة من الداخل".

وحول العمل على تلك الآلام قالت "صورت التشوه الداخلي والخارجي، وبينت أنه مهما كانت درجة التشوه الجسدي لا يقلل من طبيعة المرأة شيء فهي كيان قبل أن تكون شكل"، ووجهت رسالة قالت فيها إن المرأة ليست شكل بل هي كيان متكامل لا يؤثر فيه غياب أي عامل أو عضو من جسدها بالنحت "حاولت وضع مآسي النساء لمعالجتها ومساندتها، صحيح أننا في تونس لدينا العديد من الحقوق، لكن حين تذهب إلى الأعماق تجد آلام لن نتصورها".

وترى الفنانة التونسية كافية الراجحي أن قضايا النساء لا تعالجها غير النساء بالعزيمة والمثابرة والتوحد، فأوجاعهن لن يستطيع أحد فهمها غيرهن.

وعن كيفية خدمة قضايا النساء بفن السيراميك، أوضحت كافية الراجحي أن ذلك يكون بتوعيتهن، واطلاعهن على شخصيات نسوية تونسية مناضلة طورت مجالاً معيناً وتركت بصمة، وذلك سيشجعهن ويقويهن وتستطعن فهم واقعهن الحالي ومشاكلهن ومشاغلهن وبالتالي معالجتها.

وأكدت أن جزء كبير من النساء في تونس غير واعيات بحقوقهن ولا تعرفن التشريعات التي تنصفهن "في القطاع الفلاحي مثلاً وهو أكثر القطاعات هشاشة وضعفاً لا تعرف الفلاحات أن من حقهن تأمين التغطية الصحية والاجتماعية وراتب جيد والعمل ضمن نظام ساعات تحدده الدولة، هن يتعرضن للهرسلة ولا يعين حقوقهن في ظل قطاع غير منظم زاده سوءً اللاوعي، وكفنانة مدافعة على النساء ومؤمنة بحقوقهن يجب عليّ توعيتهن وفضح التجاوزات ضدهن من قبل أرباب العمل، وهي مسؤولية تتشارك فيها الجمعيات النسوية مع الدولة والنخبة والإعلام"، مشيرةً إلى أنه مع هذه التغيرات السياسية والوضع الاقتصادي الصعب، يجب التفكير جيداً في النساء ودعمهن وتوعيتهن.

وعن الصعوبات التي تواجهها في فنها وتحول دون تحقيق ما تريد، بينت أنه هناك العديد من العوائق المادية مع غياب السوق الفنية خاصة حين تجد نفسها أمام أعمال فنية تتميز بفلسفة خاصة ورؤية ورسالة إنسانية ونظرية لا يفهمها العامة، إضافة إلى ذلك سياسة الدولة غير العادلة، فضلاً عن العائق الفكري الذي ينتقد فكرة العمل على جسد المرأة "يتهمونني بكوني معقدة وفي صراع مع جسدي ضمن نظرة سطحية لا تفهم ما أريد إبلاغه وإيصاله، علاوةً على إقحام ما أقوم به في المجال الديني، أتفهم أن مسألة تعري الجسد ليس حرية مطلقة حتى في البلدان الغربية لكن فنياً لديه قيمته ورسالته".

وعن واقع الخزافة في تونس، ترى أنه صعب في ظل التغيرات الحاصلة في تونس لكن طموحات النساء والفنانات بصفة عامة ومساعيهن لتطوير أنفسهن هي الحافز نحو النجاح.

وعن طموحاتها تقول "هدفي هو أن أصبح خزافة معروفة على الصعيد العالمي وليس فقط المحلي، ومناقشة رسالة الدكتوراه للتدريس في الجامعة، لأنه لدي نظرية خاصة تتجلى في أن يكون فني والطريقة التي اعتمدها مادة تدرس في المؤسسات التعليمية وذلك لترسيخ ثقافة حقوق النساء ونبذ العنف والتمييز واللامساواة".

وبمناسبة  اليوم الوطني للمرأة التونسية، دعت النساء إلى التوحد لمحاربة النظرة الذكورية وتجاوز عقلية الأنظمة الأبوية المعرقلة للنساء، مؤكدةً أن الرجل لا يتقبل نجاحات النساء، لهذا فإن توحدهن حول هدفهن سيكون الحاجز أمام تلك النظرة المستفزة.